عادي
صيفنا قراءة

سالم الجنيبي: الكتاب قصة عشق لا تنتهي

00:10 صباحا
قراءة 4 دقائق
سالم الجنيبي

الشارقة: علاء الدين محمود
«الصيف ليس مجرد فترة للراحة، بل هو زمن للمغامرة الفكرية والإبداعية، ما يتيح للفنانين والكتاب فرصة نادرة للتواصل مع أعماقهم وإعادة اكتشاف شغفهم ومهاراتهم». هكذا تحدث الفنان التشكيلي سالم الجنيبي، معدداً فوائد العطلة الصيفية، حيث يعتبرها فرصة سانحة للقراءة وتحصيل المعارف، خاصة أن الصيف هو فترة الإجازة والتفرغ عند الكثير من الناس، وتلك العطلة بحسب الجنيبي تمثل فرصة عميقة للتأمل الشخصي، خاصة لمن يعمل في مجال الإبداع والفنون، في ظل عالم سريع ومتسارع، ليأتي الصيف كهدوء يتيح للروح والفكر فرصة للتنفس والتجدد عبر القراءة والاطلاع والتثقيف.
ويشير الجنيبي إلى أهمية أن تكون العطلة الصيفية بالنسبة للكتاب والفنانين، وقتاً لإعادة اكتشاف الذات والإلهام، فالصيف، بما يحمله من هدوء نسبي، يفتح المجال لاستكشاف أبعاد جديدة من المعرفة والتأمل، والكتابة والفن يتطلبان قدرة على التغلغل في أعماق النفس، ما يثري التجربة الإبداعية، كما أن القراء في هذه الفترة سيضربون موعداً مع الكتاب، وتلك قصة عشق لا تنتهي فصولها.
رحلة
ويمضي الجنيبي، في حديثه فيتناول علاقة الفنان التشكيلي بالقراءة، ودورها في توسيع مداركه وثقافته، فالاطلاع كما يرى خاصة في موسم الصيف، يمكن أن يكون أكثر من مجرد وسيلة للتعلم، إنها رحلة عبر الأزمنة والثقافات المختلفة، واستكشاف لأفكار قد تعزز فهمك للعالم ولذاتك كفنان، ومن خلال الغوص في الأعمال الأدبية والفنية، يمكن اكتشاف مصدر إلهام جديد يعزز القدرة على التعبير ويعيد تشكيل رؤية الفرد الفنية.
ويلفت الجنيبي، إلى أنه كفنان تشكيلي وكاتب متخصص في الفنون، فهو دائماً في رحلة استكشاف مستمرة عبر الألوان والأشكال، لكنه أيضاً يجد نفسه مدفوعاً بشغف عميق نحو الكتب التاريخية والبحث في التراث وموروث وثقافة الشعوب، فتلك عوالم محببة، تجول بواسطة المؤلفات إلى أعماق الماضي، وكيف كانت حياة البشر حينها، والعلاقات التي تجمعهم، وما هي اهتماماتهم وفنونهم وثقافتهم.
قصة الحضارة
ويقول الجنيبي: «القراءة بالنسبة لي ليست مجرد هروب من الواقع، بل هي وسيلة لفهم أعمق لجذور الثقافة الإنسانية وتاريخها الغني»، ويشير إلى أن من بين الأعمال التي تأثر بها بشكل خاص، ويعود في كل مرة للنهل منها، كتاب: «قصة الحضارة» لويل ديورانت، ذلك الكتاب الذي يقدم نظرة شاملة على تطور الحضارات وكيفية تشكيلها للإنسانية عبر العصور، ويؤكد الجنيبي، أن هذا الدمج في الكتاب بين الفن والتاريخ يثري تجربته الشخصية والفنية، ويعزز فهمه للتراث الثقافي والإنساني، حيث إن الكتاب موسوعي تاريخي يتكون من أحد عشر جزءاً يتحدث عن قصص جميع الحضارات البشرية منذ بدايتها وحتى القرن التاسع عشر ويتسم بالموضوعية، وبالمنهج العلمي.
وفي جعبة الجنيبي كذلك عدد من المؤلفات التي يرغب في تسليط الضوء على بعضها لما تحوي من قيمة فكرية وفنية رفيعة المستوى، فهناك كتاب «التراث والإبداع في الفن الإماراتي»، للمؤرخة الفنية الدكتورة نهى هلال فران، حيث يقدم هذا الكتاب رؤية تحليلية معمقة حول كيفية تفاعل الفن الإماراتي مع التراث المحلي، مسلطاً الضوء على تأثير الجذور الثقافية في تشكيل هوية فنية فريدة.
وهناك كتاب «امرأة سبقت عصرها» للدكتورة رفيعة غباش، فهو أكثر من مجرد سيرة ذاتية، إنه حوار ممتد مع الزمن، يجمع بين البعد التاريخي، الاجتماعي، الأدبي، والإنساني، ليقدم تجربة ملهمة تلامس قضايا المرأة في سياق تاريخي واجتماعي أوسع.
أيضاً هناك كتاب «أيام وذكريات» لعبد الرحمن الجروان، وهو عبارة عن نص ينسج بين الخبرات الحياتية والسيرة الذاتية، مقدماً مزيجاً من أدب الرحلات والتأملات الشخصية. الكتاب يبحر في أعماق التجارب الإنسانية، وينقل للقارئ عصارة المعرفة المتراكمة من خلال تجارب الكاتب المتنوعة. ويحمل الجنيبي في جعبته كتاب «المعنى: أحاديث الأوائل من الذاكرة الشعبية» للدكتور عبد العزيز المسلم، وهو الإصدار الذي يشكل سجلاً أدبياً شفاهياً يخلد الحكمة الشعبية والتراث اللامادي للأجيال السابقة، فهذا الكتاب يعد توثيقاً حيوياً لذاكرة المجتمع وتراثه عبر الأجيال.
وهناك رواية «مهيرة» للباحث الدكتور عمر عبد العزيز، وهي رواية مستوحاة من الأعمال الفنية للفنان الرائد عبد الرحيم سالم، والرواية تحمل أبعاداً إنسانية عميقة، حيث تتناول رحلة الإنسان مع قدره.
ويشير الجنيبي إلى أن هذه الكتب ليست فقط مصدراً للمتعة الفكرية، بل تعد كذلك محفزات تأملية تلهم العقل وتثري الروح، لما تحتويه من سرد تاريخي وتحليل فني وأدبي وتجربة شعرية وأدبية غنية.
ويقول الجنيبي متحدثاً عن طقوسه في القراءة: «أختار كتابي بعناية، وكأنني أبحث عن صديق قديم لم ألتقِ به منذ زمن بعيد. أحياناً أجد نفسي أقرأ في هدوء الليل، حين يغرق الجميع في النوم، وأحياناً أخرى عند شروق الشمس، حيث تتناغم الكلمات مع أولى خيوط الضوء، وعندما أقرأ، أشعر بأنني لا أكتفي بتقليب الصفحات، بل أعيش داخل الكتاب، وأتحرك بين سطوره كما لو كنت ضمن شخصياته».
ومن الطقوس التي يتبعها الجنيبي كذلك مناقشة كل كتاب يقرؤه مع زوجته، وقد يستمران في مناقشة كتاب واحد لفترة طويلة، وأحياناً يبحثان عن تفاصيل الشخصيات أو الأحداث المذكورة، ويشير الجنيبي، إلى أن هذا الشغف يدفعه إلى زيارة مكتبة «بيت الحكمة» في الشارقة، للبحث عن الحقائق التاريخية أو الشخصيات التي وردت في الكتب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/t93tc2n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"