حوار: مها عادل
يزخر أسبوع دبي للتصميم، بتنوع كبير في المشاريع الرائدة التي تبارى المشاركون من مختلف الأعمار والجنسيات في تجسيد أفكارهم وطموحاتهم لمستقبلهم ومستقبل أوطانهم من خلال رسالة لتغيير حياة البشر للأفضل عبر قيم الاستدامة والحفاظ على البيئة، ومن المشاريع التي ذاع صيتها، ولفتت الأنظار مشروع «النخيل» من تنفيذ المهندس والمصمم معماري الإماراتي عبدالله الملا.
يقول عبدالله الملا: «بدأت فكرة المشروع من رغبتي في تنفيذ فكرة مستدامة من وحي الماضي، حيث كان الأجداد يستخدمون شجرة النخيل في منافع كثيرة، مثل بناء البيوت والعمارة والأثاث وأيضاً في الطهي والوقود، وأعجبتني فكرة أن شجرة واحدة لها استخدامات متعددة ومنتجات كثيرة، فهي عنصر مستدام موجود في ثقافتنا وتراثنا».
وتابع: «انطلق المشروع من البحث عن إعادة استخدام هذا العنصر بطريقة حديثة، ونفذت جناحاً كاملاً، الأرضية والأعمدة مكونة من 12 نخلة، والسقف من «السرود» المصنوعة من السعف، وهو ما يشبه السلال التي تستخدم مائدة للطعام، 90% من المواد المستخدمة مصنوعة من خامات النخيل، ما يؤكد فكرة أننا يمكن من شجرة واحدة أن نستغني عن أشياء كثيرة من مواد البناء مثل الزجاج والألومنيوم والأسمنت، فبذلك يمكن أن نعيد شيئاً من حضارتنا بطريقة مستدامة».وأضاف: إن «النخيل جزء من بيئتنا الطبيعية وهي تحقق لنا ليس فقط الاستدامة من ناحية الموارد، وإنما الراحة البصرية والنفسية، فأعيننا معتادة عليه، ويبعث على الاسترخاء والجمال لمن يراه، فهو عنصر جمالي يضاف لحياتنا بديلاً للحديد والأسمنت وغيرهما من المواد الصلبة الخالية من الحياة»، مؤكداً أن «تنفيذ وانتشار هذا المشروع في الأماكن العامة، سيوفر فرص عمل عديدة وقليلة الكلفة، خصوصاً أن العمالة التي تتقن التعامل مع هذه الخامات موجودة في مجتمعنا بوفرة منذ أجيال».
ويوضح عبدالله الملا أن «الإماراتيات صقلن خبرة الصناعات اليدوية بخامات النخيل من جيل إلى آخر، ونحن نعتمد على شراء الخامات من منتجات السوق المحلية دون الحاجة للاستيراد، ما يجعل التصميمات التي نقدمها تتمتع بالاستدامة والأصالة وسهولة التنفيذ، كما يمكن أن ينفذها أي شخص في بيته، لأنه سيعتمد على مواد من السوق المحلية، ومن المنتجات المحلية، ما يشجع الأيدي العاملة المحلية بالطبع».وأشار إلى أنه «منذ بداية أسبوع دبي للتصميم، سألني العشرات عن كيفية الحصول على هذه المنتجات المستخدمة في التصميم، وهذا مهم، لأن التصميم والمنتجات والأيدي العاملة والثقافة كلها إماراتية، وتنتمي للبيئة المحلية والمجتمع المحلي، كما أن كلفة خدمة ما بعد الإنتاج والصيانة قليلة». وعن التقاء الهندسة مع الفن في هذا العمل يقول عبدالله: «ساعدتني الهندسة كثيراً في توظيف الخامات أفضل في ما يخص التصميم، وفي ما يخص استخدام النخيل في البناء، وقد استخدمت برامج الكمبيوتر لحساب توزيع الثقل وعدد الأعمدة المستخدمة من الجذوع وقدر الأحمال التي يمكنها أن تناسبها ونوعية «السرود» في السقف، فقد استخدمنا 12 جذعاً لتكون أعمدة حاملة، وأكثر من 700 قطعة «سرود» للسقف، وقد اخترنا الشكل الدائري للتصميم الذي يتناسب مع مساحة الموقع الذي خصص لنا في أسبوع دبي للتصميم».
- العمر الافتراضي
يؤكد عبدالله الملا أن «إلى جانب الاستدامة وتكلفة التصنيع، توجد حسابات لمدى العمر الافتراضي للقطعة، أي قدرة المواد المستخدمة على الصمود لفترة طويلة، وفي كل هذه الأمور يحقق النخيل فائدة كبيرة من جميع النواحي، ولم تتوقف فوائد المشروع عند حدود الخامات واقتصادية التصنيع، وإنما تعدينا إلى الاستفادة من الحرف اليدوية التقليدية، وتشجيعها ضمن المشروع، فعلى سبيل المثال، تعاونت مع طاهية لتعمل منتجات غذائية يكون «التمر» مكوناً أساسياً فيها، إلى جانب الاستعانة بالسيدات اللائي نسجن السرود يدوياً، ما يضيف إلى عنصر الاستدامة، وتوظيف البيئة المحلية الذي نسعى لتأكيده».