حدثني أحد رجال الأعمال، الناشط في مجال المال والصيرفة والتقنية، أنه قرر قبل عشر سنوات العمل في دبي، عبر افتتاح فرع رئيس لشركته، على أن يبقى المقر الرئيس للشركة في لندن، وبدأ بالفعل عملياته بعشرة كوادر من المختصين في المجال المالي، فيما مكتب لندن كان يتجاوز 30 موظفاً.
بعد عشر سنوات، تغيّر كل شيء، حيث يعمل في مكتب لندن 15 موظفاً فقط، فيما مكتب دبي يضم 160 كادراً، ليصبح مكتب دبي المقر الرئيس للشركة، فيما لندن الفرع.
سألته لماذا؟ فقال: ببساطة لا أحد يفضل لندن، واستقالات العاملين لا تتوقف، وعندما نعرض على المستقيل الانتقال إلى الإمارات، تكون الموافقة حاضرة والاستعداد قائماً والرغبة موجودة.
يقول محدّثي: هذه ليست حالنا فحسب، وإنما الأمر أصبح ظاهرة، فعند مقارنة العواصم الأوروبية بالإمارات، من المؤكد أن الكفّة ترجح لمصلحة دولة الإمارات. أما السبب فلا يقف عند الرغبة في اختيار موطئ قدم جديد يقدّم مميزات عالية الجودة للفرد والأسرة تحت مظلة الأمن والأمان، بل يتعدى ذلك إلى تراجع جودة الحياة في بريطانيا أيضاً، إلى جانب الضرائب المتصاعدة بعكس الخدمات الآخذة في الضعف.
في الآونة الأخيرة، تسنى لي زيارة المملكة المتحدة لأيام، وبسبب طبيعة الزيارة التي كان جزء منها للعمل، تطلّب الأمر استخدام المواصلات والمرافق العامة.
استخدمت القطار أربع مرات، ثلاث منها شهدت تأخراً عن الموعد بين نصف ساعة وساعة كاملة. صحيح أن مشغّل القطار يعتذر عدة مرات ويعوضك بثلث قيمة التذكرة، فإن وسيلة التنقل هذه التي كانت تعرف بالدقة لم تعد كذلك، ما يتسبب بتأثر أعمال المسافرين واضطراب المواعيد، وبالتالي خسائر للمستثمرين وأصحاب الأعمال.
خلال وجودي في الممكلة المتحدة، استخدمت أيضاً المطار لعدة مرات للرحلات الداخلية والأوروبية، وبدون مبالغة الحال أسوأ من حال القطارات، لجهة المواعيد، فيما التسهيلات والمرافق التابعة للمطارات في وضع لا ينم إطلاقاً عن مكانة دولة واقتصاد بحجم بريطانيا العظمى.
أما الاتصالات والإنترنت على الهواتف المحمولة، فحدّث ولا حرج، مع ضعف تغطية الإرسال إلى مستوى الجيل ما قبل الثالث، فيما العالم يعيش حقبة الجيل ما بعد الخامس. هذه الأمثلة لا تنطبق على المدن والمناطق خارج العاصمة بل تشملها أيضاً، وكأنك في دولة نامية، ولست في إحدى دول مجموعة السبع الصناعية المتقدّمة.
وإذا كنت محباً لاقتناء السلع الفاخرة، واستخدامها شخصياً، فعليك نسيان الأمر، لأنك ستكون هدفاً للسرقة، لا بل والإيذاء الجسدي. حتى هاتفك النقال لا يسلم من الأذى، وفي وضح النهار. حتى بتنا نشهد ظاهرة الحراسة الشخصية لرجال الأعمال الكبار سواء المحليين أو الزوار.
لهذه الأسباب وبالمعايشة اليومية، أدركت لماذا يفضل الكثير من المستثمرين والأثرياء والكفاءات الانتقال إلى الإمارات من مدينة عريقة مثل لندن، حيث مع التطور التقني بإمكانهم العمل من هنا وكأنهم في بلدانهم، لكن الفارق أنهم يعيشون تجربة حياة فاخرة بأمن وسلام، ومن دون ضريبة دخل تصل في بلدهم إلى 45%، وبلا مقابل خدمي ذي قيمة.