أصبحت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ركناً أساسياً في العديد من المجالات، كما أضحت محوراً رئيسياً في استشراف المستقبل، ووضع خطط عمل الحكومات المستقبلية. وتعد دولة الإمارات من الدول السباقة عالمياً في تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي على كل المستويات الحكومية والخاصة، حيث أدخلت التقنيات الحديثة في العديد من القطاعات بهدف الارتقاء بمستوى الخدماتز وقد بلغ حجم الإنفاق على أنظمة الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات 215.2 مليون درهم خلال عام 2019، وارتفع إلى نحو 270.3 مليون درهم، أي بنسبة زيادة تصل إلى 25% نظراً لتزايد توجه الشركات للاستثمار في هذه الأنظمة، وتوجه الجهات الحكومية لدمج هذه التقنيات في مجال العمل بغرض دعم مسيرة التحول الرقمي بالدولة، وتسخير جودة الخدمات وكفاءة استخدام الموارد.
وفي ما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة المحتوى، أطلق المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة في أسبوع معرض جيتكس للتقنية 2018 تطبيقاً ذكياً قائماً على توظيف الذكاء الاصطناعي في العمل البرلماني. يقوم التطبيق باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لتحويل التسجيلات الصوتية للجلسات إلى نص كتابي في وقت قياسي، مما يؤدي إلى السرعة والجودة في الأداء ومستوى المخرجات، أما هيئة الطرق والمواصلات في دبي فقد شاركت في مارس/ آذار 2021 في منصة برمجيات الذكاء الاصطناعي من خلال تنفيذ مشروع البرمجيات مفتوحة المصدر، ويتم من خلالها توظيف البرمجة في مجال تصنيف المقالات حسب مواضيعها وبطريقة تلقائية باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المختصة بمعالجة اللغة الطبيعية، مما يسهل على المستخدمين عملية البحث عن المواضيع التي يرغبون بالاطلاع عليها بسرعة وسلاسة وفاعلية.
وتستخدم إدارة الدفاع المدني في دبي برنامج CMC لإدارة المشاريع والبيانات والتحقق من صحتها، كما قامت وزارة الثقافة والشباب باستشراف مستقبل الثقافة في الإمارات عبر استخدام «ذكاء السرب الاصطناعي» من خلال إجراء أول دراسة من نوعها في المنطقة العربية بمشاركة خبراء من قطاع الثقافة والفنون. وتعد هذه التقنية أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهي مستوحاة من الذكاء الجمعي لسرب الطيور في الطبيعة وتهدف إلى مضاعفة الذكاء الجمعي لمجموعات من الناس، واستنباط أفكار ورؤى لا يمكن الحصول عليها من خلال استطلاعات الرأي التقليدية.
ويمكن القول إن حكومة دولة الإمارات بذلت جهوداً كبيرة لتعزيز الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية وتسخير الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية التحول الرقمي، بما يضمن توفير الخدمات الحكومية وقدرتها على تلبية حاجة المجتمع. لقد استفاد قطاع الاتصال الحكومي من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والواقع الافتراضي والمعزز وغيرها من التقنيات التي أدت بالتالي إلى رفع مستوى تفعيل الاتصال الحكومي، وربط المواطن بخدمات المؤسسات، بما يتناسب مع احتياجات المجتمع وابتكار حلول فاعلة هدفها إسعاد الجمهور.
وبذلك تستعد الدولة لأن تكون عاصمة للذكاء الاصطناعي، وأن تستثمر أحدث أدواته وتقنياته في مختلف قطاعاتها الحيوية.