ضج اجتماع حلفاء أوكرانيا، في القاعدة الجوية الأمريكية في رامشتاين في غرب ألمانيا، بالحديث عن ضخ عشرات المليارات إلى كييف وتزويدها بالأسلحة وصواريخ الدفاع الجوي للاستمرار في الحرب ضد روسيا، وغابت عن الاجتماع الدعوات إلى المفاوضات والسعي إلى إنهاء هذا الصراع سلمياً، لتفادي أي عواقب أو تداعيات غير محسوبة.
يمكن القول إن اجتماع رامشتاين كان اجتماع حرب بامتياز وتصعيداً للهجة، ليس لأن أوكرانيا تقترب من تحقيق النصر، وإنما لأن روسيا تتقدم وتسيطر على مزيد من الأراضي والمحاور والمدن الاستراتيجية. أما التوغل، الذي أعلنت عنه كييف في كورسك، فقد تحول إلى مصيدة تتكبد فيها قواتها خسائر جسيمة، رغم ما تدعيه من صمود واستعداد لتوسيع نطاق سيطرتها، بينما مازال الرئيس فولودمير زيلينسكي يأمل الحصول على أسلحة بعيدة المدى وضوء أخضر يسمح له بضرب عمق الأراضي الروسية، غير عابئ بتحذيرات موسكو ويحرض حلفاءه على تجاهلها، والتدخل أكثر في هذه الحرب بغض النظر عن النتائج.
اجتماع حلفاء أوكرانيا، جاء بعد يوم من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استعداده للتفاوض مع أوكرانيا بعد السيطرة التامة على دونباس، وبعد يومين من تحذير وزير الخارجية سيرغي لافروف للغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، من المزاح بشأن الخطوط الحمراء الروسية، وسبق هذا الموقف تأكيد على أن موسكو مضطرة إلى تعديل عقيدتها النووية بسبب بعض السلوكيات الغربية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
ومعنى هذه التحذيرات الصريحة أن أي تهور قد يقود إلى ما لا يحمد عقباه، وفي هذه الحالة صدام مباشر بين روسيا ودول حلف «الناتو» وما قد يستتبعها من كوارث لا يمكن تخيلها ليس على أوروبا فحسب، بل وعلى العالم أجمع.
لقاء رامشتاين، كان اجتماع حرب، حيث دعا وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الدول الغربية إلى زيادة المساعدات إلى أوكرانيا مع اقتراب فصل الشتاء، ليبدأ بعد هذه الدعوة المزاد، فهذه واشنطن تتعهد بتقديم 250 مليون دولار، وحلف «الناتو» ينوي تخصيص 40 مليار يورو مساعدات عسكرية مستقرة وطويلة الأمد، أما الاتحاد الأوروبي فلم يجد في جعبته غير 40 مليون يورو، وأعلنت بريطانيا تزويد أوكرانيا بنحو 650 نظاماً صاروخياً، وقالت كندا إنها ستتبرع ب 80 ألف محرك للصواريخ غير الموجهة.
ظاهرهذه الحزم المليارية والترسانة الضخمة يوحي وكأن القوم ذاهبون إلى حرب كبرى، أما باطنها فيعبر عن حسرة مزمنة على تعذر إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، ولم تفلح المساعدات والقوائم الطويلة من العقوبات على موسكو في تمكين أوكرانيا من استعادة ما فقدته من أراض في القرم ودونيتسك ولوغانسك، وربما ستفقد المزيد منها إذا استمر هذا الصراع دون حل.
أما الخطر الأكبر فيتمثل في احتمال توسعها، وهو أمر وارد طالما ظلت الأزمة مشتعلة، ولذلك كان أجدى بجميع القوى الفاعلة أن تبحث عن مخرج يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، لا مواصلة صب الزيت على النار.
https://tinyurl.com/9nmj7sak