هل تنسحب الثقافة الفرنسية من النيجر؟

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

تنسحب فرنسا من إفريقيا سياسياً، وعسكرياً، ولكن هل تنسحب الثقافة الفرانكفونية العالمية من القارة السمراء؟

يتبادر للكثيرين مثل هذا السؤال اليوم بعد مغادرة السفير الفرنسي النيجر، والعودة إلى بلاده «.. حزيناً لأنه أحب البلد الذي عمل فيه لسنوات..»، كما قال للصحافة لدى وصوله باريس، لكن (الحب) أيضاً فيه شيء من الذاكرة والثقافة، ثم على أي أسس يقوم مثل هذا (الحب) الذي ينبع أصلاً من رجل ينتمي إلى دولة مركزية في الثقافة الأوروبية الغربية عموماً، والمركزية، هنا، لها أكثر من معنى.. من بينها الثقافة نفسها بوصفها شكلاً من أشكال الهيمنة والسيطرة.

بقيت لفرنسا حوالي خمس قواعد عسكرية فقط في إفريقيا كلها، ولكن، كم من (القواعد) ومراكز الدراسات والبحوث والاستقصاءات الميدانية والمدارس، والجامعات بقيت في إفريقيا وكلها تقوم على ثقافة فرنسية مركزية.

الانسحابات العسكرية والسياسية عادة بطيئة وذات آليات مادية مباشرة،.. كل ما هناك، أسطول طائرات أو بارجات بحرية أو ناقلات برية تحمل الجنود والمعدات وتعود بها فوراً إلى بلد المركز، ولنقل المركز الاستعماري على الرغم من ثقل هذا الوصف، ولكن نقل الثقافة فعل بطيء،.. الثقافة لا تحمل في طائرة بالسرعة التي عاد بها السفير الفرنسي إلى باريس، الثقافة فعل تراكمي، وفي حالة إفريقيا وفرنسا تحمل الثقافة تراكمات ومرجعيات اللغة بشكل خاص، وعند اللغة بالذات، لا ينسى الفرنسيون أن الكثير من الكتاب والشعراء والروائيين الأفارقة يكتبون بالفرنسية.. وبالطبع البعض يكتب الإنجليزية.

تاريخ جائزة نوبل للأدب بوصفه مؤشراً على الذاكرة الفرنسية لدى الأفارقة يقول إن اثنين من جنوب إفريقيا، وثالث من نيجيريا، حازوا على نوبل للأدب من خلفية ثقافية فرنسية بوجه عام: النيجيري، وول سوينكا حصل على نوبل للأدب في العام 1986، وهو أول إفريقي يحصل على الجائزة العالمية، ثم فازت الكاتبة الجنوب إفريقية (نادين غورديمر) بالجائزة في العام 1991، وفي العام 2003، فاز الجنوب إفريقي أيضاً جون ماكسويل كوتزري بنوبل.

ينتمي الإفريقي إلى جذوره عادة، ربما، أكثر من أي عرق آخر، حين يجد نفسه في منطقة الذاكرة والتاريخ، يحب سمرته وألوانه وصخبه الموسيقي اليومي، ويأكل ويتزوج ويحصل على أعلى الدرجات في الجامعات بإفريقيا.. قارته الحارة الحيوية، ولكن مع ذلك يبقى داخله الثقافي حيزاً وجودياً، شاء أم أبى لثقافة غربية، حداثية، فرنسية على وجه خاص.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc7vcx87

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"