«الخليج» - وكالات
في رحلة عجيبة من وادي السيليكون إلى عالم السياسة، كشف تحليل أمريكي الخروج المذهل عن النهج السياسي للملياردير الأمريكي إيلون ماسك قبل جائحة «كوفيد»، عندما اختار أن يضع نفسه في مكان يسترضي فيه اليسار واليمين كليهما، وتبرع لكل من الديمقراطيين والجمهوريين بينما أعلن على نحو متباين أنه «معتدل» و«اشتراكي» و«ليبرالي من الناحية الاجتماعية ومحافظ من الناحية المالية».
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الاثنين، في تحليل لمضمون تدوينات قطب التكنولوجيا الأمريكي منذ عام 2019 وحتى يوليو 2024، أنه نشر حوالي 13 ألف مرة هذا العام حتى نهاية شهر يوليو وهو ما يقرب من نفس عدد المشاركات في عام 2023 بأكمله، أي حوالي 61 مشاركة يومياً، مقارنة بتسع مشاركات في عام 2019.
مفتاح التحول نحو السياسة
وأوضحت أن هذه الزيادة الملحوظة في تفاعلات ماسك ترجع أسبابها إلى تأييده لحملة الرئيس السابق دونالد ترامب في يوليو، حيث قاربت منشوراته هذا العام، حتى نهاية شهر يوليو فقط، إجمالي منشوراته للعام السابق بأكمله تقريباً، وفقاً لتقرير يستند إلى البيانات التي نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال.
وكشف تحليل الصحيفة الذي أجرته على ما يقرب من 42,000 من تدوينات ماسك على وسائل التواصل الاجتماعي بين عام 2019 ونهاية يوليو2024 أن منشورات ماسك ركزت بشكل متزايد على القضايا السياسية والاجتماعية، حيث بلغ عدد التدوينات التي تحتوي على مصطلحات سياسية في عام 2024 ما يقرب من 230 ضعف ما كانت عليه في عام 2019.
وأوضحت الصحيفة أن مشاركات ماسك اتخذت نبرة سياسية بشكل متزايد منذ تفشي جائحة كوفيد-19، حيث انتقد عمليات الإغلاق التي فرضتها الحكومة، وذلك إضافة الى استحواذه على «تويتر» في أكتوبر2022 حيث نمت ميوله السياسية.
وفي تحليلها اليدوي لكل تغريدة كتبها ماسك في يوليو 2019، ثبت أن قرابة ثلثي تغريداته متعلقة بأمور الصناعة والفضاء، وأي تغريدات اضافية اخرى كان الغرض منها أيضاً مصلحة شركاته وتجارته حتى تلك التي كانت تتضمن انتقادات للحكومة، ولكن في يوليو 2024 خُمس منشورات ماسك البالغ عددها 2200 تدوينة فقط تتحدث عن السيارات والصواريخ وما يتعلق بمثل هذه الصناعات فيما 60% الباقية من منشورات ماسك تدور حول السياسة أو وسائل الإعلام أو الأحداث الجارية أو القضايا الثقافية.
بحلول عام 2022، كان ماسك يقضي وقتاً أكثر في الخوض في قضايا سياسية واجتماعية حساسة، حيث أعلن في تغريدة بمايو 2022، خصومته مع الديمقراطيين، مبرراً ذلك بشعوره بتعرض شركاته للاستهداف والمعاملة غير العادلة.
وفي العام نفسه بدأ ماسك في إبداء مزيد من الآراء حول الشؤون الدولية، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بينما بدأ في عام 2023، بالرد على تغريدات لقادة أجانب بارزين بمن في ذلك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن بينها كانت 7 تفاعلات مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي يعتبره الليبراليون في العالم أحد كبار قادة اليمين.
لماذا يركن للجمهوريين؟
وعلى الرغم من أن الجو العام وما يظهر للجمهور في علاقة ماسك بالسياسية لا يدل على أن ذلك التقارب نابع من مصلحة شخصية إلا أن موقع «أكسيوس» ألمح إلى أن تأييد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، قد يكون له «تأثير حاسم» في إمبراطورية رئيس تسلا وسبيس إكس وإكس.
وأوضح الموقع، أن باعتباره أغنى شخص في العالم، «يتقرّب ماسك من شخص قد يصبح قريباً أقوى شخص في العالم للمرة الثانية».
وفي تحليلها لخلفيات خطوة ماسك، ذكرت «أكسيوس»، أن «إمبراطورية ماسك بنيت بدعم حكومي، ولديه مصلحة راسخة في الحفاظ على ذلك»، لافتة في هذا الجانب إلى أن لسبيس إكس عقود مربحة مع ناسا.
كما أن شركة تسلا التي حصلت على قرض فيدرالي حاسم في بداياتها للبقاء، تسوق سياراتها الكهربائية على أنها مؤهلة للحصول على إعفاءات ضريبية أمريكية.
وتستفيد منصة إكس من درع قانونية في شكل المادة 230 من قانون آداب الاتصالات التي تحمي شركات وسائل التواصل الاجتماعي من المسؤولية عن محتوى المستخدم.
وبينما قال الموقع إن الدعم الحكومي سبب لتأييد ترامب، أوضحت أن ماسك لم يعلن ذلك. وبدلاً من ذلك، ركز بشكل كبير على القضايا السياسية مثل الهجرة ونزاهة الانتخابات، وفقاً لما نقله الموقع عن «بوليتيفاكت» المتخصص في التحقق من صحة المعلومات.
وفي سياق متصل، أشار الموقع إلى أن دعم ماسك لترامب قد يكون مدفوعاً كذلك برغبته في تخفيف الضغط الذي تفرضه عليه هيئة الأوراق المالية والبورصات بسبب تصريحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يتحقق إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض.
وعلى صعيد آخر، يلفت الموقع إلى تعقيد العلاقة بين ماسك وترامب، إذ تحمل سياسات ترامب مخاطر محتملة لأعمال ماسك، خاصة في ما يتعلق بحوافز السيارات الكهربائية والعلاقات التجارية مع الصين.
لماذا انقلب علي الديمقراطيين؟
وعزت وول ستريت جورنال إعلان إيلون ماسك دعماً لمرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة دونالد ترامب، جزئياً إلى تجاهل إدارة الرئيس جو بايدن لمالك منصة إكس، حيث كان ماسك قد أعلن في مارس الماضي على منصة أكس أنه كان يصوت حصرياً لصالح الديمقراطيين حتى سنين قليلة خلت.
حيث نظم بايدن في أغسطس 2021، حدثًا للسيارات الكهربائية، والذي كان من المقرر أن يوقع على أمر تنفيذي بهدف جعل نصف جميع المركبات الجديدة المباعة بحلول عام 2030 خالية من الانبعاثات.
قبل الحدث مباشرة، اتصل مسؤولو البيت الأبيض بشركة تسلا لإبلاغهم بأن ماسك ليس مدعواً.
بدلاً من ذلك، رحب بايدن بمسؤولين تنفيذيين من ثلاث شركات سيارات أخرى هي جنرال موتورز وفورد وشركة ستيلانتيس، والتي تخلفت جميعها عن تسلا بهامش كبير في إنتاج السيارات الكهربائية، لكنها توظف آلافا من أعضاء نقابة عمال السيارات.
ومنذ أن أصبح بايدن رئيساً، حققت لجنة التجارة الفيدرالية في ما إذا كان منصة «إكس» التي اشتراها ماسك قد انتهكت مرسوم الموافقة عندما سمح ماسك للصحفيين بالوصول إلى سجلات الشركة، ورفعت وزارة العدل دعوى قضائية ضد شركة «سبيس إكس» الفضائية التي يملكها المليارير الأمريكي، زاعمة التمييز في ممارسات التوظيف، ورفضت لجنة الاتصالات الفيدرالية دعم نظام ستارلينك لنطاق عريض، وهي إجراءات اعتبرها ماسك ذات دوافع سياسية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.