يبقى قرار الزواج أحد أهم القرارات التي يمكن أن يتخذها الإنسان في حياته، لأن الزواج ليس مجرد ارتباط بين شخصين، بل هو شراكة تتطلب العناية والاهتمام المستمرين. عندما يستثمر الزوجان في علاقتهما، يتجاوز الأمر تقديم الهدايا، أو قضاء الوقت معاً، ليشمل بناء جسور من الثقة والتفاهم، والعمل على حل الخلافات بشكل بناء، والسعي الدائم نحو تعزيز الحب والاحترام المتبادل.
وهذا هو الاستثمار في العلاقة الزوجية، الذي يبدأ من إدراك أهمية التماسك الأسري، حيث يعتبر البيت المكان الأول الذي يتعلم فيه الأبناء القيم والمبادئ. عندما يشهد الأبناء علاقة قائمة على التفاهم والحب بين كل من الأم والأب، ينشأ لديهم شعور بالأمان والاستقرار. هذا الشعور يشكل أساساً قوياً لبناء شخصياتهم، ويؤثر بشكل مباشر في سلوكهم وتفاعلاتهم مع العالم الخارجي. الأبناء الذين يكبرون في بيئة أسرية صحية ومتينة، يصبحون أكثر قدرة على بناء علاقات إيجابية في المستقبل، ويكون لديهم نظرة أكثر تفاؤلاً للحياة.
الأمر لا يتوقف عند حدود الأسرة، فالعلاقة الزوجية القوية تعزز التماسك الأسري، كما أسلفنا، وهو الذي يمتد تأثيره ليشمل المجتمع بأسره، لأن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وجزء من تكوينه، وعندما تكون هذه اللبنة قوية ومستقرة، فإن ذلك ينعكس إيجابياً على المجتمع ككل.
لذا، من البديهي أن الأبناء الذين ينشؤون في أسر متماسكة، يسهمون في بناء مجتمع صحي ومتوازن، حيث ينتقل تأثير الأسرة إلى علاقاتهم الاجتماعية والمهنية، ما يسهم في خلق بيئة من التعاون والتفاهم داخل المجتمع.
الحكيم الصيني كونفوشيوس، قال: «العائلة هي الجذر الذي ينمو منه كل شيء. إذا كانت العلاقات الأسرية جيدة، فالعالم من حولك سيكون كذلك». يعد بناء علاقة زوجية، متوازنة، تقوم على الاحترام والتفهم والحب، جسراً نحو المستقبل المشرق، ليس على مستوى الأسرة الصغيرة وحسب، وإنما على مستوى المجتمع أيضاً.
إن وجود الأسرة المتفاهمة المترابطة، يعني الاستقرار النفسي والروحي للأطفال، ونموهم في جو من التفاهم والألفة والمحبة، والهدوء، ولا يمكن أن تكون هذه الأسرة موجودة فعلاً على أرض الواقع، دون أب وأم يتمتعان بالذكاء والمعرفة والثقافة، وفهم للمستقبل، ومتطلبات الواقع، وحاجة الأطفال، وطريقة تربيتهم وتنشئتهم التنشئة الصحيحة.
لذا، هي دعوة، لكل شاب وفتاة يتوجهان نحو بناء أسرة أن يكونا مستندين على المعرفة، وملمين بمتطلبات بناء هذه الأسرة، بناء قوياً، لمواجهة التحديات والاستعداد للمستقبل.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
https://tinyurl.com/47nah9yr