عادي

«أزمة ثقة».. الجيش الأمريكي يفشل في معركة «التجنيد»

21:51 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد ـ محمد كمال
في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الولايات المتحدة، فإن الجيش الأمريكي وجد نفسه في خضم أزمة كبيرة تتمثل في الحصول على مجندين جدد، ووصل الأمر حد قول خبراء عسكريين إنه يعيش واحدة من أسوأ حالات الركود على مدار نصف قرن، وذلك رغم ارتفاع نسب البطالة بين الشباب.

ووفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست، فإنه في أوائل شهر يونيو/حزيران، كانت محطة التجنيد المركزية بنيوجيرسي في مأزق للعثور على سبعة مجندين فقط كانوا على استعداد للانضمام إلى الجيش، وهي أعلى حصة شهرية للمركز هذا العام.
وقال الرقيب المسؤول عن التجنيد داخل المركز داين بيستون، إن مستقبله العسكري كان مهددا لعدم تمكنه من العثور على هؤلاء السبعة المستعدين للخدمة من بين قائمة ترشيحات.
وبحسب التقرير، فإن الضغط المتواصل الذي شعر به بيستون يعكس المخاطر الكبيرة التي يواجهها الجيش الأمريكي، إذ فشلت كل الخدمات، باستثناء قوات مشاة البحرية، في تحقيق هدف التجنيد لعام 2023.
ـ تقليل العدد ـ
واضطر الجيش إلى تحديد هدف جلب 55000 مجند في عام 2024، أي أقل بحوالي 10000 من الهدف غير المحقق في العام الماضي. وفي ظل هذه الأوضاع عزف الجيش عن تحديد الهدف الجديد بناءً على التهديدات التي تواجه البلاد، أو حجم الأموال التي كان الكونغرس على استعداد لإنفاقها، أو عدد الدبابات والمروحيات التي يمكن للبنتاغون نشرها.
وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة، كان القائمون على التجنيد يكافحون من أجل العثور على جنود من بين مجموعة متضائلة من الشباب المؤهلين. وتكشف الإحصائيات أن حوالي 23% فقط من جميع الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و24 عامًا يستوفون المعايير البدنية والأخلاقية والتعليمية للجيش. في الوقت الذي تزايدت عدم ثقة الشباب في القيادة السياسية في بلد تفاقم فيه الاستقطاب والتشاؤم.
ووفقا لمؤسسة جالوب، تراجعت الثقة في جميع المؤسسات الأمريكية - المحكمة العليا، والكونغرس، والشرطة، والمدارس العامة - في السنوات الأخيرة. ولم تكن القوات المسلحة، على الرغم من أنها لا تزال تتمتع بشعبية نسبية، محصنة، وفي عام 2023، قال حوالي 60% من الأمريكيين إن لديهم «قدرًا كبيرًا» من الثقة في الجيش، وهي أدنى نسبة منذ عام 1997، حسبما ذكرت المؤسسة.
ـ وزيرة الجيش تحذر ـ
وفي الوقت الراهن، ينتشر الجنود الأمريكيون في جميع أنحاء العالم، ويقومون بتدريب القوات الأوكرانية على محاربة الروس والعمل جنبًا إلى جنب مع الحلفاء لردع الصين وكوريا الشمالية وغيرها. وأقرت وزيرة الجيش كريستين ورموث أنه: «إذا أصبحنا أصغر من اللازم، فإن قدرتنا على القيام بهذه الأشياء ستكون في خطر».
وداخل احد مراكز التجنيد، فقد كان بعض المرشحين ينتظرون التنازل عن حالات طبية، مثل الربو أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهي عملية بطيئة وبيروقراطية قد تستغرق أسابيع أو في بعض الحالات أشهر. كما كان أحد المرشحين الآخرين قد دخن مؤخرًا الماريجوانا، وهي قانونية في نيوجيرسي ولكنها غير مؤهلة للجيش الأمريكي، وكان ينتظر عمل تحليل جديد.
ـ إعلانات في الشوارع ـ
ومن اللافت هو قيام بعض الموظفين بلصق إعلانات على المتاجر تتضمن ما يصل إلى 27100 دولار سنويًا كمساعدة دراسية للمجندين الجدد. وخلال ذلك فإنهم يستكشفون في الممرات والطرق أي مجندين محتملين، وتتركز أهدافهم حول أشخاص في العشرينيات من العمر عالقون في وظائف بيع بالتجزئة، ورياضيون في المدارس الثانوية، ومراهقون يرتدون ملابس وطنية. ثم يبادرون بطرح التساؤل على المجند المحتمل: «هل فكرت يومًا في الانضمام إلى الجيش؟».
ويأتي العامل السياسي في مقدمة أسباب عزوف الشباب الأمريكيين عن التجنيد، إذ كان المرشحان للرئاسة الجمهوري دونالد ترامب، وجو بايدن قبل انسحابه يغرقان الأسماع بالتحذيرات من أن أخطر التهديدات لأمريكا وتأتي من داخل حدودها؛ وأن خصمه إذا تم انتخابه، سوف يغرق الأمة في الاستبداد.
ـ وباء كوفيد والأزمة ـ
كما أدى وباء كوفيد وإغلاق المدارس إلى تسريع الاتجاهات السلبية طويلة الأمد التي أدت إلى تآكل مجموعة المجندين المؤهلين. حيث ارتفع عدد الشباب الذين يتناولون أدوية محظورة لعلاج الاكتئاب أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. كما ارتفعت معدلات السمنة، وانخفضت المعدلات الإدراكية.
وتغلبا على الأزمة، قام الجيش بزيادة عدد العاملين الطبيين لتسريع عملية تمرير المجندين المحتملين، والتي تتطلب في كثير من الأحيان من بعضهم الذين يعانون من ظروف صحية غير مؤهلة الحصول على موافقة من أطباء الجيش وتوقيع كبار القادة. ورغم ذلك ظلت العملية بطيئة.
وفي واشنطن، كان كبار مسؤولي الجيش يعملون على تقديم الدعم لمحطات التجنيد. حيث أطلقوا حملة إعلانية جديدة وكانوا يختبرون أدوات الذكاء الاصطناعي التي يأملون أن تساعد مسؤولي التوظيف في تحديد المرشحين الواعدين وسط عشرات الآلاف من الأسماء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4c22upxe

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"