في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1970 توجه الأديب الياباني الشهير يوكيو ميشيما إلى قاعدة للجيش في طوكيو واختطف القائد، وأمره بأن يجمع الجنود، وخطب فيهم داعياً إياهم للتمرد على الحكومة، ووبّخهم بقسوة على الاستكانة والخنوع وطالبهم بأن يعيدوا للإمبراطور هيبته كإله حي وقائد قومي كما كان قبل الحرب، فكان الجنود منصتين في البداية من باب الذهول، ثم سرعان ما علت هتافات السخرية والاستهزاء حتى طغت على صوته، فانسحب إلى الداخل وقال: «أعتقد أن صوتي لم يصل إليهم»، ثم جثا على ركبتيه وانتحر على طريقة الساموراي ببقر بطنه، وعرفت الواقعة في التاريخ بـ «حادثة ميشيما».
يوكيو ميشيما هو الاسم الأدبي للكاتب الياباني كيميتاكي هيراوكا، الذي عاش ما بين سنة 1925 و 1970، وقد كان روائياً وشاعراً وكاتباً مسرحياً وممثلاً ومخرج أفلام، ولد لعائلة ثرية وتربى في بيت جدته صاحبة الجذور الأرستقراطية، ودرس القانون في جامعة طوكيو، ثم التحق بعد تخرجه بوزارة المالية عام 1947، ليستقيل بعد سنة واحدة ويتفرغ للكتابة، حيث رشح ثلاث مرات للحصول على جائزة نوبل في الأدب، فكان اسمه معروفاً على نطاق عالمي، ويعد من أشهر الكتاب اليابانيين في القرن العشرين، وقد مزجت أعماله الطليعية بين القيم الجمالية الحديثة والتقليدية محطمة الحواجز الثقافية، وكان الموت والتحول السياسي من أهم محاورها.
وقد صدم اليابانيون من حادثة انتحاره وانقسموا بين متعاطف وشامت، وفي عام 1988م، تم تأسيس جائزة ميشيما يوكيو الأدبية تكريماً له.
تم الكشف سنة 2017 عن تسجيل صوتي مدته 80 دقيقة في محطة تلفزيون TBS لميشيما يتحدث فيه عن إحساسه بقرب نهايته قبل تسعة شهور من انتحاره، ويحتوي الشريط على حوار له مع مترجم بريطاني يدعى جون بيستر، ويقول فيه ميشيما: «أشعر بأن الموت يتسرب إلى جسدي»، ويتنبأ بمحاولة الانقلاب الفاشلة قائلاً: «أشعر بالإحباط تجاه ما أصبحت عليه اليابان حالياً، ولا أجد لديّ طريقاً لتصحيح الأوضاع سوى بالكتابة»، وأضاف منتقداً كتاباته: «الخلل في أعمالي يكمن في أن الهياكل دراماتيكية بشكل كبير، فأنا أصيغ أعمالي مثل اللوحات الزيتية، أنا أكره الصور على الطريقة اليابانية، التي تترك مساحة فارغة».