أكد مسؤولون ومتخصصون في قطاع النقل والطيران ضرورة إيجاد حل تعاوني مشترك وإطار عمل عالمي، حول سبل التحول نحو إنتاج وقود طيران مستدام، يلبي طموحات دول العالم في تعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة، وخفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطيران.
وقال الخبراء خلال أعمال المؤتمر الثالث لمنظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، بشأن الطيران وأنواع الوقود البديل في دبي، إن العالم يتطلع إلى النسخة الثالثة والحالية التي تستضيفها دولة الإمارات، وتأتي مباشرة بعد قرار الجمعية العمومية 41 لعام 2022 لمنظمة (الإيكاو) المتعلقة بهدف الحياد المناخي 2050، لإحداث توافق دولي بشأن ضرورة الاستثمار في تطوير، وإنتاج الوقود البديل منخفض الكربون للطائرات.
وأكد جوشوا ساكو، نائب وزير النقل وتطوير البنية التحتية في زيمبابوي، اهتمام بلاده باستدامة قطاع الطيران والحاجة إلى استخدام الوقود البديل، منوهاً بأن إفريقيا تثبت أنها تُسهم أيضاً في إنتاج ذلك الوقود، عبر تطوير تقنيات إنتاجه، من أجل أن تصبح الدول الإفريقية ومنها زيمبابوي، لاعباً فاعلاً في إنتاج هذا الوقود.
وأوضح خالد الشرقاوي، وكيل وزارة النقل واللوجيستيك بالمغرب، أن اجتماع ممثلي قطاع الطيران، يعدّ فرصة مهمة للمختصين والمعنيين بالقطاع من أجل وضع الحلول المثالية لملف تقليل الانبعاثات الكربونية، ووضع حلول عملية من أجل تطوير الوقود البديل، مؤكداً أن الإمارات تُعد من البلدان المنتجة للطاقة النظيفة ولديها تجربة ثرية في هذا المجال.
- الإمارات سباقة
وقال المهندس فادي الحسن، مدير عام الطيران المدني في لبنان، إن الإمارات تعتبر من الدول السباقة في قطاع النقل والطيران، مشيراً إلى أن الوزراء المسؤولين عن الطيران في الدول العربية أجمعوا خلال اجتماعهم علي تحفيز استخدام الطاقة البديلة، وبحث الآلية السليمة لخفض انبعاثات الكربون قدر المستطاع لحماية البيئة.
وثمن كابتن صالح سليم بن نهيد الرئيس، رئيس الهيئة العامة للطيران المدني في اليمن، دور الإمارات في تطوير تقنيات قطاع الطيران، ليس على المستوي العربي فقط وإنما العالمي أيضا، مشيراً إلى أن الإمارات تمثل الصوت العربي في تحديد مستقبل الطاقة البديلة، والتكيف مع تحدي المناخ الذي يواجه المنطقة العربية؛ لما له من تأثيرات متعددة على النواحى المختلفة.
فيما أكد سانتياغو أويونو أفوغو، المدير العام للبنية التحتية للطيران في وزارة الطيران المدني في غينيا الاستوائية، أنه يسعى من خلال مشاركته للتأكيد على جهود بلاده في مجال الوقود البديل، لافتاً إلى أن غينيا الاستوائية أحرزت تقدماً كبيراً لانضمامها طوعاً إلى خطة كورسيا لتعويض وخفض الكربون للطيران الدولي، وقال: «قمنا بتنظيم عدد من الندوات على مستوى الدولة؛ من أجل تقصي وبحث وتبادل الحلول، وكانت النتائج إيجابية للغاية، ونأمل أن تنضم جميع البلدان لمنع تخلف أي بلد عن الركب ومواجهة التغير المناخي».
- دون المطلوب
وقال خالد العيسوي، مدير منطقة الخليج والشرق الأدنى في الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا»، إن إنتاج وقود الطيران المستدام حالياً، يمثل أقل من 1% من المطلوب في القطاع، رغم تسارع وتيرة الإنتاج، إذ تضاعف الإنتاج والاستخدام، خلال العام 2023، بأكثر من 3 أضعاف العام الماضي، ما أدى إلى دخول استثمارات كبيرة للمجال، والتزام شركات الطيران بشراء الكميات المتوفرة في السوق.
وأكد العيسوي، أن نمو إنتاج وقود الطيران المستدام يحتاج إلى دعم حكومي، وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، والاستثمار في الكوادر البشرية، لافتاً إلى أن المستويات المتوفرة من وقود الطيران المستدام حالياً، لا تدعم التوجهات المطلوبة، فالإنتاج غير قادر على تلبية الطلب والأسعار مرتفعة.
وأضاف أن الأمر المبشر حتى الآن هو وجود توافق من قبل اللاعبين الأساسيين في هذا المجال، سواء شركات الطيران أو الجهات الحكومية، أو الجهات المنتجة، وبالتالي يمكن أن يقود ذلك إلى التوصيات المطلوبة. وحول احتياجات قطاع الطيران للوصول إلى هدف صفر انبعاثات في 2050، قال إن الكمية المطلوبة حينها ستكون نحو 500 مليون طن.
- الوقود البديل
وأكد العيسوي، أهمية المؤتمر الثالث لمنظمة «إيكاو» بشأن الطيران والوقود البديل، لا سيما مع التركيز على وقود الطيران المستدام الذي يمثل الركيزة الأساسية في وصول قطاع الطيران إلى هدف الانبعاث الصفري، عام 2050، مشيراً إلى أن الطريق إلى الانبعاث الصفري يعتمد بنسبة تتجاوز 65% على الوقود البديل. وإن العالم يتطلع إلى نتائج المؤتمر، معرباً عن أمله بالتوصل إلى توصيات تحقق الهدف المنشود الذي يعتمد على زيادة مستويات إنتاج وقود الطيران المستدام.
ونوّه بأن حركة السفر حول العالم استعادت أكثر من 97% من مستوى السفر ما قبل الجائحة، فيما تزيد عن ذلك وتقترب من 100% في منطقة الشرق الأوسط، حتى أن بعض دول المنطقة تجاوزت مستويات 2019، متوقعاً استمرار مسار النمو في حركة السفر، خلال العام المقبل، وفيما يخص الإمارات، أشار إلى أنها تعدت ما قبل الجائحة بنسب كبيرة. وحول أرباح شركات الطيران في العالم والمنطقة، رأى أن الأرباح ستكون إيجابية خلال العام الجاري على المستوى العالمي، فالتعافي كان سريعاً في معظم الأسواق، فيما كانت الأرباح محدودة العام الماضي.
وأكدت سينديسيوي ليديا تشيكونجا، وزيرة النقل في جنوب إفريقيا، أن اجتماع وزراء الطيران والنقل حول العالم، والذي تستضيفه دولة الإمارات في دبي، يعتبر فرصة مثالية لمناقشة تداعيات قضايا التغيير المناخي، داعية الدول المنضمة إلى منظمة الطيران المدني، إلى وضع حلول جذرية والتعاون الدولي المشترك للحفاظ على البيئة وخفض الانبعاثات.
- خفض الانبعاثات
أكد المهندس نايف بن علي العبري، رئيس هيئة الطيران المدني في سلطنة عمان، أن الهيئة دخلت في شراكات مع العديد من المؤسسات الفاعلة في قطاع الطاقة، لبدء مباحثات حول أنواع الوقود البديل والمستدام، مؤكداً تطلع الهيئة لاتخاذ خطوات فاعلة في مجال استخدام هذه الأنواع، والتي قد تدخل حيز التجريب في بعض الرحلات خلال العام المقبل.
وقال، إن الهيئة تواصل تقدمها في تنفيذ خطة طويلة الأمد لخفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطيران، وإنها أجرت دراسات في هذا الصدد لتحديد الفجوات، والعمل مع الناقلات الوطنية والإقليمية لتحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى رفع الكفاءة التشغيلية للناقلات الوطنية، عبر إعادة رسم المسارات في أجواء السلطنة، ما سيُسهم في تحقيق نقلة نوعية في هذا الجانب.
وأشار إلى أن منتدى الابتكار في وقود الطيران البديل والمستدام، الذي عقد مؤخراً، جمع توصيات أكثر من 200 مشارك تصبّ في مخرجات مؤتمر «CAAF/3»، وأن سلطنة عمان شاركت في المؤتمر بثلاث أوراق عمل بجانب شقيقاتها من الدول العربية الأخرى، ما سيُسهم في ترسيخ ريادة المنطقة في مجال حماية بيئة الطيران.
ولفت إلى الدور الريادي الذي تلعبه دولة الإمارات في جهود خفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطيران، خصوصاً أنها سباقة في تنظيم واستضافة أهم المحافل العالمية في هذا المجال، موضحاً أن الإمارات وسلطنة عمان تتشاركان الكثير من الطروحات والتوصيات انطلاقاً من تشابه الرؤى والطموحات بين البلدين.
وأشار إلى أهمية انعقاد المؤتمر قبل أيام من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي «COP28»، وقال إنه يؤكد فاعلية الحراك في المنطقة، التي تلعب دوراً فاعلاً في قطاع الطيران وتضمّ أساطيل كبيرة من الطائرات.