تتزايد الأهمية الواضحة للوثائق؛ كونها مرجعاً تاريخياً مهماً يمكن الوثوق به والرجوع إليه. وإذا تطرقنا للأمر على المستوى العام، فهناك الكثير من المراكز الأرشيفية اليوم على مستوى الدولة تؤدي دورها المعتاد في موضوع الحفظ والجمع والتوثيق والإتاحة، وأيضاً في محاولة التماشي ومجاراة الذكاء الاصطناعي وعصر الرقمنة وغيرها من التقنيات الحديثة. ولكنني سوف أتطرق إلى الأرشيف الخاص؛ كونه ثروة قومية مهمة وله أهمية تاريخيّة وقد يغطي بعض الفترات والأزمنة التاريخية المفقودة في تاريخ الدول، كما قد يمهد لنا الطريق أو يكشف لنا وضعاً معيناً أو حدثاً أو حتى يتطرق إلى واقع مجتمعي معين.
الأرشيف الخاص هو الذي يوجد في ملكية الأشخاص أو حتى العائلات التي تملك مجموعة من الوثائق الأصلية الشخصية أو المهنية أو العلمية وتحتوي على معلومات تاريخيّة مهمة. وما يحدث أن البعض، ورغم وجود الكثير من القوانين التي تسنها الدولة وتلزم الأفراد بتسليم المواد للجهات المختصة، فإن البعض لا يفصح عن هذه الوثائق وقد يحفظها في ظروف غير صحية ولا تلائم المواد الأرشيفية، فتتعرض للإتلاف، وقد تتآكل بفعل الرطوبة والحرارة وطريقة التخزين في ظروف غير ملائمة، وبالتالي قد يضيع واحد من المصادر المهمة ودعامة وطنية كان بالإمكان الاعتماد عليها والاستفادة منها في حالة توافرها أو ربما تسليم نسخة منها للجهات المختصة.
لذلك، هناك صعوبة كبيرة في الحصول على هذا الأرشيف نظراً لعدم توثيقه أو عدم معرفة أماكن تواجده أو حتى من يملكه، وهذا الأمر بالفعل يعتبر كارثة تؤثر في هذا الأرشيف التاريخيّ المهم الذي يضيع بعضه أو كله بدون عناية، خاصة بسبب بعض العائلات التي لا تسمح بالاطلاع على أرشيفها وما تحتويه من وثائق.
في هذا الصدد، من المفيد لكل مالكي الأرشيف الخاص أن يهدوه لجهات رسمية مثل: الأرشيف والمكتبة الوطنية، ومركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، ودار الوثائق، حتى يمكنها حفظه والاستفادة منه عبر إتاحته للباحثين والمهتمين من أجل الحفاظ عليه، حتى نبعده عن أيدي البعض ممن يستغله للحصول عليه والمتاجرة به واستغلاله بسبب عدم الإدراك الكافي لقيمته.
ربما حان الوقت لمحاولة التواصل مع مالكي الأرشيفات الخاصة في جميع إمارات الدولة وتوعيتهم بكيفية العناية بأرشيفاتهم من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات العامة ودعمهم مادياً ومعنوياً وعرض أساليب وطرق الرقمنة الحديثة، بغرض حمايته وإتاحته عبر المنصات الرقمية حتى يمكن أن يستفاد منه مستقبلاً ونقله للأجيال القادمة للحفاظ على تاريخ الدولة.