تحقيق: محمد إبراهيم
مع اقتراب موعد إعلان نتائج الثانوية العامة، للعام الدراسي الجاري 2023-2024، تزداد حدة المنافسة بين الجامعات، لاستقطاب الطلاب، إذ تغازل كل جامعة الخريجين بالمنح والتسهيلات وتخفيضات الرسوم، وفق سيناريوهات متنوعة وإغراءات كبيرة.
وأكد عدد من الأكاديميين أن المنافسة بين الجامعات، تعد ظاهرة صحية في هذه الفترة، إذ إنها تساعد الطلبة في التعرف إلى نوعية الجامعات، والتحقق من البرامج الأكاديمية الجديدة المقدمة، وارتباطها بسوق العمل ومتطلبات الوظائف المستقبلية.
في وقت حذر عدد من التربويين من ظاهرة «سماسرة الجامعات» التي تتجدد سنوياً في هذا التوقيت، إذ يمثلها أشخاص أو جهات غير رسمية تدّعي قدرتها على مساعدة الطلاب في التقديم للجامعات أو الحصول على قبول في برامج دراسية محددة، مقابل مبالغ مالية.
عدد من الطلبة وأولياء الأمور، أكدوا أن التخصصات الجديدة تستحوذ على اهتمام معظم الطلبة، لاسيما التي تحاكي الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا والأمن السيبراني، حيث باتت منافساً قوياً لكليات القمة التي كانت تقتصر على الطب والهندسة.
«الخليج» ترصد الميدان التربوي بمختلف فئاته قبل إعلان نتائج الثانوية العام الجاري، للوقوف على اتجاهات الطلبة، والتعرف إلى أبعاد المنافسة بين الجامعات وأهم البرامج الأكاديمية التي تجذب الطلبة.
- رصد الميدان
البداية كانت مع رصد «الخليج» وضع الميدان التربوي، إذ ركزت جهود الجامعات على استقطاب الطلاب من خلال معارض وفعاليات تعريفية للطلاب وأولياء الأمور، تقدم من خلالها برامجها الأكاديمية ومرافقها وطاقمها التدريسي، فضلاً عن المنح الدراسية وبرامج مساعدة مالية للطلاب المتميزين والمحتاجين، إضافة إلى الترويج عبر الإنترنت وعبر مواقعها الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، والمشاركة في فعاليات توجيه الطلاب التي نظمتها المدارس مؤخراً.
في وقت تركز الجامعات على تطوير برامجها الأكاديمية وتحسين مرافقها وخدماتها لجذب الطلاب، كما تعمل على تعزيز علاقاتها مع الشركات والمؤسسات، لتوفير فرص عمل لخريجيها.
- عملية الاختيار
وفي وقفة مع أولياء الأمور: حازم علي، وحمد عبد الله، علياء آل علي، وميثاء ميراز، أكدوا أن عملية اختيار الجامعة المناسبة للأبناء تستند إلى 4 عوامل مختلفة، أبرزها سمعة الجامعة الأكاديمية، التي تتمتع بمكانة مرموقة وبرامج أكاديمية عالية الجودة، فضلاً عن موقع الجامعة، حيث يفضل اختيار الجامعات القريبة سواء في الداخل الإماراتي أو إحدى الدول الأخرى.
وأضافوا أن كلفة الدراسة تعد من أهم العوامل التي يضعها الطلاب في اعتبارهم عند اختيار الجامعة، فضلاً عن البرامج الأكاديمية المتاحة التي تستحوذ على اهتمام الأبناء، لاسيما التي تحاكي اهتماماتهم واحتياجاتهم المهنية، ومتطلبات الوظائف.
- وجهة نظر الطلبة
وفي محاولة للتعرف إلى اتجاهات الطلبة وأهم التخصصات جذباً من وجهة نظرهم، أكد كل من علي مهران، وسماح محمد، وشعلان عبد الله، وحمدة حمدان، أن التعليم العالي في الإمارات يشهد اهتماماً متزايداً بالتخصصات الجديدة التي تواكب احتياجات سوق العمل المستقبلية، وتطلعات الطلاب للدراسة الجامعية.
وقالوا إن أهم التخصصات جذباً للطلبة والتي تشكل المستقبل القادم، علوم الاستدامة التي تهدف إلى إعداد خريجين قادرين على المساهمة في جهود الاستدامة والتحول إلى اقتصاد أخضر، بما في ذلك مجالات الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الموارد، وإدارة النفايات، فضلاً عن التخصصات الرقمية التي تشمل مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني، وتطوير البرمجيات، إذ تتمتع هذه التخصصات بفرص عمل واعدة في ظل التحول الرقمي المتزايد. وأضافوا أن التخصصات الصحية «الطبية والتمريضية»، تستحوذ أيضاً على اهتمام شريحة طلابية كبيرة، نظراً لازدياد الطلب عليها، كما أنها تحظى بشعبية كبيرة بين الطلاب، خاصةً مع تزايد الاهتمام بالصحة العامة وطب الشيخوخة، فضلاً عن التخصصات الإبداعية، لاسيما أن الإمارات تولي اهتماماً كبيراَ بتنمية الاقتصاد الإبداعي، ما أدى إلى زيادة الطلب على التخصصات في مجالات مثل تصميم الجرافيك، وتصميم الأزياء، وصناعة الأفلام، وريادة الأعمال.
- الإرشاد الأكاديمي
وفي لقاء عدد من الأكاديميين، أكد كل من الدكتور إبراهيم الحربيلي، والدكتور وافي حاج ماجد، والدكتور كمال فرحات، والدكتور سيد بخيت، أهمية الإرشاد الأكاديمي للطلاب في تلك الفترة، إذ تحمل العديد من الفوائد، تشمل فهم قدراتهم وميولهم، حيث يُساعد المرشد الأكاديمي الطالب على اكتشاف قدراته وميوله، مّا يُساعده على اختيار تخصصٍ جامعيٍ يتوافق مع مهاراته واهتماماته، فضلاً عن اكتساب معلومات عن الخيارات المتاحة عن مختلف التخصصات الجامعية وبرامجها ومتطلباتها.
وأضافوا أن المرشد الأكاديمي يساعد الطالب على تطوير مهارات صنع القرار، ما يُمكّنه من اختيار التخصص الجامعي المناسب بشكلٍ مُستقلٍ، فضلاً عن التغلب على التحديات التي قد تواجه الطلبة خلال عملية اختيار الجامعة والتخصص المناسب لميولهم ومهاراتهم.
وقالوا إن المنافسة القائمة بين الجامعات في الوقت الراهن، تنعكس إيجابياً على الطلبة وتساعدهم على التعرف إلى التخصصات الجديدة التي تخدم اتجاهاتهم الوظيفية في المستقبل، مشددين على أهمية التحقق من متطلبات سوق العمل، إذ ينبغي على الآباء والأبناء البحث والتقصي عن التخصصات الأكثر طلباً في سوق الوظائف، واختيار ما يُؤهل الأبناء للحصول على وظيفة مُجزية بعد التخرج، مع ضرورة الاستعانة بالمتخصصين المهنيين والأكاديميين عند الاختيار، لتفادي صعوبات الحصول على وظيفة في المستقبل القريب.
- سماسرة الجامعات
وفي سياق متصل حذر عدد من التربويين «سلمى عيد ووليد فؤاد لافي والدكتور فارس الجبور»، من ظاهرة سماسرة الجامعات التي تتجدد سنوياً في هذه الفترة، وتضم أشخاصاً أو جهات غير رسمية تدّعي قدرتها على مساعدة الطلاب في التقديم للجامعات أو الحصول على قبول في برامج دراسية محددة، مقابل مبالغ مالية.
وقالوا إن هذه الظاهرة باتت مُقلقة في السنوات القليلة الماضية، لانتشارها في بعض الدول العربية، على الرغم من تحذير الوزارات والجامعات من التعامل مع هؤلاء السماسرة، مُؤكدين أن معظمهم يقدمون معلومات مضللة، ويسوقون لجامعات غير معتمدة وبرامج لم تحصل على الاعتماد الأكاديمي، ما يضع الطلاب وأولياء الأمور في مأزق حقيقي.
- تحذيرات متوالية
شدد عدد من التربويين على أهمية تضافر الجهود لمكافحة ظاهرة سماسرة الجامعات، من خلال تحذيرات متوالية للطلاب وأولياء الأمور من مخاطر التعامل مع السماسرة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن ملاحقة السماسرة واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، وتطوير آليات التقديم للجامعات لجعلها أكثر وضوحاً، وللحد من فرص استغلال الطلاب من قبل السماسرة.
وأكدوا أنه ينبغي على الطلاب وأولياء الأمور الابتعاد عن سماسرة الجامعات، واتباع القنوات الرسمية للتقديم للجامعات، والحصول على المعلومات من مصادر موثوقة، مثل مواقع الجامعات الإلكترونية أو الوزارات والهيئات المعنية.
- شروط المنح
تنوعت شروط الحصول على المنح الدراسية والخصومات على الرسوم من جامعة إلى أخرى، فهناك خصومات للمتميزين وأخرى لطلبة الأسر ذات الدخل المحدود، وهنا ينبغي على الطلاب الراغبين في الحصول على منحة دراسية أو خصم على الرسوم مراجعة موقع الجامعة أو التواصل مع قسم القبول للحصول على معلومات أكثر تفصيلاً.
- مخاطر عدة
أكد أكاديميون وتربويون أن التعامل مع سماسرة الجامعات يُنطوي على العديد من المخاطر، التي تضم ضياع المال والوقوع في عمليات نصب واحتيال دون الاستفادة من أي خدمة حقيقية، والحصول على قبول وهمي، والتعرض لمعلومات مغلوطة، واستغلال حاجة الطلاب.