عادي

تعرف إلى سيكولوجية نظريات المؤامرة

19:38 مساء
قراءة دقيقتين

القاهرة: الخليج
يشير «جان ويليم فان بروجين» في كتابه «سيكولوجية نظريات المؤامرة» (ترجمة منير عليمي) إلى أن تلك النظريات تكتسب قدرتها العجيبة على توجيه الرأي العام وحشد الناخبين والتأثير في خياراتهم، وهذا يحتم علينا التعامل مع تلك النظريات بكثير من الجدية، بالعكوف عليها ودراستها، بعيداً عن منطق الرفض واللامبالاة، الذي يعتبرها أمراً عرضياً، وشكلاً من أشكال التسلية والترفيه، أو مظهراً من مظاهر المرض العقلي.
يتساءل المؤلف: من الذي يؤمن بنظريات المؤامرة ويخضع لسلطانها ويفتتن بها، من بين المواطنين، وفي المقابل من الذي يعترض على وجودها ويرفض منطقها؟، تحت أي ظروف يكون الناس عرضة بشكل مخصوص لنظريات المؤامرة؟، ما عواقب الاعتقاد فيها؟ وما الذي يمكن أن يفعله صانعو السياسة للتقليل من سطوة ذلك الاعتقاد؟
*أسئلة
يدخل هذا السيل من الأسئلة في صلب علم النفس، وربما تجاوزته إلى غير ذلك، من العلوم، ومن هذا المنطلق فإن الكتاب يُعد محاولة لتقديم نظرة عامة وموجزة، ميسرة وحديثة حول سيكولوجية نظريات المؤامرة، وتتمثل الأطروحة الرئيسية للكتاب في أن تسليم الناس بهذه النظريات والاعتقاد في صحتها عائد بالأساس إلى أسباب سيكولوجية عميقة.
تعتبر نظرية المؤامرة من بين أهم القضايا الرائجة في هذا العصر، خصوصاً في ظل الثورة المعلوماتية التي كسرت جميع الحواجز، وأخرجت المعلومة خارج أطرها الكلاسيكية، لتفقد بذلك مصداقيتها وحقيقتها، وفي هذا الكتاب يحلل المؤلف نظرية المؤامرة من زاوية علم النفس، فيقدم نماذج كثيرة من نظريات المؤامرة التي سادت في وعي جانب كبير من المجتمع، ويقوم بتحليلها من منظور سيكولوجي.
كما يتطرق إلى دورها في انتشار ثقافتي التدجين والاستلاب وأثرهما على الخطاب السياسي، وبروز التيارات الشعبوية في العالم التي غزت الفضاء السياسي، بفضل نظريات مؤامراتية مجانبة للواقع وللحقيقة، هذا الكتاب يحتاج إليه القارئ ليعيد النظر في العديد من المفاهيم والأدوات التي اعتدنا استغلالها في تحليل الواقع وتفكيكه.
ليست نظريات المؤامرة حكراً على عصرنا الحديث، فقد أنبأت عن حضورها في مفاصل متفرقة من التاريخ البشري، ولطالما كان الناس ضحيا لمخاوفهم، ولما يتربص بهم من هواجس ومن عدم يقين، تهيبُّاً من مخاطر محتملة، ولمجابهة هذه المشاعر المنبوذة، يزداد حذرهم، وتزداد معه يقظتهم، إزاء ما هو محتمل من الأنشطة التآمرية لمجموعات أخرى، تتسم بالقوة، وقد تكون معادية.
لا يمكن بأية حال أن نحسب يقظة تلك النظريات مرضية، وإنما هي آلية دفاع طبيعية تتضمن عمليات نفسية منتظمة، وعليه فإن نظريات المؤامرة شائعة وستظل كذلك في المستقبل المنظور، ومع ذلك فإن حقيقة شيوع بعض نظريات المؤامرة لا يقرب صحتها، ولا يقيم الحجة على عقلانيتها.
*تحديات
يشير الكتاب إلى أن عالمنا المعاصر يواجه أكثر من أي وقت مضى تحديات كثيرة ومعقدة، على مختلف الأصعدة، تتطلب حلولاً جادة ومسؤولة، لكن تلك التحديات تمثل في المقابل أهدافاً متكررة لنظريات المؤامرة، من قبيل الشعبوية وتغير المناخ والصراع بين الجماعات، والصحة العامة والفقر والهجرة والبطالة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2hp3erek

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"