ظلت فكرة تنقيح الذكاء الاصطناعي والآلات الذكية موضوعاً مسلياً لأفلام الخيال العلمي ولم يكن الهدف من عرضها سوى الربح وتقديم أفلام تحفز على الخيال، لكن كثيراً من العلماء يؤمن بأن القدرة الحاسوبية والرجل الآلي والهندسة الوراثية وغيرها من العلوم الحديثة لم تصل إلى حد النضج، فلماذا نتصرف وكأنها أصبحت حقيقة؟ كان الناس في القرن التاسع عشر يعتقدون أن لحومهم سوف تنسلخ عن عظامهم لو ركبوا قطاراً يسير بسرعة 30 كم في الساعة، ونحن الآن نركب في طائرات تسير بسرعة الصوت ولم يحدث أي شيء يهدد وجودنا، وكان الحالمون في أوائل القرن العشرين يظنون أننا في نهايته سوف نمتلك طائراتنا الخاصة ونجوب الفضاء، وعبرت عن هذه الأحلام كتب الخيال العلمي من 1920 إلى 1950 م، وكان العلماء مثل أديسون وتسلا يتنبّؤون بأن تكون الطاقة الذرية والكهربائية مجاناً في نهاية القرن، ولكن علّمنا التاريخ أن بعض التنبؤات المتطرفة دائماً تكذب.
ليس هناك شك في أن تقنية المستقبل ستمثل تحدياً كبيراً للبشرية ولكن هذا الحاضر المضيء الذي نعيشه الآن كان مستقبلاً مظلماً للذين حبسوا جاليليو وغيرهم، اليوم أثبتت الكثير من النظريات والتطبيقات الذكية نجاحها في رسم حاضر ومستقبل مضيء يمكن النجاح معه، إننا اليوم ندرك أن الذكاء الاصطناعي والآلات الذكية ما هي إلا امتداد لأهمية الآلة في حياة البشر، فمنذ أمد بعيد يرجع إلى العصر الحجري، دأب الإنسان على صنع الآلات لتسهيل شؤون حياته اليومية، فتنوعت الآلات والوظائف وتوطدت العلاقة بين الإنسان والآلة، وسيراً على مبدأ «الحاجة وأمّ الاختراع» سعى الإنسان لاختراع آلة. وبين وقت وآخر يظهر اختراع يحدث قفزة هائلة في حياة الإنسان ويفتح آفاقاً وأبواباً جديدة لآلات أخرى. والذكاء الاصطناعي من أكبر الاختراعات في هذا العصر وقد تسلم عجلة القيادة في المزيد من الاكتشافات وبالتالي أصبح عاملاً من عوامل زيادة وتسارع التطور في كافة الميادين العلمية، ففي سنة 1997 انهزم بطل العالم جاري كاسباروف في لعبة الشطرنج أمام حاسوب يستخدم برنامج deep blue وقد تم تطويره من قبل باحثين في شركة IBM مستعينين بنظريات الذكاء الاصطناعي. في عام 1999 أعطت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» مسؤولية قيادة مركبتها الفضائية لنظام من أنظمة الذكاء الاصطناعي وكانت المركبة تبعد عن الأرض بنحو 160 مليون ميل وكانت خطوة لاكتشاف الفضاء دون حاجة للإنسان داخل المركبة، كما أصبح الذكاء الاصطناعي وسيلة في تلقي طلبات العملاء وإعطاء المعلومة المطلوبة بل وتسهيل التعاملات التجارية عبر الإنترنت في عصر المعلومات وأسهم في تشخيص الأمراض ووصف الدواء ومتابعة حالة المرضى. لقد اتسعت رقعة الذكاء الاصطناعي لتشكل ميادين الخلق والإبداع في جميع مجالات الحياة.