تأشيرة دخول إلى فرنسا

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

كان أمين معلوف في أوائل الخمسينات من عمره، حين أجرى معه شاكر نوري حواراً مطولاً في إطار مجموعة حوارات أجراها أيضاً مع 30 كاتباً فرانكفونياً في أثناء إقامته في باريس، وغطت هذه الحوارات المهمة الفترة من 1977- وحتى العام 2004.

نتفاجأ في حوار نوري مع صاحب «حدائق النور» بأن تأثره الثقافي أو الأدبي لم يكن من الروائيين العرب، بل جاء من الشعر العربي، ولم يقرأ معلوف نجيب محفوظ إلا متأخراً كما قال «جاءت بعد وقت طويل»، أما روايته «صخرة طانيوس» التي ربما كانت عتبته الذهبية إلى دخول عالم الرواية بتوقيع ذهبي أيضاً «أمين معلوف»، فقال إنه كتبها في غضون 16 شهراً «.. بمعدل سبع ساعات في اليوم»، وحازت على جائزة غونكور.

في هذا الحوار سأظل مشدوداً إلى علاقة أمين معلوف بالشعر، وهو يقول إنه تربى في بيئة ثقافية طابعها الأسي هو الشعر، ولكنه يقول إنه لم يكتب الشعر.. «.. هكذا كان الطابع الأسي لوالدي هو الشعر، وكل الوسط العائلي أيضاً..».

وسوف أتوقف هنا عند نقطتين انطلاقاً من علاقة أمين معلوف البيئية الثقافية بالشعر.. النقطة الأولى أن اللبنانيين عموماً النخبة المثقفة منهم والوسط الاجتماعي الشعبي هم شعب شعر، الفصيح منه والمحكي باللهجة العامية اللبنانية، والصحافة اللبنانية الثقافية حتى السياسية يجري على ورقها ماء الشعر: غسان تويني، أنسي الحاج، شوقي أبي شقرا، سمير عطا الله،عباس بيضون، شوقي بزيع، جوزيف حرب، الأخوان رحباني، فيروز، بل بيروت كلها، بل لبنان كله شعر في شعر، ومرة كتبت أن العراقي إذا نفض طرف ثيابه يتساقط منها شعر.

من حسن حظ أمين معلوف أن ليلة القدر كانت بالنسبة إليه ليلة قراره الانتقال الوجودي والمعنوي إلى بلد الحياة والنور، ولو بقي في لبنان، مستكيناً وخاضعاً لشروط وإملاءات «الوطن والسياسة» لما كان على ما هو عليه في هذه اللحظة العالمية.. الرأس الأبدي للأكاديمية الفرنسية الأكثر عراقة ليس في فرنسا وحدها، بل، في أوروبا كلها.. لا أدري لماذا أشعر في هذه اللحظة الثقافية بأنني لبناني، بل، أشعر بأنني عربي مرفوع الرأس، وبأنني إذا زرت فرنسا ذات يوم بلا تأشيرة دخول.. فإن دخولي الرمزي إلى العالم سيكون بختم أمين معلوف، لمجرد أن هويتي عربية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2vpzc2hu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"