تجاهل قادة الأعمال في الولايات المتحدة تقدم نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس المتزايد على المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، وفقاً للمستشارة تينا فوردهام، مؤسسة شركة الاستثمارات الاستراتيجية «فوردهام غلوبال فورسايت»، مشيرة إلى أن عملاءها ما زالوا يراهنون بشكل كبير على عودة الرئيس السابق.
وقالت فوردهام في مقابلة مع «سي إن بي سي» إن قاعدة عملائها من المستثمرين المؤسسيين وأعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين ما زالوا ينظرون إلى ترامب باعتباره المرشح الأكثر تأييداً للأعمال التجارية وخيارهم المفضل.
وأضافت: «إنهم لا يزالون يفضلون رئاسة ترامب ولا يزالون يعتقدون أن ذلك سيحدث».
وتفوقت هاريس بفارق 2.6 نقطة على ترامب في أحدث متوسط لاستطلاعات الرأي الوطنية التي جمعتها «فايف ثرتي أيت».
وقد ارتفع هذا التقدم بشكل مطرد منذ الإعلان عن ترشحها للرئاسة عن الحزب الديمقراطي بعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الشهر الماضي. ومع ذلك، قالت فوردهام إن الكثير من المديرين التنفيذيين اختاروا تجاهل النتائج.
وأضافت: «أرى الكثير من الإنكار يحدث فيما يتعلق باستطلاعات الرأي، ومن المؤكد أن فوز هاريس ليس في الحسبان. لقد استثمر الكثير من المشاركين في وول ستريت حقا في عودة ترامب إلى البيت الأبيض».
وسعى ترامب إلى الاستفادة من الدعم الحالي من «وول ستريت» بعد فترة ولايته الأولى، والذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مؤيد للأعمال، ويُنظر إلى موقف هاريس التجاري على أنه أقل وضوحاً.
- فوز هاريس والانهيار؟
يزعم المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية «دونالد ترامب» أن الولايات المتحدة قد تعاني انهياراً اقتصادياً أشبه بما حدث عام 1929 الذي سبق الكساد الأعظم إذا فازت المرشحة الديمقراطية «كامالا هاريس» في الانتخابات.
وحذر مؤخراً، خلال مؤتمر في نادي الجولف الخاص به بولاية نيوجيرسي قائلاً: «إذا فازت كامالا في الانتخابات، فإن الأسوأ لم يأت بعد، لأنها لن تضر بالاقتصاد الأمريكي فحسب بل بالعلاقات الأمريكية الخارجية أيضاً، مضيفاً: ستواجه مشكلة حقيقية في المستقبل لأن الناس في العالم لا يحترمونها».
وبعدما سرد البرامج التي قال إن هاريس ستهددها حال أصبحت رئيسة قائلاً: «ستدمر الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، عاد إلى التحدث عن مخاوف الهجرة وعدد من عبروا الحدود بين أمريكا والمكسيك خلال فترة رئاسة بايدن».
وبالانتقال إلى المواد الغذائية، أشار ترامب لإحصائيات التضخم المختلفة لعدد من المواد الأساسية بالنسبة للأسر الأمريكية، وانتقد حديث هاريس عن مواجهة التلاعب بالأسعار.
وأوضح ترامب أنه يعتقد أنه يحق له شن هجوم شخصي على نائبة الرئيس الحالي لأنه غاضب للغاية منها، وذلك على الرغم من مناشدات حزبه بالتركيز على السياسة، وقال: «ليس لدي الكثير من الاحترام لها، لا أحترم ذكاءها كثيراً، وأعتقد أنها ستكون رئيسة رهيبة».
ووعد الرئيس الأمريكي السابق بإلغاء كافة الحوافز التي تدفع سوق السيارات في أمريكا نحو المركبات الكهربائية، لكنه أصر على أنه لا يعارض المركبات العاملة بالكهرباء، بل يريد فقط أن تكون قوى السوق واختيارات المستهلكين هي التي توجه الاقتصاد.
- الانتصار الاقتصادي الكبير
كان عنوان الظهور الأول لجو بايدن إلى جانب كامالا هاريس التي حلّت مكانه مرشّحة عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية المقبلة، «الاحتفاء بانتصار اقتصادي كبير».
احتفل الرئيس الأمريكي ونائبته في ولاية ميريلاند قرب واشنطن باتفاق «تاريخي» يخفض أسعار أدوية رئيسية لعلاج السكري والتجلطات الدموية ومشكلات القلب، وفق ما جاء في بيان مشترك.
وبينما لم يكن الحدث من تنظيم الحزب، وإنما زيارة رسمية، فإنها كانت المرة الأولى التي يقوم فيها الاثنان بالحملة معاً منذ 21 تموز/يوليو، عندما أعلن الديمقراطي البالغ 81 عاما انسحابه من السباق ودعا إلى رص الصفوف خلف نائبته البالغة 59 عاماً.
ويسمح الإصلاح اعتباراً من العام الأول لبدء تطبيقه في 2026، بتوفير 1,5 مليار دولار للمُؤمَّنين المعنيين والأمريكيين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما و6 مليارات دولار للمكلفين، وفق البيت الأبيض.
كذلك، تشكّل هذه الخطوة انتصارا كبيرا كان يمكن لبايدن أن ينسبه لنفسه فقط لأنّه ناتج عن أحد قوانينه الرئيسية «قانون خفض التضخّم»، وهو خطّة كبيرة تركّز على التحوّل في مجال الطاقة وعلى القوة الشرائية.
غير أنّ الرئيس ربط هذا الإنجاز بالمرشّحة الديمقراطية قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي ستتواجه خلالها مع الجمهوري دونالد ترامب.
وأكدت هاريس «لن نتوقف عند هذا الحد».
في لارغو بولاية ميريلاند قرب واشنطن شجعت هاريس حشدا متحمسا جدا على الهتاف «شكرا جو! شكرا جو!». وقالت «هناك كثير من الحب في هذه القاعة لرئيسنا» قبل أن تعانق الديمقراطي البالغ 81 عاما.
وقال بايدن «هذه معركة يجب أن تستمر»، في وقت من المقرّر أن تقدّم هاريس الجمعة الخطوط العريضة لبرنامجها الاقتصادي. والإعلان الخميس عن هذا الاتفاق «التاريخي» يأتي في الوقت المناسب في مجال يعد من نقاط ضعف هاريس: القوة الشرائية.
- تراجع التضخّم
تراجع التضخّم في الولايات المتحدة بينما يبقى النمو قويا، غير أنّ ذلك لم يمنع ترامب من اتهام خصومه الديمقراطيين بسحق الأُسر من خلال تكاليف معيشية لا يمكن تحمّلها.
وفي حديثه إلى صحفيين من منتجعه للغولف في نيوجيرسي، يوم الخميس الماضي، اتهم ترامب منافسته الديمقراطية الجديدة بالرغبة في تطبيق إجراءات «مستمدة مباشرة من فنزويلا أو الاتحاد السوفييتي» لمواجهة ارتفاع الأسعار.
وتعهّد ترامب في خطابٍ مطوّل، وهو محاط بصناديق من الحبوب والبيض والمعجنات، بـ«خفض الأسعار فوراً» إذا فاز في تشرين الثاني/نوفمبر. ثم تطرق بعد ذلك الى سلسلة مسائل متعلقة بالهجرة والذكاء الاصطناعي ومشكلاته القضائية.
وكان المرشّح الجمهوري قال قبل يوم «خلال حوالى أربعة أعوام، لم تفعل كامالا شيئا سوى الضحك، بينما كان الاقتصاد الأمريكي يغرق في الأزمة».
ويعمل الملياردير الآن على استخدام زاوية أخرى للهجوم مشددا على العداء القائم بين المسؤولين الديمقراطيين.
- خطط ترامب المدمرة
في هذا الوقت، ذكر مركز الأبحاث «ثيرد واي» أن مقترحات ترامب التجارية الحمائية والتهديدات بإنهاء استقلال الاحتياطي الفيدرالي وتعهداته بإتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة بما في ذلك العمالة الماهرة، يجب أن تثير قلق المديرين التنفيذيين للأعمال التجارية.
وأشار التقرير الذي قدمه المركز أيضا إلى خطة الرئيس الأمريكي السابق لتوسيع تخفيضاته الضريبية لعام 2017 والتي يقول خبراء الاقتصاد أنها ستضيف تريليونات للدين الأمريكي، وأيضا إلى مقترحاته بشأن فرض تعريفات جمركية أعلى والتي قد تؤدي إلى زيادة التكاليف بالنسبة للشركات والمستهلكين.
وحسبما نقلت «فاينانشال تايمز»، قال جاب هورويتز نائب الرئيس للبرنامج الاقتصادي لدى «ثيرد واي» وهو المؤلف المشارك للتقرير إن ترامب يصور نفسه على أنه رجل الأعمال ومنقذ الأعمال، ولكن ما يقترحه من شأنه تدمير الاقتصاد الأمريكي تماماً والإضرار بالأعمال التجارية.
- حوافز هاريس لدعم سوق العقارات
وعلى الجانب الآخر المرتبط بتكاليف المعيشة، يواجه الأمريكيون ارتفاعاً قياسياً في إيجارات السكن وأسعار شراء منازل. وينخفض المعروض من المنازل في السوق بشكل كبير، حيث يتمسك البائعون بمنازلهم، وسط ترقب من أن تجعل أسعار الرهن العقاري المرتفعة تاريخياً مكانهم التالي للعيش باهظ الثمن.
يأتي هذا في وقت انفجر فيه الطلب أثناء الوباء ولم يتباطأ أبداً، بالرغم من تواصل ارتفاع الأسعار.
ولا تزال سوق الإسكان ضيقة، رغم وجود دلائل تشير إلى أن أسوأ كابوس متعلق بقدرة الأمريكان على تحمل تكاليف الإسكان قد تراجع بعض الشيء، ولهذا السبب فإن الإسكان قضية رئيسية للناخبين في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
وتلعب هاريس على هذا الوتر، وقد أعلنت، الجمعة خطتها للمساعدة في تحسين وضع سوق العقارات، مستندة إلى مقترحات بايدن نفسه، وتشمل الحوافز دعماً يصل إلى 25 ألف دولار للمشترين لأول مرة، وتوفير ائتمان ضريبي بقيمة 10 آلاف دولار لنفس الفئة.
وشملت أيضاً حوافز ضريبية للشركات التي تبني منازل جديدة تباع للمشترين لأول مرة، وتوسيع الحافز الضريبي لبناء مساكن للإيجار بأسعار معقولة، وتأسيس صندوق بـ40 مليار دولار لتحفيز المساكن المبتكرة.
ومن بين وسائل دعم القطاع، إعادة استخدام بعض الأراضي الفيدرالية للإسكان مقابل أسعار غير مبالغ فيها، وإزالة المزايا الضريبية للمستثمرين الذين يشترون أعداداً كبيرة من المساكن العائلية.
ورغم ترحيب المحللين ببعض خططها لمساعدة قطاع العقاري، إلا أن البعض خشي أن تؤدي أجزاء من خطة هاريس إلى تفاقم المشكلات في السوق. كما اتفق العديد من خبراء الاقتصاد على أن إضافة مزيد من المنازل إلى السوق من خلال تلك الحوافز من شأنه أن يساعد بالتأكيد.
- ترامب يدعم
وربما كانت هاريس أكثر وضوحاً بشأن خطتها لدعم القطاع العقاري الأمريكي، لكن هذا لا يعني أن منافسها من الحزب الجمهوري أهمل هذا القطاع الرئيسي.
وقبل أيام أشاد دونالد ترامب نفسه باستخدام الأراضي الفيدرالية للمساعدة في تخفيف النقص في الإسكان.
وقال: «سنتيح مساحات من الأراضي الفيدرالية لبناء المساكن. نحن في حاجة ماسة إلى المساكن للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل ما يحدث الآن».
بالإضافة إلى ذلك، تقول منصة اللجنة الوطنية الجمهورية إن الحزب «سيعمل على تعزيز ملكية المساكن من خلال الحوافز الضريبية ودعم للمشترين لأول مرة وخفض اللوائح غير الضرورية التي ترفع تكاليف الإسكان»، فضلاً عن «خفض أسعار الرهن العقاري من خلال خفض التضخم».
ومن حيث التأثير الاقتصادي المباشر، ساهم تطوير المباني التجارية الجديدة وعمليات المباني التجارية القائمة بحوالي 2.3 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة عام 2022.
وشمل ذلك نفقات مباشرة بلغت 826.9 مليار دولار، ما يسلط الضوء على البصمة الاقتصادية الكبيرة لقطاع العقارات، وفقاً لموقع جمعية تطوير العقارات التجارية.
ويؤكد الدور الكبير لهذا القطاع أهميته ليس فقط من حيث معاملات العقارات والتأجير، ولكن أيضاً في التوظيف وتوليد الأجور والنشاط الاقتصادي العام في جميع أنحاء البلاد.