قال الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة: بتوجيه ودعم من قيادتها الرشيدة، تتبنى دولة الإمارات سياسة جادة في ترسيخ الأخلاقيات في جميع المجالات، وعلى رأسها الفتوى، ولا سيما في المؤسسات الإفتائية الرسمية، والتي تمثل الاجتهاد الجماعي المؤسسي، وعليها المعول في تحمل هذه الأمانة، وأداء هذه الرسالة.
جاء ذلك في كلمته بالمؤتمر العالمي التاسع الذي تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان «الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع» في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وتقدم الدكتور الدرعي بخالص الشكر لدار الإفتاء المصرية، والجهات واللجان المنظمة للمؤتمر النوعي، ولكل الحضور من العلماء والخبراء والمفكرين، ناقلاً إلى مصر قيادة وشعباً تحيات وسلام دولة الإمارات قيادتها وأهلها.
- سياق عالمي
قال الدرعي: إن عنوان هذا المؤتمر ينبئ بدقة ووضوح عن أضلاع وأركان هذا المشروع المتكون من ثنائية «الفتوى والأخلاق»، في سياق عالمي يتصف بسمتين «العالمية والسرعة»، ويأتي مصطلح البناء الأخلاقي بما يدل عليه من بذل الجهد والعمل والسعي والمواكبة، والتفاعل مع الواقع، كما أنه يحتاج إلى التريث والتعاون.
وأضاف: «قد ألفت أطراف ورقتي هذه حول هذا الموضوع ضمن أربعة أسئلة كاشفة محددة، راجياً أن تسهم في هذا البناء، أما السؤال الأول، فهو: ما الدور الضروري للأخلاقيات في فن الفتوى المعاصرة؟ وهو سؤال الشرعية والمشروعية، وذلك أن المستقرئ لمعالم الإفتاء في القرآن الكريم، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ سيجد أنها لا تنفصل عن الضمير الأخلاقي، وهذا يؤدي بنا إلى السؤال الثاني: وهو سؤال الراهنية: ماذا تحمل لنا التطورات المعاصرة من مستجدات؟ وكيف نضبطها؟».
- المقاربة الإفتائية
في إجابته عن السؤال الثاني قال: إن المقاربة الإفتائية التقليدية تكاد تصبح من الماضي، فآفاق الفتوى أصبحت أرحب، ومعاييرها يقتضي السياق الراهن أن تكون أوسع، ينبغي أن نجعل من أولى أولوياتنا فهم واقعنا الراهن، وتصوره تصوراً حقيقياً، وهذا يدعونا إلى استدعاء سؤال الكونية، وهو السؤال الثالث: أي مستقبل للإنسانية المتجردة من الأخلاقيات في خضم هذه القفزات الصناعية؟
واستعرض رئيس الهيئة تعليقه على السؤال الثالث بقوله: «إن جميع الأديان والثقافات والفلسفات، تؤكد أن القيم الإنسانية هي المنجى والملجأ، وهي السد الواقي من المخاطر، الذي يحفظ للبشرية إنسانيتها، ولهذا كان تعزيزها في الأساس مقصداً مشتركاً من المقاصد العليا للأديان، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بخارطة طريق عملية، وهذا ما تناولته في السؤال الرابع وهو: سؤال الكيفية، أعني: كيف نزود كفاءاتنا ومؤسساتنا الإفتائية بالقدرات الأخلاقية، والمؤهلات العلمية المتطورة التي يواجهون بها التحديات المعاصرة؟
- المستجدات الراهنة
في تناوله للإجابة عن السؤال الماضي، أكد الدرعي أن المحدد الأخلاقي من المحددات الرئيسية للفتوى في المستجدات الراهنة، وقد اعتمده العلماء والخبراء ضمن محددات «وثيقة أبوظبي للمستجدات العلمية»، وإن الواجب هو تأهيل الكفاءات الشرعية، وتطوير قدراتها الرقمية والإنسانية، والتشابك الإيجابي مع الواقع.
وشارك في هذا المؤتمر وفد ضم الدكتور: عمر حبتور الدرعي، والدكتورة ماريا الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، والدكتور خليفة الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبو ظبي، والدكتور علي آل هاشمي، مستشار رئيس الدولة.