التعاون، القوة الأعظم التي تمتلكها البشرية لمواجهة التحديات والمخاطر التي تتربص بالإنسان، وأهمها ظاهرة التغيّر المناخي، التي يجمع خبراء البيئة أنه في حال عدم التعامل مع مسبباتها بجدية، فإن العواقب ستكون وخيمة، وما شهدناه من ارتفاع في درجات الحرارة إلى حدود غير مسبوقة، والفيضانات التي ضربت بعض الدول، والنيران التي التهمت الأخضر واليابس في أخرى، ليست سوى البداية في قصة بطلها دول غلّبت مصلحتها الاقتصادية على حياة الملايين من البشر.
هذه الحقيقة تحمّل «كوب 28» الذي يفصل الإمارات 61 يوماً عن تنظيمه واستضافة العالم في عصف ذهني لمواجهة تداعيات تغير المناخ، مسؤولية مضاعفة لتجاوز أصعب التحديات التي تشهدها البشرية من خلال تكاتف الجميع وتضافر جهودهم، حيث الحاجة الملحّة للتوافق على خطة عمل طموحة لموضوع التخفيف من الانبعاثات، واعتماد إطار شامل وحاسم للهدف العالمي بشأن التكيف، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار وآليات تمويله، والتوافق على منهجية عادلة ومنصفة لوسائل التنفيذ.
من الواضح أن العالم بعيد عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف اتفاق باريس، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وزيادة درجة الحرارة في هذا القرن إلى درجتين مئويتين، مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة، وهو ما تسعى خطة عمل «كوب 28» إلى تصحيحه وتحويل طموحات الاتفاق إلى نتائج عملية وملموسة، من خلال تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة، والمحافظة على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
العالم مطالب بخفض 22 مليار طن من الانبعاثات بحلول عام 2030 لتحقيق هذا الهدف، والتوقعات تشير إلى نمو الطلب على الطاقة بنحو 25 في المئة بحلول عام 2045، وعليه، فإن خيار الاعتماد على الطاقة النظيفة يعتبر أحد الحلول العملية التي من شأنها الحد من تداعيات تغيّر المناخ، إلا أن ذلك لن يكون ممكناً في حال لم يتم التوافق بين الجميع، وهنا يأتي دور الإمارات التي تقدم نموذجاً حياً لتسريع عملية التغيير والاتجاه نحو الطاقة المتجددة، والمُضي قدماً في هذا المجال، ومد يد العون للدول الساعية إلى الاستفادة من خبراتها في هذا المجال.
الإمارات ماضية إلى حين انعقاد المؤتمر من خلال رئاسة «كوب 28» إلى تكريس التوافق بين الأطراف كافة، وتطبيق نهج مدّ جسور التواصل مع المجتمع الدولي، لتعزيز التعاون والعمل الجماعي وتحقيق التقدم المنشود في العمل المناخي العالمي، لضمان النمو المستدام للأجيال، الحالية والقادمة.