إعداد: مصطفى الزعبي
هل يمكنك أن تتذكر وقتاً شعرت فيه بالتوتر قبل حدث كبير في حياتك، ثم شعرت بعد ذلك، كأن أحد الأثقال قد تم رفعه؟ تُظهر هذه العملية «تكثيف الاستجابة للضغط النفسي، ومن ثم الشعور بالاستقرار مرة أخرى» اكتمال «دورة التوتر». بعض الضغوط في الحياة اليومية أمر لا مفر منه، ويزيد التوتر المزمن من أمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسكري، ويمكن أن يؤدي إلى الإرهاق، أو الاكتئاب، في الوقت الذي تساعد الأنشطة الرياضية، والمعرفية، والإبداعية، والاجتماعية، والتهدئة الذاتية، على معالجة التوتر بطرق صحية وإكمال دورة التوتر.
يشير العلماء والباحثون إلى «الاستجابة للضغط النفسي»، ومع التركيز غالباً على ردود فعل القتال، أو الهروب، أصبحت «دورة الإجهاد» شائعة بين خبراء المساعدة الذاتية، ولكن لها أساس علمي.
ودورة التوتر استجابة جسمنا لحدث مرهق، سواء كان حقيقياً أو متصوراً، جسدياً أو نفسياً، مثل مطاردة كلب شرس، أو امتحان قادم، أو محادثة صعبة، وتتكون دورة التوتر من ثلاث مراحل، هي إدراك التهديد، واستجابة القتال أو الطيران، مدفوعة بهرمونات التوتر، وهي: الأدرينالين والكورتيزول، والراحة، بما في ذلك الراحة الفسيولوجية والنفسية، وهذا يكمل دورة التوتر.
ويستجيب الأشخاص للتوتر بشكل مختلف بناءً على تجاربهم الحياتية، وعلم الوراثة.
ويعاني العديد من الأشخاص ضغوطاً متعددة ومستمرة خارجة عن سيطرتهم، بما في ذلك أزمة كلفة المعيشة، والظواهر الجوية المتطرفة، والعنف المنزلي.
ويمكن أن يؤدي البقاء في المرحلة الثانية (استجابة الطيران) إلى إجهاد مزمن، وارتفاع الكورتيزول، ما يؤدي إلى زيادة الالتهاب، وإتلاف الدماغ، والأعضاء الأخرى.
وفي الدماغ، يمكن أن يؤدي ارتفاع الكورتيزول المزمن إلى تقليص الحصين (المنطقة المتعلقة بالذاكرة لدى الإنسان)، وهذا يمكن أن يضعف ذاكرة الشخص، وقدرته على التفكير، والتركيز.
ويؤدي ارتفاع الكورتيزول المزمن أيضاً إلى تقليل النشاط في قشرة الفص الجبهي، ولكنه يزيد من النشاط في اللوزة الدماغية (أحد أجزاء الدماغ، شكلها يشبه حبة اللوز، وهي الجزء المسؤول عن الخوف، والعواطف المختلفة، والتحفيز).
وأشار الباحثون إلى وجود 5 طرق لإكمال «دورة التوتر» وتجنب الإرهاق أو الاكتئاب، وهي:
1 - ممارسة الرياضة:
عندما نمارس الرياضة نحصل على ارتفاع قصير المدى في الكورتيزول، يليه انخفاض صحي.
وتعمل التمارين على زيادة هرمون الإندورفين، والسيروتونين، ما يحسّن المزاج، ويسبب الإندورفين شعوراً بالابتهاج يُطلق عليه غالباً «نشوة العدّاء»، وله تأثيرات مضادة للالتهابات، ويتدفق المزيد من الدم إلى الدماغ، ويزداد النشاط في قشرة الفص الجبهي.
2 - الأنشطة المعرفية:
تقلل الأنشطة المعرفية من التفكير السلبي إلى تحفيز أو توسيع الاستجابة للضغط النفسي، ووجد الباحثون أن العلاقة بين التوتر والكورتيزول كانت أقوى لدى الذين لديهم تفكير أكثر سلبية، ويمكن أن يؤدي ارتفاع نشاط اللوزة الدماغية والتفكير الأقل عقلانية عندما تكون متوتراً إلى تفكير مشوه، مثل التركيز على السلبيات.
3 - الإبداع:
يمكن أن تكون الأنشطة الإبداعية فناً، أو حرفة، أو بستنة، أو طبخاً، أو أنشطة أخرى، مثل حل الألغاز أو ألعاب الخفة،أو الموسيقى، أو المسرح، أو الرقص، أو مجرد الاستغراق في عمل ممتع، ومثل هذه الأنشطة تزيد من نشاط قشرة الفص الجبهي وتعزز التدفق والتركيز. والتدفق هو حالة من المشاركة الكاملة في النشاط الذي تستمتع به، ويخفض مستويات التوتر العالية من النورادرينالين، في الدماغ.
4 - التواصل الاجتماعي:
التحدث مع شخص آخر، والمودة مع إنسان أو حيوان أليف، والضحك يمكن أن تزيد من الأوكسيتوسين، ما يزيد من الترابط الاجتماعي، ويجعلنا نشعر بالتواصل والأمان، إذ يُعد الضحك نشاطاً اجتماعياً ينشط أجزاء من الجهاز الحوفي، (وهو جزء من الدماغ يشارك في الاستجابات العاطفية والسلوكية)، ما يزيد من الاندورفين، والسيروتونين، ويحسن مزاجنا.
5 - تمارين التنفس:
تمارين التنفس والتأمل تحفز الجهاز العصبي السمبتاوي الذي يهدئ استجاباتنا للتوتر، حتى نتمكن من إعادة ضبطه عن طريق الأعصاب المبهمة، وتقليل الكورتيزول.