تربية أبنائنا، وحمايتهم من المخاطر، ليستا مسؤوليتنا وحدنا، بل هما أيضاً مسؤولية الوزارات والهيئات التربوية، والتعليمية، والرقابية، وفي الإمارات يحرص الجميع على تنشئة أجيال سليمة لأجل المستقبل، الأهل يربّون ويتابعون، والمؤسسات التربوية تعلّم وتربّي وتوعّي، والمؤسسات الرقابية تحمي وتطبّق القانون.
استبيان أولياء أمور الطلبة في أبوظبي للعام الدراسي ٢٠٢٣ /٢٠٢٤، والذي أطلقته دائرة التعليم والمعرفة، كان من أولويات أهدافه معرفة مدى تعرّض الطلبة للتنمّر خلال العام الدراسي، وقد لفت انتباهنا إلى مجموعة نقاط من المهم جداً أن يتوقف عندها أولياء الأمور، وإدارات المدارس، والحرص على متابعتها، وعدم تجاهلها، أو الاستخفاف بمدى تأثيرها، وخطورتها على الأطفال، والمقصود بهم كل من هم تحت سن ال ١٨ عاماً.
التنمّر خطر كبير يحتاج إلى تعليم وتدريب الأبناء على ضرورة مواجهته بالأساليب السليمة، والتحدث مع الأهل عن أي تنمّر قد يواجهونه، وعلى أولياء الأمور أيضاً الانتباه إلى أهمية التحدث إلى المدرسة، (إذا كان المتنمّر داخل المدرسة).
ما أكثر المؤثرات السلبية التي تواجه الأطفال اليوم، ولا يقتصر الأمر على التنمّر، والابتزاز، والجرائم الإلكترونية، فشرطة أبوظبي تجدّد التحذير من مخاطر استخدام الأطفال والمراهقين للألعاب الإلكترونية العنيفة «التي تُحرضهم على العدوانية»، كما تترك آثاراً «نفسية وخيمة تصل إلى حد الإدمان، وفرض حالة من العزلة والانفصال عن الواقع»؛ تلك الألعاب التي أصبحت الموضة الأكثر رواجاً، ويُقبل عليها الأطفال من مختلف الأعمار، ولا ينتبه أهاليهم إلى مدى تأثيرها في سلوكاتهم، فيصبحون سلبيين، سريعي الغضب والانفعال.
الأطفال يقلّدون ما يرونه على الشاشة، وعلى المواقع الإلكترونية، ولا ينعمون بالهدوء، ولا يعرفون السكينة، لأنهم يعيشون في عصر التوتر الدائم، وضجيج «السوشيال ميديا»، وكثرة تدفق المعلومات والمواد من كل اتجاه، وتزيد الألعاب الإلكترونية العنيفة الطين بلّة، فيتحولون رغماً عنهم إلى قنابل سريعة الانفجار، مشاعرهم متضاربة، وسريعة التقلّب، وتعاملهم مع الآخرين يخلو من اللياقة، ويطغى عليه العنف، بمختلف أشكاله.
لا نستطيع عزل أبنائنا عن محيطهم، وعن الزمن، وتطوره، لكن في المقابل، على أولياء الأمور ضرورة متابعة أطفالهم، وعدم التردد في مراقبتهم، واختيار الألعاب والتطبيقات الإلكترونية الآمنة والمناسبة لأعمارهم، وعدم الانجراف خلف كل ما يتم الترويج له باعتباره موضة، و«ترند»، فالألعاب الإلكترونية ليست مجرد ألعاب ينشغل بها الطفل قليلاً من دون أن تترك أثراً واضحاً في سلوكاته، وأفكاره، وخياله، وفي نفسيته أيضاً.