إعداد : محمد كمال
لم يستطع جو بايدن مغالبة دموعه في خطاب وداعي لم يرغب في إلقائه أبداً، أثناء المؤتمر العام للحزب الديمقراطي، والذي شهد تسليمه «الشعلة» إلى نائبته كامالا هاريس، لإكمال مسيرة الانتخابات الرئاسية 2024. ويبدو أن بايدن بكى عندما تذكّر ما تعرّض له من ضغوط لعدم الترشح، وكذلك عندما نظر إلى سنوات عمله التي تمتد إلى 50 عاماً في الخدمة العامة والسياسة، وها هي تنتهي بانسحاب تاريخي.
الحشود في قاعة المؤتمر العام للحزب هتفت للرئيس الأمريكي بعبارة «شكراً لك يا جو»، وعندها نظر بايدن إلى الأسفل، وقاوم دموعه، ويبدو أنه لم يكن يريد الاعتراف بأنهم نعم كانوا يشكرونه على ما أنجزه خلال حياته العملية. لكنهم كانوا يشكرونه أيضًا، لعدم ترشحه مرة أخرى.
اللحظة الصعبة
ويرى مراقبون أنه من الصعب «وجود لحظة أكثر مرارة بالنسبة إلى رئيس قضى أكثر من نصف قرن من الزمان على المسرح السياسي وهو ينظر إلى طريق الخروج». وبقدر ما هلل المحتشدون لبايدن، فإن الآلاف من الديمقراطيين كانوا يرسلونه إلى دار التقاعد الرئاسية، حيث وجد بايدن نفسه أمام المؤتمر العام بعد أن تم تخفيض رتبته من التحدث كمرشح رئاسي، الخميس،، كما كان متوقعاً قبل أشهر، إلى تقديم خطابه، إلى ليلة الاثنين، وهي أمسية مخصصة عادة لنجوم الحزب السابقين، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
وخلال كلماته الوداعية لم يعط بايدن، البالغ 81 عاماً، أي إشارة تذكر إلى أنه مستعد للرحيل. وبينما ألقى بعض النكات حول استنكاره تأثير تقدمه في العمر، فإنه بالكاد ألمح إلى قراره بالتنحي تحت ضغط من زملائه الديمقراطيين الذين يشعرون بالقلق من أن صراعات أكبر رئيس في تاريخ البلاد ستؤدي إلى إغراق الحزب. وعندما فعل ذلك، قام ببساطة بتصوير الأمر على أنه عمل من أعمال التضحية لإنقاذ الديمقراطية الأمريكية من الرئيس السابق، دونالد جيه ترامب.
وقال في خطاب استمر 52 دقيقة في ختام الليلة الأولى من مؤتمر يحتفل بترشيح نائبة الرئيس كامالا هاريس خلفاً له: «لقد كان شرف حياتي أن أخدم كرئيسكم.. أنا أحب الوظيفة، لكني أحب بلدي أكثر. وكل هذا الحديث عن مدى غضبي من كل الأشخاص الذين قالوا إنني يجب أن أتنحى – ليس صحيحاً». وهنا هتف الجمهور: «نحن نحب جو».
المؤتمر الـ13
وكان هذا هو المؤتمر الثالث عشر الذي حضره بايدن منذ عام 1972، والثامن على الأقل، الذي ألقى فيه خطاباً، لكنه كان الأخير الذي سيلقيه بصفته صاحب منصب حالي، إذ كان جزءاً من السياسية الأمريكية لفترة طويلة، حتى أنه بدا من الصعب أن يتخلى عن السياسة والأضواء. وبعد أن أنهى كلمته، ظهرت هاريس على خشبة المسرح لتكريمه، قائلة له «أحبك كثيراً».
وبعد انتهاء كل المعانقة والهتاف، خرج جو بايدن خارج المسرح على أنغام أغنية «الحب الأعلى»، لويتني هيوستن، واختفى تاركاً المؤتمر خلفه لقضاء بقية الأسبوع في إجازة. إذ لم يعد مؤتمره، ولم يعد الآن وقته، ليصبح مشهد النهاية بمثابة فرصة لإلقاء الضوء على رحلته السياسية منذ البداية.
الرئيس الـ46
جو بايدن هو الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، ولد عام 1942، في مدينة سكرانتون بولاية بنسلفانيا، لأسرة كاثوليكية، وهو الطفل الأول لعائلته، أمه كاثرين يوجينيا فينيغان بايدن، وأبوه جوزيف روبينيت بايدن، وانتقلت عائلته عام 1953 إلى إقليم كليمونت بولاية ديلاوير، وترعرع جو هناك، حيث كان والده يمتهن تجارة السيارات.
حصل بايدن عام 1965 على شهادة في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة ديلاوير، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة سيراكوس وتخرج فيها عام 1968.
عمل بعد تخرجه في سلك القانون، حيث امتهن المحاماة. وتولى تدريس القانون في عدة جامعات أبرزها جامعة وايدنر -التي يُدرَّس فيها القانون الدستوري- حيث عمل أستاذاً مساعداً منذ 1991.
وتزوج جو من نيليا هانتر عام 1966، وأنجبت له 3 أطفال، هم بو، وهانتر، ونعومي. وعام 1972، توفيت زوجته وابنته في حادث سير وأصيب حينها ابناه بو (4 سنوات)، وهانتر (عامان). وفي 1977 تزوج بايدن من جيل جاكوبس، ورُزق منها بآشلي بليزر عام 1980. وعملت زوجته معلمة وحصلت على درجة الدكتوراه في التربية، ثم عادت إلى التدريس كأستاذة للغة الإنجليزية في كلية المجتمع في فيرجينيا. وعام 2015، توفي ابنه بو بعد معاناة مع مرض سرطان المخ، وكان ابنه حينها المدعي العام لولاية ديلاوير.
الحياة السياسية
يشتهر بايدن بقدرته الخطابية والإقناعية، وفي عام 1972 تم انتخابه نائباً عن الحزب الديمقراطي بالكونغرس الأمريكي في مجلس الشيوخ، وهو في الـ29 من عمره، ما جعله سادس أصغر سيناتور في تاريخ أمريكا. وتقلد جملة من المناصب في المجلس، أبرزها رئاسة لجنة الشؤون الخارجية، إضافة إلى عضوية عدد من اللجان الفرعية عن لجنة الشؤون القانونية.
وفي عام 1988 خاض بايدن جزءاً من الانتخابات الرئاسية، ثم انسحب على خلفية اتهام باقتباس خطاب ألقاه في ولاية آيوا عن خطاب لزعيم حزب العمال البريطاني. ثم أعلن مجدداً ترشحه للانتخابات التمهيدية عن الديمقراطيين لرئاسة الولايات المتحدة عام 2008، ثم انسحب في يناير/ كانون الثاني 2008، بعد أن جاء بعيداً خلف كل من باراك أوباما، وهيلاري كلينتون.
وفي 2008، اختاره المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية باراك أوباما، لمنصب نائب الرئيس، وتولاه فعلياً العام التالي. وبقي في منصبه بعد نجاح باراك أوباما في الحصول على ولاية ثانية عام 2012.
وعام 2020، ترشح لانتخابات الرئاسة أمام منافسه دونالد ترامب، وتمكن من الفوز عليه، ليتولى منصب الرئاسة في يناير/ كانون الثاني 2021. واختار كامالا هاريس نائبة له، لتكون أول امرأة من أصحاب البشرة السمراء تتولى منصب نائب رئيس الولايات المتحدة. وفي إبريل/ نيسان 2023 أعلن إطلاق حملته للترشح لولاية ثانية، لكن بعد ضغوط من قيادات في حزبه بسبب ظروفه الصحية، قرر الانسحاب.
عادي
فيديو | «دموع الألم» نقطة النهاية في مشوار بايدن السياسي
20 أغسطس 2024
16:26 مساء
قراءة
4
دقائق
https://tinyurl.com/dct8x3h