عادي

«تسريب الأسئلة والميكروفون الصامت».. ضربات تحت الحزام قبل مناظرة ترامب وهاريس

20:30 مساء
قراءة 6 دقائق
2

إعداد ـ محمد كمال
مع وصول أقصر سباق انتخابي رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة إلى منعطف محوري، فإن كلا المرشحين كامالا هاريس ودونالد ترامب لديهما فرص ضئيلة لتغيير قناعات الناخبين عبر المناظرة الحاسمة بينهما الثلاثاء المقبل، لكن أي تغيير سيكون حاسماً في صراع الوصول إلى البيت الأبيض، نظراً لتقارب المنافسة، وهو ما يدفع إلى تسليط الضوء بشدة على شبكة ABC المستضيفة للمناظرة وقواعدها، ومن بينها قاعدة الميكروفون الصامت.
ومن المتوقع أن يجلس عشرات الملايين، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها لمتابعة البث المباشر لمدة تسعين دقيقة ليلة الثلاثاء؛ ليروا كيف تتعامل نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب مع أول لقاء مباشر بينهما على مسرح المناظرة، في الوقت الذي أثار المرشح الجمهوري اتهامات دون دليل على تسريب أسئلة المناظرة لمنافسته، نظراً لصداقة قوية تربطها بمسؤولة رئيسية عن الشبكة، في الوقت الذي تخشى حملة هاريس من «الميكروفون الصامت».
ـ هجوم استباقي ـ
وباعتبارها الراعي والمضيف للمناظرة، فإن ABC مسؤولة تقريباً عن كل جانب من جوانب العرض التقديمي، بدءاً من زوايا الكاميرا التي يراها المشاهدون في المنزل وحتى قدرة المشرفين، ديفيد موير ولينسي ديفيس، على الحفاظ على الإجراءات في مسارها الصحيح، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
ورغم تفضيل شبكات التلفزيون التراجع عن الظهور في الصورة، لتبدو أكثر حيادية قبيل المناظرات، فإن ABC وجدت نفسها بالفعل في قلب الاتهامات المتقاطعة من كلتا الحملتين الديمقراطية والجمهورية. إذ اشتكى مساعدو هاريس من أن بعض القواعد الأساسية قد تلحق الضرر بها، في الوقت الذي هاجم ترامب الشبكة بطرق عدوانية على نحو متزايد، لدرجة أنه اعتبرها «الأسوأ».
ويقول قادة شبكة ABC News، الذين كانوا مجتمعين في موقع المناظرة في فيلادلفيا السبت، إنهم تجاهلوا الضجيج، مشيرين إلى أن الحملتين وافقتا في النهاية على المشاركة. وقال ريك كلاين، المدير السياسي للشبكة،: «لا أعتقد أن أي شيء يقال عنا أو عن النقاش يغير دورنا أو مهمتنا في لحظة عظيمة. لا شيء يُقال عنا بمجرد إضاءة الضوء وتشغيل الكاميرات».
ومع ذلك، فإن الشبكة، التي عانت مؤخراً تغييراً مضطرباً في القيادة، تدرك أن ليلة الثلاثاء، تمثل فرصة وخطراً في الوقت نفسه. وحتى ما يقرب من عشرة أسابيع مضت، كان بعض النقاد يزعمون أن المناظرات الرئاسية لم تعد ذات أهمية ثم، في 27 يونيو/حزيران، صعد الرئيس جو بايدن إلى منصة سي إن إن في أتلانتا. وظهر الأداء الكارثي على الهواء مباشرة أمام 51 مليون مشاهد، ما وضع لياقته العقلية في طليعة المحادثة الوطنية. وبعد ثلاثة أسابيع، انسحب من السباق.
وقد نال مديرا تلك الأمسية، دانا باش وجيك تابر، الثناء على أسلوبهما المتوازن، على الرغم من أن بعض الديمقراطيين تساءلوا لماذا لم يحاولوا التحقق من أكاذيب ترامب في الوقت الحقيقي. لكن مسؤول شبكة ABC كلاين، دافع عنهما قائلاً إنهما كانا «هناك لتسهيل المناقشة التي هي ملك للمرشحين».
ـ المقدمان وتدقيق الحقائق ـ
وعن دور مشرفي المناظرة التدقيقي، يقول كلاين إن الأمر لا يحتمل الإجابة بنعم أو لا، موضحاً: «نحن لا نلتزم بالتحقق من صحة أو عدم صحة كل شيء، في أي من الاتجاهين. نحن هناك للحفاظ على استمرار المحادثة، وتسهيل إجراء نقاش قوي وجيد، وهذا يستلزم الكثير من الأشياء من حيث طرح الأسئلة، وتحريك المحادثة، والتأكد من أنها متحضرة».
ويقع عبء إدارة المناظرة على عاتق المشرفين ديفيد موير ولينسي ديفيس؛ إذ يعد موير، مذيع برنامج «أخبار العالم الليلة»، ومن حيث التصنيف، هو الشخصية الإخبارية التلفزيونية الأكثر شعبية في الولايات المتحدة، فقد شاهد ما متوسطه 7.4 مليون شخص نشراته الإخبارية المسائية الشهر الماضي، وفقاً لإحصائية متخصصة.
كما أجرى موير مقابلات مع كل من ترامب وهاريس، وأدار أربع مناظرات أولية (ثلاثة ديمقراطية وواحدة جمهورية) لشبكة ABC منذ عام 2015.
أما زميلته ديفيس، فهي مذيعة يوم الأحد لبرنامج «World News Tonight»، وكانت مديرة لمناظرتين تمهيديتين للحزب الديمقراطي خلال حملة عام 2020.
ومن بين اعتبارات أخرى، قد يحتاج المذيعان إلى الاستعداد لمهاجمة ترامب لهما ولشبكتهما على الهواء مباشرة. ففي الأيام الأخيرة، أشار ترامب إلى شبكة ABC News باعتبارها “منطقة معادية للغاية” وكرر ادعاءً دون دليل بأن الشبكة كانت تقوم بتوجيه الأسئلة إلى حملة هاريس مسبقاً. فيما يقول مراقبون إن ترامب حاول تنفيذ ضربة استباقية قبل نقاش كبير لإلقاء اللوم على الشبكة المضيفة.
ـ صداقة مثيرة للجدل ـ
وقال ترامب للصحفيين: «أعتقد أن قناة ABC هي الأسوأ على الإطلاق.. إنهم الأكثر شراً. إنهم سيئون قدر الإمكان»، كما ألمح أيضاً إلى دور دانا والدن، المديرة التنفيذية العليا في شركة ديزني الأم لشبكة ABC، وصداقتها التي استمرت 30 عاماً مع هاريس. وقد تبرعت والدن، التي تشرف على شبكة ABC News كجزء من محفظة مترامية الأطراف لمختلف أعمال الشركة، بالمال على مر السنين لهاريس، واستضافت حملات جمع التبرعات لها، لكن الشبكة نفت وجود أي دور لها في القرارات التحريرية.
ومن بين النقاط المهمة أيضاً، أن ترامب أقام دعوى قضائية معلقة ضد شبكة ABC News ومذيعها جورج ستيفانوبولوس، حيث يقول إن الشبكة أضرت بسمعته. لكن الدعوى القضائية رُفعت في مارس/آذار، قبل وقت طويل من موافقة حملة ترامب في البداية على إجراء المناظرة.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، كان منتجو ABC يضعون اللمسات الأخيرة على موقع التصوير في مركز الدستور الوطني في فيلادلفيا، بينما سافر المقدمين موير وديفيس إلى المدينة لحضور الجلسات التحضيرية. وقال كلاين، المدير السياسي لشبكة ABC، إنه وسط كل هذه الثرثرة، وجد طريقة بسيطة للإشارة إلى أهمية هذه المناسبة.
وقام كلاين باستخراج عملة تذكارية، بمناسبة الذكرى المئوية الثانية للدستور، والتي كان قد اشتراها عندما كان يبلغ من العمر 10 سنوات، خلال زيارة إلى قاعة الاستقلال في فيلادلفيا، وهي المدينة التي تنعقد فيها مناظرة التسعين دقيقة، في إشارة إلى احترامه الأساسي لدستور البلاد وعدم الانحياز لأي من الطرفين.
ـ الميكروفون الصامت ـ
ولدى معسكر المرشحة الديمقراطية مظالمه الخاصة مع ABC، فقد طالب مساعدوها الشبكة بتغيير القاعدة، التي طلبتها حملة بايدن سابقاً، وهي كتم صوت ميكروفونات المرشحين أثناء حديث الآخر. ولم يوافق مساعدو ترامب على ذلك؛ لذا فإن قاعدة كتم الصوت لا تزال قائمة، على الرغم من أن حملة هاريس تقول إنها تضر بشكل أساسي بها.
ويشعر فريق هاريس بالقلق من أنها ستكون «مقيدة» بقواعد المناظرة التي وضعها بايدن، ورغم أن بعض الديمقراطيين يرفضون هذه الشكوى ويعتبرونها مناورة، فإن قواعد الميكروفون تغير استراتيجيتها.
قال أحد مساعدي هاريس في حملتها الرئاسية لعام 2020: «أسوأ لحظات ترامب في المناظرات هي عندما ينزعج ويغضب». وقال أحد الاستراتيجيين الديمقراطيين: إحباطهم بشأن الميكروفونات يعني أنهم يستعدون لهذا الاحتمال.. أو لديهم أيضاً قطعة ثابتة جاهزة للانطلاق، حيث يمكن لهاريس أن تتجه نحو الكاميرا وتقول «لأولئك الذين لا يستطيعون سماعها، يحاول دونالد ترامب الصراخ عليّ.. كم منكم حضر اجتماعاً حيث تم الحديث عنكم؟».
ويضيف عن قواعد المناظرة التي تم وضعها منذ مناظرة بايدن: «كانت مجموعة قواعد سيئة لشخص يحتاج إلى الحماية، ولم يكن ينبغي له أن يكون على منصة المناقشة.. والآن هم عالقون في ذلك».
وأبلغ بريان فالون، كبير مستشاري الاتصالات لهاريس الذي قاد مفاوضات الحملة مع شبكة ABC News حول قواعد المناظرة، الشبكة أن هاريس تقبل على مضض القواعد الأصلية، بما في ذلك كتم صوت الميكروفونات، وكتب في رسالة أن القاعدة «ستعمل على حماية دونالد ترامب من التبادلات المباشرة مع نائب الرئيس. ونعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لإصرار حملته على كتم صوت الميكروفونات».
لكن بعض الديمقراطيين يعتقدون أن الميكروفونات الصامتة لن يكون لها تأثير كبير في النقاش. فقد قال الخبير الاستراتيجي الديمقراطي جيمس كارفيل إن القواعد تعني أنه في حين أن هاريس لن تكون قادرة على مقاطعة ترامب، فإنه لن يتمكن أيضاً من وخزها أثناء حديثها أو أن يكون قادراً على القيام بخدعه أيضاً.
وقال شخص آخر مقرب من هاريس: «إن أي ثورات غضب من جانب ترامب ستظل تؤذيه، أعتقد أنك ستظل تسمعه في الخلفية وهو يئن». وفي وقت سابق من هذا الصيف، كانت هاريس قد بدأت بالفعل الاستعداد لما كان متوقعاً من مناظرة لمنصب نائب الرئيس، قبل انسحاب بايدن من السباق. لكن المخاطر أصبحت الآن أعلى بشكل كبير، فهي لا تزال أقل شهرة لدى العديد من الناخبين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/fhk7c6tv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"