تحقيق:منى البدوي
بات وجود المدرس الخصوصي اليومي في المنزل منذ بداية العام الدراسي أمراً أساسياً وضرورياً لدى بعض الأسر، حيث إن بعضهم يلقي بجميع التكليفات الدراسية المنزلية على المدرس الخصوصي ليصبح مدرساً لحمل الأعباء والتكليفات الدراسية من حل الواجبات والمنصات وسرعة إنجازها وعمل مشاريع وأبحاث وغيرها من المهام المنوط بها الطالب.
أسباب عديدة ذكرها أولياء الأمور لتبرير لجوئهم إلى المدرس الخصوصي طوال العام الدراسي منها الأم الموظفة خاصة بنظام المناوبة، وعدم قدرة بعضهم على مواكبة التطور الذي لحق بالمناهج الحديثة، وكثرة الواجبات المدرسية المنزلية خاصة لدى الأسر الذي يوجد فيها عدد من الأبناء في مراحل دراسية مختلفة، وهو ما يجعل من وجود المدرسين الخصوصيين أمراً ضرورياً على الرغم من الأعباء المادية التي يضيفها إلى الأسرة.
يعزز الاتكالية والإهمال ويشتت الطالب وبعضهم غير مختص.
آثار سلبية
بدأت وفاء الشامسي، معلمة لغة عربية، حديثها بقولها: «أتمنى أن تختفي هذه الظاهرة» وذلك لما لها من آثار سلبية واسعة على الطالب وأيضاً على ولي الأمر، حيث إن شيوع اعتماد الطلبة على المدرس الخصوصي نتج عنه وجود عدد كبير من المدرسين الخصوصيين غير المختصين بالعملية التعليمية أو بالمادة التي يقومون بتدريسها للطالب في المنزل، وهو ما يصعب اكتشافه من قبل الطالب الضعيف وبالتالي سيتسبب بفشله مستقبلاً.
وأشارت إلى أن هذه الظاهرة تتسبب بتعزيز الاتكالية لدى الطالب الذي يلقي بكافة المهام والواجبات على المدرس الخصوصي وتحوله إلى فرد غير مبالٍ بالحصة الدراسية التي يشرحها مدرس متخصص تم اختياره بعد اجتيازه لسلسة اختبارات من قبل الجهة المعنية. كما أنها تدفع الطالب إلى الإهمال وعدم التركيز والفهم من المعلم إلى جانب أنها تخلق نوع من عدم الثقة بالمعلومة التي يقدمها المعلم المتخصص ذو الكفاءة العالية بالمدرسة واللجوء إلى المدرس الخصوصي الذين بعضهم غير مختص. وأشارت إلى أن أغلبية الطلبة الذين يعتمدون على الدروس الخصوصية لديهم نوع من التشتت وعدم القدرة على تنظيم الوقت، حيث إن الطالب يعود من مدرسته ليتوجه بعدها إلى المدرس الخصوصي الأمر الذي يترتب عليه هدر الوقت والإرهاق والتعب وعدم القدرة على حل الواجبات الأخرى المنوط بها الطالب بالإضافة إلى الضغوط المادية التي يتكبدها الأهل بسبب هدر المال ودفع مبالغ مالية طائلة دون فائدة حقيقية يمكن جنيها.
وعي عالٍ
وقالت غبيشة العامري، موظفة وأم لعدد من الأبناء، يجب أن يكون الأهل على درجة عالية من الوعي عند اللجوء إلى مدرس خصوصي، بحيث يدرك ولي الأمر أن المدرس ليس وسيلة للقيام بكافة الواجبات المدرسية المنزلية، وتعويد الطالب الذي سيكون في المستقبل موظفاً أو مسؤولاً على الإهمال، وإنما «مدرس معالج» يقوم بمعالجة مواطن الضعف في أي من المواد الدراسية لدى الطالب.
وأضافت يجب على ولي الأمر أن يوضح دور المدرس الخصوصي لأبنائه الطلبة وتعويدهم على بذل الجهد في الفهم خلال قيام المعلم في الفصل بشرح المادة، وضرورة عدم الاعتماد على المدرس الخصوصي في شرح جميع المواد وحل الواجبات وتنفيذ المشاريع وغيرها من المهام المنوط بها الطالب، وهو ما يحفز الطالب ويلزمه بذل المجهود سواء خلال الحصة الدراسية أو بحل الواجبات المنزلية.
وأشارت إلى أن المساعدة في حل الواجبات المنزلية خاصة لدى الطلبة في الفصول التأسيسية يجب أن يشارك ولي الأمر ابنه في حلها إذا لزم الأمر، وذلك لما سينعكس على الطالب من آثار نفسية وتربوية واجتماعية إيجابية أبرزها بناء شخصية قادرة على تحمل المسؤولية.
التأسيس السليم
وذكر حمود العزيزي ولي أمر لطلبة من مرحلة الروضة وحتى الجامعة وجميعهم من المتفوقين، أنه لم يعتمد يوماً على المدرس الخصوصي على الرغم من أن زوجته موظفة في الميدان التربوي، مرجعاً أسباب ذلك إلى وضع خطة تربوية تعليمية للأبناء تبدأ منذ الصغر، بحيث يتم تأسيس الطفل بشكل جيد وتعزيز الفهم والإدراك لديه بمختلف الوسائل والأساليب المتاحة ومنها الألعاب التي تنمي الإدراك والقدرة على سرعة الاستيعاب بما يجعله قادراً على الفهم خلال قيام المعلم بشرح الدرس في الفصل. وأضاف أنه على الرغم من انشغالي في العمل أغلب الوقت إلا أن ذلك يجب أن لا يؤثر في التواصل مع الأبناء ومتابعتهم وتقديم النصائح والإرشادات ومشاركتهم اهتماماتهم وتخصيص جزء للمناقشات العائلية خاصة في إجازة نهاية الأسبوع، وهو ما يعد جزءاً مهماً مكملاً لدور الأم في التربية والتأسيس وتعزيز قيم تربوية وتعليمية وأخلاقية لديهم تساعد على بناء شخصية قادرة على تحمل المسؤولية.
وأشار إلى أن وظيفة الأم لا تشكل عائقاً أمام قيامها بواجباتها ومسؤولياتها في ظل تنظيم الوقت والتنشئة الصحيحة للطالب التي تمكنه من الفهم والاستيعاب خلال الحصة والعودة لاستذكار الدروس وحل الواجبات بوجود والدتهم التي تسعى خلال فترة مذاكرتهم لمتابعة الأبناء ومساعدتهم إذا تطلب الأمر.
البحث عن المعلومة
وقال عيسى المرزوقي ولي أمر، أرفض وبشدة اعتماد أبنائي على المدرس الخصوصي، وذلك لقناعتي التامة بأن العملية التربوية والتعليمية السليمة لا تعتمد فقط على المعلم وإنما ترتكز قواعدها على المعلم والطالب بتحفيزه وتشجيعه على التركيز والبحث عن المعلومة من المصادر التعليمية المتاحة وأيضاً على أولياء الأمور ودورهم في المتابعة مع الطالب والمعلم لاكتشاف مواطن الضعف ومعالجتها بالتعاون مع المعلم في المدرسة، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تنشئة أبناء مثقفين متعلمين قادرين على تحمل المسؤولية الشخصية والاجتماعية والمهنية.
وأشار إلى أن وجود المدرس الخصوصي يخلق نوعاً من الاتكالية والإهمال لدى الطالب ويدفعه إلى عدم التركيز خلال الحصة وذلك لاعتماده على شخص سيقوم بجميع تلك المهام في المنزل الأمر الذي سينتج عنه شخصية غير قادرة على العمل والإنتاج وتحمل المسؤولية.