عادي

عذب الكلام

22:28 مساء
قراءة 3 دقائق
Salah

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

  • في رحاب أمّ اللغات

من تجنيس المماثلة، وهي أن تكون اللفظة واحدة باختلاف المعنى؛ منه قول أبي تمّام:

لَيالينا بالرُّقْمَتَيْنِ وأَهْلُنا

سَقى العَهْدَ منك العَهْدُ والعَهْدُ والعَهْدُ

فالعهد الأول: الوَقْت. والثاني: الحِفاظ. والثالث: الوصِيّة. والرابع: المَطَر.

وقول ابن الرومي:

لِلسُّودِ في السُّودِ آثارٌ تَرَكْنَ بِها

لُمَعاً مِنَ البيضِ تَثْني أَعْيُنَ البيضِ

فالسُّود الأولى: اللّيالي، والأخرى: شَعرات الرّأس واللّحية. والبيضُ الأولى: الشّيبات، والأخرى: النّساء.

  • دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر

من كتاب «الأجنحة المتكسّرة» لجبران خليل جبران:

«إنّ النّفسَ الحَزينةَ المتألّمةَ تجدُ راحةً بانْضمامِها إلى نَفْسٍ أخرى تُماثلُها بالشّعورِ، وتُشاركُها بالإحْساسِ، مِثْلما يستَأْنِسُ الغَريبُ بالغَريبِ، في أرضٍ بَعيدةٍ عن وَطنِهِما؛ فالقُلوبُ التي تُدْنيها أَوْجاعُ الكآبةِ بَعْضَها من بَعْضٍ لا تُفَرِّقُها بَهْجَةُ الأفْراح وبَهْرَجَتُها، والصبِيُّ الحَسّاسُ الذي يشعُرُ كَثيراً ويَعرِفُ قَليلاً هو أَتْعَسُ المَخْلوقاتِ أمامَ وَجْهِ الشَّمْسِ، لأنّ نفسَهُ تظلُّ واقفَةً بَيْنَ قُوَّتَيْنِ هائلَتَيْنِ مُتَبايِنَتَيْنِ: قُوَّةٍ خَفِيَّةٍ تُحَلِّقُ بهِ إلى السَّحابِ وتُريهِ مَحاسِنَ الكائناتِ مِنْ وَراء ضَبابِ الأحْلامِ، وقُوَّةٍ ظاهِرَةٍ تُقَيِّدُهُ بالأرْضِ وتَغْمُرُ بَصيرَتَهُ بالغُبارِ وتَتْرُكُهُ ضائعاً خائفاً في ظُلْمَةِ حالِكَةٍ.

والأُمُّ هي كُلُّ شَيءٍ في هذه الحَياةِ، هي التَّعْزِيَةُ في الحُزْنِ.. والرَّجاءُ في اليَأسِ، والقُوَّةُ في الضَّعْف؛ هي يُنْبوعُ الحُنُوِّ والرَّأْفَةِ والشَّفَقَةِ والغُفْران، فالّذي يَفْقِدُ أُمَّه يَفْقِدُ صَدْراً يَسْنُدُ إلَيهِ رَأسَهُ ويَداً تُبارِكُهُ وعَيْناً تَحْرُسُهُ».

  • من أسرار العربية

في تفصيل العُرُوقِ: في الرّأْسِ: الشَّأْنانِ، يَنْحَدِرانِ مِنْهُ إلى الحاجِبَيْنِ ثُمَّ إلى العَيْنَيْنِ. في اللِّسانِ: الصُّرَدانُ؛ قال يزيد بن الصَّعِق:

وأَيُّ الناسِ أَعْذَرُ مِنْ شَآمٍ

له صُرَدانِ مُنْطَلِقا اللِّسانِ

في الذَّقَنِ: الذَّاقِنُ. في العُنُقِ: الوَرِيدُ والأخْدَعُ. في القَلْبِ: الوَتِينُ والنِّياطُ والأبْهَرانِ. في النَّحْرِ: النَّاحرُ. في أسْفَلِ البَطْنِ: الحالِبُ. في العَضُدِ: الأبْجَلُ. في اليَدِ: الأكْحَلُ. في السّاعِدِ: حَبْلُ الذِّراعِ. بَيْنَ الخِنْصِر والبِنْصِرِ: الأسَيْلِمُ (مُعرَّب). في باطنِ الذّراع: الرَّواهِشُ؛ وفي ظَاهِرِها: النَّواشِرُ؛ قال زهير:

ودَارٌ لَها بِالرَّقْمَتَيْنِ كَأَنَّها

مَراجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَواشِرِ مِعْصَمِ

في ظاهِرِ الكَفِّ: الأشاجِعُ. في الفَخِذِ: النَّسا.

في العَجُزِ: الفائِلُ. في السّاقِ: الصّافِنُ. في سائِرِ الجَسَدِ: الشِّرْياناتُ.

  • هفوة وتصويب

ترد كثيراً مثل هذه العبارة «لَنْ يَفْعَلَ هذا الأمْرَ إطلاقاً»، ويعنون تأكيد النّفي المطلق؛ وهي خطأ، والصّواب «لَنْ يَفْعَلَهُ أبَداً»، أو «ولَنْ يَفْعَلَهُ البَتَّةَ»، وتُنَصْبُ على المصدر.

أما إطلاقاً فهو مصدر للفعل «أطْلَقَ»، بمعنى خلّى أو تركَ

ويقالُ أطْلَقْتُ الأسيرَ، وأطْلَقْتُ النّاقةَ من عِقالها.

وأطْلَقَ يَدَهُ بِخَيْرٍ... إلخ؛ قال الشاعر:

أطْلِقْ يديك تَنْفَعاكَ يا رَجُلْ

بالرَّيْثِ ما أَرْوَيْتها لا بالعَجَلْ

يقول بعضهم «تَعوّدَ فلانٌ على المشيِ واعْتادَ عَلَيْه»؛ وهي خَطأٌ. فَفِعْلا «اعْتادَ وتَعوّدَ»، لا يتعدّيان بحَرفِ الجرِّ «على»، وإنّما يتعدّيان بلا حَرْفٍ، والصّوابُ: تَعَوَّدَ المَشْيَ، قال الشاعر:

تَعَوَّدْ صالِحَ الأَخْلاقِ إِنّي

رأَيتُ المَرْءَ يَأْلَفُ ما اسْتَعادا

  • من حكم العرب

سَكِّن فُؤادَكَ لا تَذْهَبْ بِهِ الفِكَرُ

ماذا يُعيدُ عَلَيْكَ البَثُّ والحَذَرُ

وإِنْ يَكُنْ قَدَرٌ قَدْ عاقَ عَنْ وَطَرٍ

فَلا مَرَدَّ لِما يَأْتِي بِهِ القَدَرُ

البيتان للمعتمِد بن عبّاد، يقول فيهما إنّ الهدوء والسكينة والتروّي في مواجهة المفاجآت، هي الحلّ الأمثل لكثير من المصاعب، فالقلق لن يؤدي إلى نتيجة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ys5e98ja

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"