عادي
مسؤولون يرفعون شعار «فرقوا بينهم»

«الشللية» في المدارس.. ظاهرة مقلقة للمدرسين وأولياء الأمور

01:45 صباحا
قراءة 4 دقائق

تحقيق : محمد الماحي

تشكل ظاهرة «الشللية» بين طلبة المدارس مصدر قلق دائم لأولياء الأمور والقائمين على العملية التعليمية على حد سواء، وبرغم أن لها وجهاً إيجابياً يظهر في مشاركة الطلبة بفعاليات كثيرة تفضي إلى تميزهم، لكن وجهها السلبي هو الغالب والأكثر انتشاراً، سواء بين البنات أو البنين، فالأولى تتخذ حلقات ناعمة لكنها تثير الكثير من الصراعات التي تبدأ بكلمات استفزازية وتنتهي بسباب وشجارات تسهم في تضخيم المشكلة، أما بين البنين يكون الوضع أكثر خطورة وتطوراً، ما يستدعي وضع خطة للسيطرة على هذه الظاهرة التي تؤثر في العملية التعليمية والتربوية.
«الخليج» التقت مجموعة من الخبراء التربويين والنفسيين، للحديث عن كيفية التعامل مع الجوانب السلبية لظاهرة «الشللية»، والإجابة عن سؤال حول ارتباطها بالسلوكيات السلبية لدى الطلبة وتأثيرها على مستوياتهم الدراسية.
بادرت مدارس خاصة في المناطق الشمالية بمكافحة «الشللية» بين الطلبة، مع بداية العام الدراسي الجاري، لافتة إلى وجود تجمعات طلابية متآلفة تكونت خلال سنوات الدراسة السابقة، تم التفرقة بينهم وتوزيعهم على فصول أخرى للحد من تأثيرها السلبي وتواجد تكتلاتهم في الساحات خلال وقت الراحة، فضلاً عن مشاغبتهم وتأثيرهم السلبي في بعض الطلبة الآخرين.
ويعود هذا القرار إلى أن هذه المجموعات تمارس سلوكيات لا تخلو من التنمّر على طلبة آخرين لا ينتمون إلى مجموعتهم، كما أنها تترك تأثيراً سلبياً في محيطها المدرسي، على الرغم من وجود طلبة متفوقين بين أعضائها، لذا خضعت عملية إعادة توزيع الطلبة لدراسة من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس، بعد أن تم تحديد أسماء أعضاء هذه المجموعات الشللية وتنفيذ خطة التوزيع بناء على سلوكهم ومستواهم الدراسي.
فصول جديدة
يطالب أولياء أمور الإدارات المدرسية بمكافحة «الشللية» بطرق أخرى بديلة عن إعادة التوزيع، وذلك بالإشراف على تنظيم ألعاب للطلبة خلال وقت الراحة، ومنع جلوس المشاغبين بجانب بعضهم بعضاً في الفصول، معربين عن رفضهم لفكرة إعادة توزيع أبنائهم وإنهاء الصداقات بين الطلبة والتي يتجاوز عمرها خمس سنوات مع البعض.
وقالوا إنه من الطبيعي أن يشعر أبناؤهم بالغربة بعد انتقالهم إلى فصول جديدة لا يوجد فيها أي زميل دراسة سابق، ما قد يتسبب في التأثير في حالتهم النفسية، وإحباطهم، وقد يكون له تأثير سلبي في مستواهم الدراسي
الطفرة التكنولوجية
يقول الخبير التربوي مانع النعيمي، إن الشللية أخذت تزداد بصورة كبيرة بين صفوف الطلبة خاصة في المرحلة الثانوية، مؤكدًا على أنها حقيقة لا مجال لإنكارها تحتاج البحث في الأسباب الكامنة لها وهل هي مرتبطة بوضع اجتماعي معين، وهل أسهمت الطفرة التكنولوجية في زيادة رقعتها؟.
وأضاف أن الشللية في المدارس إما أن تكون ذات فوائد إيجابية أو سلبية، ويمكن لإدارات المدارس خلق تجمعات إيجابية بين الطلبة بهدف خدمة العملية التعليمية، سواء داخل الصف أو خارجه، خاصة عندما يطلب المعلم من الطلبة أن ينظموا فرقاً صفية بهدف العمل الجماعي، ومن هنا يستطيع المعلم أن يلاحظ سلوكيات أفراد هذا الفريق، نظراً لتكوين الطلبة لهذه الفرق من دون تدخل المعلمين، ويستطيع أن يقف على تحديد الطلبة الذين يعانون مشاكل سلوكية ويحتاجون إلى علاج وتوجيه.
ويتفق معه في الرأي، الخبير التربوي محمد راشد رشود، ويرى ضرورة أن يكون هناك اعتراف بوجود شللية داخل المدارس، خصوصًا أن بعض إدارات المدارس لا تعترف بذلك، ما قد يُعطل علاج الظاهرة، لذلك نجد أن التوعية في هذا المجال ضعيفة جداً، سواء أكان ذلك بالنسبة للمدرسة، أو لمجالس أولياء الأمور، ولفت إلى أن وزارة وزارة التربية والتعليم وضعت لوائح تنظيمية في ما يتعلق بتقييم السلوك، ولكن عملية تنفيذ هذه اللوائح تحتاج إلى مراجعة مستمرة، وتحتاج أيضاً إلى وضع آليات أفضل مما هي عليه الآن، ولابد من وجود أسلوب الثواب والعقاب، وتقوية العلاقة بين ولي الأمر والمدرسة، وأن يأخذ كل طرف في المجتمع، دوره في توعية الأبناء، وخاصة الشباب.
الطاقة الزائدة
يرى الدكتور هشام زكريا عميد كلية علوم الاتصال في الجامعة القاسمية، أن العلاج الذي يمكن أن يسهم في معالجة الظاهرة، يتمثل في إدخال الطلبة في أنشطة رياضية وثقافية لتفريغ الطاقة الزائدة لديهم واستثمارها في قنوات صائبة، إضافة إلى محاولة التفريق بين أعضاء الشلة الواحدة من خلال توزيعهم في فصول مختلفة، داعياً إلى تضافر الجهود بين الأسرة والمدرسة ومد جسور التعاون للوصول بالطالب إلى بر الأمان.
ودعا زكريا المعلمين والإدارات المدرسية والأخصائيين إلى اتباع واستخدام أدوات تربوية إنسانية فيها من الحنان والحب الكثير، فإذا أساء الطالب أو أخطأ في أداء واجباته لابد من الاستماع إلى وجهة نظره والانطلاق لوضع خطة علاج دون استخدام العقاب البدني، وفي الوقت نفسه نقول للطالب إن المعلم والإداري والمدرسة هي بيته الثاني، وعليه أن يعي الدور وأن يبذل الجهد للاستفادة وأن يضع المعلم في دور الأب والاستماع إلى نصائحه.
السلام الداخلي
يؤكد نواف يوسف سلطان النعيمي الاختصاصي النفسي، إن الشللية ليست بالضرورة أن تكون تجمعاً للطلبة الذين لديهم سلوك خاطئ أو صحيح، لكن يمكن أن يكون هؤلاء الطلبة درسوا مع بعضهم منذ السنوات الأولى في المدرسة، إلى أن وصلوا إلى المرحلة الثانوية، وأن يكونوا متفقين على أمور معينة ليست بالضرورة سلبية، ولا يمكن تعميم أن الشللية ظاهرة سلبية، إذ يمكن أن تتداخل فيها السلوكيات الخاطئة والصحيحة.
أما فيما يتعلق بالشلل الهدامة للمجتمع المدرسي، فيرى الاختصاصي النفسي أن أهم السمات التي تجمعهم هي عدم وجود الدافعية للتعلم والدراسة، فانتهاء المرحلة الثانوية يمثل أعلى أمانيهم، كما نجد انتشار المشكلات السلوكية بينهم كالتدخين والتسرب والتأخر الصباحي عن مواعد المدرسة، إضافة إلى العصبية التي تدفعهم للمشاحنات والمشاجرة مع بعض الطلبة الآخرين، لافتاً إلى أن الشللية ظاهرة ترجع في الأساس لعدة عوامل أهمها فقدان السلام الداخلي والقلق والاضطراب النفسي والسعي لتحقيق الذات.
وأشار النعيمي إلى أن تدبر الحلول لمشكلة «الشللية المدرسية» لا تعني جهة بعينها، وإنما تحتاج إلى تضافر جهود المؤسسات الحكومية والخاصة لأن الظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى وانعكاساتها السلبية تؤثر في المجتمع بأسره، مشيراً إلى أن قيام هذه الفئة بسلوكيات تتسم بالعنف إنما هو أحد التعابير الحقيقية عن فائض النشاط لديهم، داعياً إلى تكثيف برامج التوعية والتثقيف من خلال أندية ووسائل إيجابية وفي الوقت نفسه طرح المشكلة بجدية ووضع حلول صارمة لها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s73s5uj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"