الشارقة: عائشة خمبول الظهوري
الطب في العصور القديمة يعد مادة من الخيال العلمي، باستخدام سلسلة من الأدوية التي من الممكن أن تنهي حياة الفرد بدلاً من شفائه، وتنوعت تلك العلاجات باختلاف المناطق والتنقيات المستخدمة؛ إذ إن الطب آنذاك لم يكن متطوراً، كما أن الطرق المتبعة لم تكن صحية وفي بعض الأحيان تدلي بنتائج مرعبة.
لآلاف السنين، تمسك الممارسون الطبيون بالاعتقاد بأن المرض كان مجرد نتيجة لقليل من الدم الفاسد، من المحتمل أن إراقة الدماء بدأت مع السومريين والمصريين القدماء، لكنها لم تصبح ممارسة شائعة حتى عصر اليونان الكلاسيكية وروما، وغالباً ما كان يشخص المرضى الذين يعانون الحمى أو الأمراض الأخرى بفرط الدم، ولاستعادة الانسجام الجسدي يقوم طبيبهم ببساطة بقطع الوريد وتصريف بعض سوائلهم الحيوية في وعاء، وفي بعض الحالات تم استخدام العلق لامتصاص الدم مباشرة من الجلد.
ويشتهر الزئبق بخصائصه السامة، لكنه كان يستخدم في السابق كإكسير شائع ودواء موضعي، كما اعتبره الفرس واليونانيون القدماء مرهماً مفيداً، وكان الكيميائيون الصينيون في القرن الثاني يقدرون الزئبق السائل، أو «الفضة السريعة» لقدرته المفترضة على زيادة العمر والحيوية، حتى أن بعض المعالجين وعدوا بأنه من خلال تناول مشروبات ضارة تحتوي على الزئبق السام والكبريت والزرنيخ، سيحصل مرضاهم على الحياة الأبدية والقدرة على المشي على الماء، وكان من أشهر ضحايا هذا النظام الغذائي الإمبراطور الصيني تشين شي هوانغ، الذي من المفترض أنه توفي بعد تناول حبوب الزئبق المصممة لجعله خالداً.
وهناك «طب الجثث»، وهو ممارسة شائعة بشكل مثير للقلق لمئات السنين؛ إذ اعتقد الرومان بأن دماء المصارعين الذين سقطوا يمكن أن تعالج الصرع، وكانت الصيدليات في القرن الثاني عشر معروفة باحتفاظها بمخزون من «مسحوق المومياء»، وهو مستخلص مروع مصنوع من المومياوات المطحونة المنهوبة من مصر، وفي الوقت نفسه، في إنجلترا في القرن السابع عشر، كان الملك تشارلز الثاني معروفاً باستمتاعه بجرعة من «قطرات الملك»، وهو مشروب مصنوع من جمجمة بشرية مفتتة وكحول.
وكان لدى المصريين القدماء نظام طبي جيد التنظيم بشكل ملحوظ، ومكتمل بأطباء متخصصين في علاج أمراض معينة ومع ذلك، فإن العلاجات التي وصفوها لم تكن دائماً ترقى إلى المستوى المطلوب؛ إذ تم استخدام دم السحلية والفئران الميتة والطين والخبز المتعفن كمراهم وضمادات موضعية.
