«الخليج» - وكالات
رغم مرور قرابة 28 شهراً على اندلاع الحرب التي استعرت بين روسيا وأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لا صوت يعلو على صوت الصراع، ولا تزال الجبهات مفتوحة على جميع الاحتمالات خاصة في شرق أوكرانيا الذي تواصل قوات الكرملين زحفها المتواصل نحو عمقه مدعومة بسلاح الجو الذي يعلن دك الحصون الأوكرانية بشكل يومي، في وقت تواجه فيه رغبة كييف استهداف العمق الروسي رفضاً قاطعاً من حلفائها الغربيين خشية من احتمالات توسع رقعة الصراع الحالية، أو اشتداد ضراوتها على أقل التقديرات.
وفي آخر تحركاتها أعلنت روسيا الأحد، أن قواتها تحرز تقدماً جديداً في شرق أوكرانيا، في وقت أفادت كييف عن هجمات جوية عنيفة مطالبة الدول الغربية الحليفة مجدداً بالسماح لها بتنفيذ مزيد من الضربات الانتقامية داخل الأراضي الروسية.
و كثّفت موسكو هجماتها الجوية في الأسابيع الأخيرة، بينما تحاول صدّ هجوم أوكرانيا الكبير في منطقة كورسك والذي بدأته في السادس من أغسطس/آب، في هذه المنطقة الواقعة قبالة منطقة سومي في شرق أوكرانيا، بهدف إنشاء منطقة عازلة لحماية مدنيّيها في المناطق الحدودية من الهجمات الجوية الروسية.
ولكن غارة جوية روسية جديدة أدّت إلى مقتل شخصين في سومي، وقالت الإدارة العسكرية في هذه المنطقة عبر تليغرام الأحد، «هذه الليلة... شنّ الروس هجوماً جوياً على مدينة سومي. قُتل شخصان وأصيب أربعة آخرون».
من جهته، أفاد رئيس بلدية سومي أولكسي دروزدينكو بأنّ منازل وسيارات تعرّضت لدمار أو أضرار.
وقال مكتب المدعي العام الإقليمي الأحد إن هجوماً صاروخياً روسياً على بلدة قريبة من خط المواجهة في منطقة دونيتسك التي تعد مركز القتال، أدّى أيضاً إلى مقتل امرأتين.
وتعلن روسيا عن تحقيق قواتها تقدّما في الشرق حيث تكثّف هجماتها. وأعلنت موسكو في أغسطس/آب تحقيق أهم مكاسب ميدانية منذ عامين تقريباً في هذه المنطقة حيث أعلن الجيش الروسي الأحد السيطرة على بلدة أخرى خلال تقدمه باتجاه مدينة بوكروفسك الاستراتيجية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنّ قواتها «حرّرت بلدة نوفوهروديفكا» في منطقة دونيتسك.
وتقع هذه المدينة على بعد نحو عشرين كيلومتراً من بوكروفسك، التي تعتبر مركزاً لوجستياً مهماً للجيش الأوكراني. ومنذ عدّة أسابيع، تشكّل بوكروفسك هدفاً للقوات الروسية التي تفوق القوات الأوكرانية عدداً بينما تعاني هذه الأخيرة نقصاً في العتاد أيضاً.
«ضرب المطارات العسكرية»
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس «أولوية» السيطرة على منطقة دونباس بأكملها، وهي منطقة صناعية كبيرة في شرق أوكرانيا تضم منطقة دونيتسك.
من جهته، حثّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شركاءه الأحد على منحه مزيداً من الحرية في استخدام أسلحة زوّدته بها الدول الغربية ضد أهداف في روسيا.
وتطالب كييف برفع القيود للسماح لها بشنّ ضربات ضد أهداف عسكرية تعتبرها «مشروعة» في عمق الأراضي الروسية، مثل القواعد الجوية التي تنطلق منها الطائرات التي تقصف أوكرانيا.
وقال زيلينسكي عبر فيسبوك: «خلال أسبوع واحد فقط، استخدمت روسيا أكثر من 800 قنبلة موجّهة جوياً ونحو 300 مسيرة وأكثر من 60 صاروخاً من أنواع مختلفة ضد شعبنا».
وأضاف «لا يمكن وقف التحركات الروسية بشكل فعّال إلا بطريقة واحدة: عبر ضرب المطارات العسكرية الروسية وقواعدهم ولوجستياتهم ».
على خط متصل، ارتفع عدد ضحايا الغارة الروسية التي استهدفت بلدة بولتافا في وسط أوكرانيا في الثالث من سبتمبر/أيلول إلى 58 قتيلاً بعد وفاة ثلاثة جرحى، حسبما أفادت السلطات الإقليمية.
«أهداف مشروعة»
كذلك، أسفرت الضربات الروسية الأسبوع الماضي عن مقتل سبعة أشخاص في لفيف الواقعة في غرب أوكرانيا، والقريبة من الحدود مع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
من جانبها، أعلنت أوكرانيا السبت، مسؤوليتها عن ضربة استهدفت مستودع ذخيرة روسيا في منطقة فورونيج الحدودية.
كما نفّذت هجمات بطائرات من دون طيار على مستودعات نفط ومصافي تكرير روسية، تقع على بعد بضع مئات من الكيلومترات خلف الخطوط الأمامية.
وتؤكد أوكرانيا أن هذه المواقع تشكّل أهدافاً مشروعة، لأنّها تزوّد الجيش الروسي بالوقود.
وقال وزير الخارجية الأوكراني الجديد أندريه سيبيغا على منصة إكس، إنّ «الدولة التي تدافع عن نفسها وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لا يمكن أن تكون مقيّدة في دفاعها».
وأضاف أنّ «القانون الدولي يسمح لأوكرانيا بضرب أهداف عسكرية مشروعة على الأراضي الروسية».
فشل في «كورسك»
من جهة أخرى، تواصل كييف هجومها في كورسك حيث قالت إن الهدف منه إجبار روسيا على التراجع في الشرق، لكن تأثر ذلك التوغل جاء بالسلب على كييف، حيث كان الاختراق الروسي والتقدم باتجاه «بوكروفسك»مع توغل أوكرانيا في كروسك، كافياً لإضعاف الدفاعات الأوكرانية في كافة أنحاء منطقة دونيتسك، وفق محللون.
وتمثل بوكروفسك بحسب المحللون العقدة اللوجستية الاستراتيجية المهمة بالنسبة إلى أوكرانيا، حيث إن تلك المدينة تقع عند تقاطع عدة طرق، بما في ذلك الطرق السريعة، إضافة إلى خطوط السكك الحديدية، ما يجعل منها نقطة عبور مهمة للإمدادات والذخائر، وفي حال سقطت المدينة سيكون الروس قد فتحوا الطريق نحو آخر مدينتين كبيرتين يسيطر عليهما الأوكرانيون في منطقة دونيتسك وهما كراماتورسك وسلوفيانسك.
ولعل الأسوأ من ذلك بالنسبة إلى كييف هو أن قوات موسكو ليست في حاجة أصلاً إلى الاستيلاء على هذه المدينة لإرباك الدفاعات الموجودة في المنطقة، حيث يؤكد عسكريون أن الجيش الروسي يحتاج فقط إلى الاقتراب بدرجة كافية تسمح له باستهداف محاور النقل تلك.
في ظل كل هذه المخاطر المحيطة بدونباس، فقد كان من الممكن لكافة الجنود الأوكرانيين الذين تم إرسالهم لمهاجمة منطقة كورسك، أن يكونوا مفيدين للغاية في إبطاء التقدم الروسي، وفق بعض الخبراء.
حان وقت السلام
وفي سياق متصل أكد المستشار الألماني أولاف شولتس الأحد، أن «الوقت حان» لتكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل إحلال السلام في أوكرانيا «بشكل أسرع» وإنهاء الحرب المتواصلة منذ عامين ونصف العام بين موسكو وكييف.
وقال شولتس الذي تعد بلاده من أبرز داعمي أوكرانيا «أعتقد أن الوقت حان الآن للبحث في سبل للخروج من وضع الحرب وإحلال السلام بشكل أسرع»، مضيفاً أن روسيا يجب أن تحضر القمة المقبلة للسلام، وذلك في مقابلة مع شبكة «زد دي إف» الألمانية العامة.
عادي
رغم التحركات في كورسك..
الشرق الأوكراني يئن تحت أتون النيران الروسية.. وموسكو تواصل الزحف
8 سبتمبر 2024
21:46 مساء
قراءة
4
دقائق
https://tinyurl.com/5dxkee3k