كثيراً ما تمر بنا أوقات سيئة في العمل أو فترات نشعر فيها بالإحباط والملل. لكن كيف تميّز إن كانت هذه الأعراض طبيعية أومؤقتة، أم أنها إشارة للتفكير في الاستقالة من الوظيفة والبحث عن أخرى؟ وإذا كان الوقت قد حان بالفعل لترك الوظيفة، فستحتاج إلى تعلم فن الاستقالة لتعرف كيف تغادر بفاعلية؟
فكر جيداً فيما بعد الاستقالة لأنك ستفقد مصدر دخلك واستقرارك المادي، وستفقد منصباً قد لا تجد مثله في وظيفة أخرى، وغير ذلك من الجوانب السلبية في ترك العمل. تأكد من وجود وظيفة جديدة أفضل ستذهب إليها، أو تجهيز غطاء مادي يكفيك للعيش لمدة ستة أشهر على الأقل، لحين العثور على مصدر دخل جديد.
لا بد من وجود خطة كاملة لما تنوي فعله بعد ترك الوظيفة، حتى لا تندم بعد ذلك بسبب العشوائية في اتخاذ قرار مثل هذا. أما إن كنت ستترك الوظيفة للانتقال للعمل عن بعد أو للعمل الحر بشكل عام، فهناك أمور يجب معرفتها قبل ترك الوظيفة والاتجاه للعمل الحر.
تذكر أنك ستقوم بتسليم أي أجهزة أو مرفقات معك تابعة للشركة مثل: هاتف محمول أو سيارة أو جهاز لوحي، أو غير ذلك. لذا، راجع قائمة المرفقات التي تسلمتها مع توظيفك، لأنك ستسلمها مع استقالتك. وتذكر أن هناك فترة إخطار قبل تقديم طلب الاستقالة من الوظيفة، وهذا يعني أن التاريخ الفعلي لترك العمل قد يكون بعد أسبوعين تقريباً من تقديم الاستقالة.
لكن ضع في حسبانك، أن صاحب العمل قد يطلب منك ترك العمل فوراً دون انتظار يوم آخر. وقد يحدث العكس ويطلب منك صاحب العمل الانتظار فترة أطول من المنصوص عليها في خطاب الاستقالة، أو مما هو مُتفق عليه في قوانين العمل. والمهم أن تتخذ احتياطك لكلتا الحالتين.
راجع قانون العمل جيداً، وكذلك بنود العقد الذي تم تعيينك به، حتى تكون على دراية كاملة بحقوقك وحقوق مديرك. وإن كان من حق مديرك إنهاء عملك فور تلقيه خطاب الاستقالة، فتأكد من امتلاكك لجميع المعلومات التي تحتاجها من حاسوب العمل الخاص بك. كذلك تأكد من إزالة بياناتك الشخصية، وحساباتك الإلكترونية، كالبريد وصفحات التواصل الاجتماعي.
كيف تستقيل من وظيفتك بمهنية؟
إن الاستقالة من العمل فن ومهارة، تتطلب الكثير من الشجاعة والحكمة. واتخاذ هذا القرار قد يكون صعباً، خاصة إن كانت الشركة قد استثمرت الكثير من الوقت والجهد لتطويرك، لكن من ناحية أخرى يتوجب عليك اختيار الأفضل لحياتك المهنية والشخصية، فكيف تستقل من وظيفتك بمهنية؟
- لا تترك العمل بدون استقالة: تحدث أحياناً بعض المواقف غير الجيدة التي تستنفد طاقتك، وتشعر معها أنك لا تريد الذهاب للعمل مرة أخرى. إن ترك العمل دون استقالة من أسوأ القرارات التي قد تقدم عليها في تاريخك المهني، فإياك أن تنقاد لغضبك في اتخاذ هذا القرار.
إن ترك الوظيفة بهذه الطريقة ينافي الأخلاق المهنية، ويترك عنك انطباعاً سلبياً، وبالتالي لن يتم ترشيحك من قِبَل زملائك لأي وظيفة في مكان آخر.
اجعل طرق تواصلك في العمل إيجابية أو محايدة على الأقل، فليس هناك ما تربحه عندما تكون سلبياً. احرص على قضاء هذه الفترة الأخيرة في عملك بدبلوماسية، حتى إن كنت تكره وظيفتك، أو تكره التعامل مع مديرك. تذكر أنه إن وصلت أمور سيئة عنك لمديرك الجديد قد يعتقد أنك ستتعامل بالطريقة نفسها إن وافق على توظيفك.
إن فن الاستقالة من العمل يُحتم عليك الحرص على ترك انطباع جيد، كما كنت حريصاً على ذلك أثناء تقدمك لهذه الوظيفة. ضع خططاً للبقاء على اتصال فعّال مع مديرك وزملائك، سواء من خلال الهاتف أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسيفيدك هذا إن احتجت لخطاب توصية.
- قدم الاستقالة لمديرك بوضوح: إن ترك خطاب الاستقالة من العمل على مكتب مديرك، أو تقديم الاستقالة بطريقة غير مباشرة، لن يساعد في خلق انطباع جيد لدى مديرك. والمواجهة الشخصية هي الطريقة الأكثر فاعلية، والأكثر احتراماً لمديرك ووظيفتك.
وقد تكون المواجهة في هذا الأمر صعبة، خاصة إن كنت سعيداً في عملك، ستكون أكثر صعوبة. أما في حالة غضبك وكرهك لوظيفتك، سيكون صعباً عليك أن تكون هادئاً في أثناء المواجهة. في كلتا الحالتين ينبغي أن تكون مواجهتك دبلوماسية، وأن تنتقي الألفاظ الإيجابية، دون ذم في الوظيفة أو في أحد زملائك.
لست مضطراً لذكر الأسباب الحقيقية التي دفعتك لاتخاذ هذا القرار، لكن هناك الكثير من الأسباب الدبلوماسية: كوجود وظيفة جديدة براتب أعلى، أو مكان عمل قريب من منزلك، أو مواعيد العمل لا تتفق مع ظروفك الشخصية.
قد يفاجئك مديرك ويرفض الاستقالة، أو يطلب منك البقاء مقابل ميزات سيمنحها لك. هنا يتوقف الأمر على الأسباب التي دفعتك لاتخاذ قرار الاستقالة، فإن كان لا بد من المغادرة فأكد تمسكك بقرارك. أما إن كانت الأسباب يمكن حلها، فاطلب من مديرك بعض الوقت للتفكير.
- لا تخبر زملاء العمل باستقالتك: يستعجل بعض الموظفين أحياناً ويخبر زملائه بقرار الاستقالة قبل أن يخبر مديره، وهذا من الأمور الخاطئة، لأنه غالباً ما يتسرب الأمر للمدير قبل أن تخبره بنفسك. وبعد أن تناقش الأمر مع مديرك، ابدأ بإخبار زملائك الذين تجمعهم بك علاقة وثيقة.
لا تحدثهم عن سلبيات الشركة، أو عن كرهك لوظيفتك. فقط أخبرهم بأنك تود المضي قدماً في مكان آخر، دون حاجة للتباهي أو لنقد موقفهم. ذكرهم بأوقاتك الإيجابية معهم وكيف استمتعت في العمل برفقتهم.
بعد التحدث بشكل مباشر لطلب الاستقالة، ينبغي إرسال طلب استقالة رسمي. يجب أن يكون خطاب الاستقالة موجزاً ومباشراً، ويتميز بالاحترافية، حيث قد يحتاج مديرك المستقبلي إلى الاطّلاع عليه. يجب أن يحتوي الخطاب على معلومات واضحة عن موعد مغادرتك. عبّر عن امتنانك للشركة وكيف ساعدتك في تطوير مهاراتك، وأكد تقديرك للوقت الذي قضيته معهم. حافظ على نبرة إيجابية وابتعد عن الكلمات السلبية، فلا فائدة من الانتقادات أو الإهانات. اشكر مديرك على الفرصة التي منحت لك للعمل في الشركة، واذكر بعض الأمور التي تقدرها، مثل فريق العمل أو المشاريع التي شاركت فيها. لا تنسَ أن تعرض استعدادك للمساعدة في تدريب الموظف الجديد. اختتم الطلب بطريقة لطيفة متمنياً لهم التوفيق، وضع توقيع ختام رسمي مثل: «مع الشكر والتقدير»، ثم اكتب اسمك وتوقيعك بخط اليد. |
- ماذا بعد تقديم طلب ترك الوظيفة؟
إن ما تفعله في الفترة القصيرة بعد تقديم الاستقالة يبقى في ذاكرة زملائك ومديرك، لذا، احرص على أن تكون تلك الأيام إيجابية ومميزة، حتى تترك انطباعاً جيداً عنك. اجعل آخر ما يلاحظونه عنك هو تفانيك في العمل والمشاركة الفعّالة. اجعلهم يتذكروك كشخص ملتزم يسعى لإنهاء ما بدأه بجدية ونشاط.
ساعد الموظف الجديد الذي سيأتي مكانك ودرّبه على طبيعة العمل والمهام الموكلة إليه. اجعله ممتناً لك على هذه الفرصة الرائعة. ربما لن تتاح لك الفرصة دائماً للقيام بهذا، ولكن هذه المشاركة الفعالة تعبر عن امتنانك للفرصة التي قدمها لك مديرك، وتترك انطباعاً إيجابياً يعزز من فرص توصيتهم بك في وظائف أخرى مستقبلاً.