تبنّى الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، ليل الأربعاء/ الخميس، قراراً يرفض «قيام دولة فلسطينية»، قبل بضعة أيام من زيارة يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن، فيما أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن أنطونيو غوتيريش يشعر «بخيبة أمل كبيرة» بعد تبنّي الكنيست للقرار، بينما وُوجه القرار برفض عربي قاطع، إن على صعيد الجامعة العربية، أو على صعيد الدول العربية منفردة، في وقت ذكر أن وفداً إسرائيلياً وصل إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات حول هدنة غزة، وصفقة تبادل الأسرى، وطالبت مصر مجدداً، بانسحاب إسرائيل من رفح، وتشغيل المعبر بواسطة السلطة الفلسطينية، بالتزامن مع توجه مبعوث الأمريكي إلى المنطقة لإجراء محادثات بشأن غزة.
وجاء في القرار، الذي اقترحه نائب من اليمين المعارض، وحظي بتأييد 68 نائباً من الائتلاف الحاكم والمعارضة، في حين عارضة تسعة نواب، أن «الكنيست يرفض، بشدة، قيام دولة فلسطينية غرب نهر الأردن»، أي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، أو في قطاع غزة الذي دمرته حرب مستمرة منذ السابع من أكاوبر الماضي. وزعم القرار أن «قيام دولة فلسطينية سيشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل، ومواطنيها، وسيؤدي إلى تمديد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وزعزعة استقرار المنطقة». ورداً على ذلك، اعتبر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن «لا سلام ولا أمن لأحد من دون قيام دولة فلسطينية، وفق الشرعية الدولية»، مضيفاً أن «الدولة الفلسطينية قائمة باعتراف العالم بأسره، وهناك 149 دولة عضواً في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين، وما زالت الاعترافات الدولية تتوالى لتؤكد أن تجسيد قيام دولتنا المستقلة لا يحتاج أذناً أو شرعية من أحد».
وفي نيويورك، قال المتحدث ستيفان دوجاريك، لصحفيين «لا يمكن رفض حل الدولتين عبر إجراء تصويت. الأمين العام يشعر بخيبة أمل كبيرة من قرار الكنيست»، مكرراً أن حل الدولتين هو «الطريق الوحيد الموثوق به نحو سلام دائم».
وفي باريس، أعربت الخارجية الفرنسية عن «استيائها إثر (هذا) القرار الذي يرفض إمكان إقامة دولة فلسطينية، الأمر الذي يتنافى مع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي». وأضافت الخارجية «وحده قرار (وفق مبدأ) الدولتين من شأنه تأمين سلام عادل ودائم للإسرائيليين، كما للفلسطينيين، وضمان استقرار المنطقة».
ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأشد العبارات الإعلان الذي أصدره الكنيست، برفض إقامة دولة فلسطينية، مؤكداً أن هذا الإعلان، وما يتضمنه من مبررات باطلة، إنما يكشف مجدداً الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي، ونواياه تجاه الشعب الفلسطيني، وحقوقه المشروعة، وفي مقدمتها الحصول على دولته المستقلة على أرضه المحتلة منذ الرابع من يونيو/ حزيران 1967. وندد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بقرار «الكنيست»، معتبراً أن يمثل انتهاكاً للقرارات الدولية، والأممية، ويؤكد رغبة إسرائيل، ومضيها قدماً، في تأجيج الأمن والاستقرار في المنطقة، والعالم.
كما دانت مصر اقتحام وزير إسرائيلي لباحات المسجد الأقصى الشريف، بالتزامن مع قرار الكنيست الإسرائيلي الرافض لإقامة دولة فلسطينية، واعتبرته تنصلًا من مقررات الشرعية الدولية. وطالبت مصر، الأطراف الدولية بحماية الحقوق الفلسطينية واحترام المقدسات، مشيرة إلى استمرار جهودها لتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ودانت وزارة الخارجية الأردنية إقرار الكنيست لمقترح يعارض، ويستهدف منع إقامة الدولة الفلسطينية، مشددة على أن هذا القرار يشكل «انتهاكاً جديداً وخطيراً للقانون الدولي، وإمعاناً في تحدّي المجتمع الدولي».
من جهة أخرى، نقلت تصريحات عن ثلاثة مسؤولين مصريين في المطارات، أن الوفد الإسرائيلي وصل، ولم يقدموا مزيداً من التفاصيل، وفقاً لوكالة «أسوشيتيد برس». وأضافوا أن الوسطاء الدوليين يسعون إلى دفع إسرائيل و«حماس» نحو التوصل إلى اتفاق على مراحل، من شأنه أن يوقف القتال، ويطلق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصدر إسرائيلي، أنه منذ الأسبوع الماضي، لم يحدث أيّ تقدم في المفاوضات.
وفي هذا الصدد، قال مسؤول أمريكي إن مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، توجه إلى المنطقة، أمس الخميس، لإجراء مشاورات بشأن الصراع في غزة، ومن المقرر أن يزور الإمارات، والأردن. ولم يكن لدى المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، مزيد من التفاصيل عن مناقشاته المقررة.
من جانبها، أكدت مصر ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة رفح الفلسطينية، وتشغيل معبر رفح من قبل السلطة الفلسطينية. وأعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه مع سيغريد كاخ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، عن قلق بلاده الشديد من الوضع الإنساني الكارثي في القطاع بعد عشرة أشهر من العدوان الإسرائيلي، مؤكداً أن مصر تسعى لضمان تدفق المساعدات عبر معبر رفح رغم التصعيد العسكري.
في غضون ذلك، أعلن البيت الأبيض، أمس الخميس، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يزور واشنطن الأسبوع المقبل، لكن هذا اللقاء يبقى رهناً بتعافي بايدن من إصابته بكوفيد-19. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي «كل المؤشرات تدل على أن الرجلين ستتاح لهما فرصة اللقاء»، مع تأكيده أن «صحة الرئيس وتعافيه من كوفيد يبقيان أولوية». (وكالات)