أغلقت أسهم شركة العقارات الصينية العملاقة «إيفرغراند» على ارتفاع 28% لدى إغلاق بورصة هونغ كونغ، مع استئناف تداولها، الثلاثاء، بعدما علّق الأسبوع الماضي عقب إعلان الشركة المُثقلة بالديون أن رئيسها يخضع لتحقيق جنائي.
وتحولت الشركة العملاقة إلى رمز للأزمة الحادة التي يعانيها القطاع العقاري في الصين، حيث يسهم بشكل كبير في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بينما يخشى كثيرون من أنه قد ينعكس على الوضع الاقتصادي الدولي.
والخميس الماضي، قالت «إيفرغراند»: «إن رئيسها شو جيايين مشتبه في «انتهاكه القانون»، بعد تقارير عن احتجازه من قبل الشرطة». وفي اليوم نفسه، علّق تداول أسهم الشركة في بورصة هونغ كونغ.
وبعد استئناف عمليات التداول بأسهم «إيفرغراند»، الثلاثاء، قفزت الأسعار في البداية أكثر من 60 في المئة قبل أن تغلق عند 28 في المئة في بورصة هونغ كونغ.
وقال الباحث لدى «فورسايث بار آسيا ويلر تشن» لوكالة بلومبرغ: «يبدو أن المكاسب تغذيها أموال المضاربة».
وقدّرت «إيفرغراند» ديونها في نهاية يونيو/حزيران بـ 328 مليار دولار.
وأعلنت الشركة الشهر الماضي، أنها غير قادرة على إصدار سندات جديدة فيما تخضع «مجموعة هينغدا العقارية» التابعة لها إلى تحقيق. وأُرجئت اجتماعات مهمة كانت مقررة لإعادة هيكلة الدين.
وقالت: «إن من الضروري إعادة تقييم بنود الخطة لتتناسب مع الوضع الموضوعي وطلب الدائنين».
- اعتقال مسؤولين
وعجزت الذراع العقارية للشركة هذا الأسبوع عن تسديد استحقاق رئيسي. وأفاد موقع «كايشين» المالي الصيني عن اعتقال مسؤولين تنفيذيين سابقين من الشركة.
وبالنظر إلى تقلب وضع أزمة «إيفرغراند» وسوق العقارات الذي يمثل ثلث النشاط الاقتصادي للبلد، قال ستيفن إينيس من «إس بي آي آسيت مانجمنت»: «إنه لا يستطيع أن يرى الصين جالسة تراقب سوق العقارات ينهار».
وأضاف في تصريحات لوكالة «فرانس برس»: «هذا الاعتماد الكبير على القطاع العقاري يثير مخاوف بشأن تأثيره المحتمل في مختلف القطاعات ذات الصلة، بدءاً من مواد البناء مثل الصلب والأسمنت إلى الأجهزة المنزلية والسلع الاستهلاكية الأخرى».
وتابع: «أي اضطرابات أو انكماش في سوق العقارات يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى على هذه القطاعات المتحالفة».
- قيود على القطاع
يعد قطاع العقارات محركاً رئيسياً للنمو ويسهم إلى جانب البناء في نحو ربع إجمالي الناتج الداخلي، علماً بأنه شهد ازدهاراً كبيراً في العقود الأخيرة.
لكن بكين اعتبرت أن الديون الهائلة التي راكمتها الشركات الأكثر تأثيراً في القطاع تشكّل خطراً غير مقبول على النظام المالي وصحة الاقتصاد بالمجمل.
وقيّدت السلطات تدريجياً إمكانية وصول المطوّرين إلى القروض منذ عام 2020، وهو قرار أعقبه تخلف عدد من الشركات عن السداد على رأسها «إيفرغراند».
وفي العقود الأخيرة، شهد قطاع العقارات في الصين نمواً سريعاً أتاح للمطوّرين بيع عقاراتهم حتى قبل إنجاز عملية بنائها ما مكّنهم من تمويل مشاريع أخرى.
لكن ديون المجموعات العقارية وصلت إلى مستويات دفعت بالسلطات إلى وضع حد لتوسّع هذه الشركات اعتباراً من عام 2020.
ومنذ ذلك الحين، تراجع إمكان الحصول على الائتمان بشكل كبير بالنسبة إلى هذه المجموعات ولم يعد في وسع بعضها إكمال مشاريعه، ما فاقم أزمة الثقة لدى المشترين المحتملين وأدى إلى انخفاض الأسعار.
وفي الأشهر الأخيرة، أثّرت هذه الأزمة غير المسبوقة في شركة كبيرة أخرى في هذا القطاع هي «كانتري غاردن» التي كانت معروفة بمتانتها المالية.
وكان شو جيايين في عام 2017 أغنى رجل في آسيا، بحيث قُدّرت ثروته حينها بـ45.3 مليار دولار.
لكن منذ الانتكاسات التي تعرّضت لها مجموعته، تراجعت ثروته بشكل كبير لتصل إلى 4.3 مليار دولار في عام 2022، بحسب تصنيف «هورون» لأصحاب المليارات. ( أ.ف.ب)