صيد الذباب

00:50 صباحا
قراءة دقيقتين

يُخيل إليك وأنت تتأمل حالة الناس اليوم وكيفية تفاعلهم مع الاتصال والتواصل المستمر عبر كل الوسائل المتاحة، أن الإنسان صار أشبه بهوائي التلفزيون أو الراديو قديماً، يلتقط كل الإشارات والذبذبات الآتية من كل الاتجاهات ليعيد نقلها وبثها بالصوت والصورة قيتلقفها ملايين البشر؛ أحياناً يكون على علم بما ينقله ويعيد بثه ونشره، وأحياناً يتم استغلاله ليمرر رسائل يجهل النوايا الخفية خلفها أو أنه يحسب بأنه يعيد نشرها ليحذر الآخرين منها، بينما يسهم بشكل غير مقصود في اتساع رقعة تلك الرسائل وتحقيق أهدافها بخلق بلبلة فتكون حديث المجتمعات و«ترند» بلغة هذا العصر.
لا تهدأ الجيوش الإلكترونية ولا تمل، فلا تكاد تنتهي أزمة يفتعلها مجهولون على وسائل التواصل الاجتماعي يثيرون بها نعرات ويخلقون حروباً بين شعبين ومجتمعين عربيين، حتى يستغلوا مناسبة أخرى يجرّون فيها المتابعين إلى جدل طويل تشم منه رائحة العنصرية ورائحة فتنة مقصودة بين دولتين، تماماً كما يحصل بين الحين والآخر وحصل منذ مدة قريبة، وكان الهدف من تلك التغريدات والمنشورات والصفحات «الوهمية» خلق فتنة بين دولتي وشعبي المملكة العربية السعودية والإمارات، وسبق أن شاهدنا «معارك» إلكترونية مشابهة يتم إشعالها لخلق أزمة بين أي دولتين شقيقتين خليجيتين أو الدول العربية عموماً.
النسخة الـ 13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، التي انطلقت أمس في الشارقة، تأتي في ظل ما شهدناه من حملات من قبل حسابات روجت للشائعات وكان الهدف منها واضحاً وخبيثاً، زعزعة العلاقة الطيبة بين شعبي الإمارات والسعودية، وجاء الرد عليها بالدعوة التي أطلقها الشيخ عبدالله آل حامد رئيس ⁧‫المكتب الوطني للإعلام⁩، في تغريدة عبر منصة «إكس»، لحظر الحسابات المضللة التي تروج للشائعات والأكاذيب.
وانتشرت حملة «صيد الذباب» وتفاعل معها الناس بشكل سريع وقد ساهموا بدورهم في نشر تلك الدعوة لمقاطعة المحتوى السلبي وعدم المساهمة في إعادة نشره أو حتى التعليق عليه، كي لا يحقق هدفه بالانتشار وزرع الفتنة وجرّ المتابعين إلى جدل الهدف منه خبيث.
نسهم أحياناً عن غير قصد في نجاح هذا الذباب الإلكتروني بنشر الفتنة، وكما قال مدير المكتب الوطني للإعلام بالإمارات دكتور جمال الكعبي في منتدى الاتصال أمس إن «الأخبار الزائفة يعاد نشرها بنسبة ٧٠٪؜ أكثر من الأخبار الحقيقية»، فمن باب الفضول يسرع الناس إلى قراءة كل ما يطلق عليه اليوم «ترند»، والجيوش الإلكترونية الخفية تعرف كيف تصنع الأزمات وتنشرها بسرعة البرق لنقع في فخها ونعيد نشرها أو التعليق عليها للدفاع عن الحق ومنع التضليل، وننسى أننا بذلك نسهم في انتشار الأكاذيب والبلبلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/23kx6fd7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"