إعداد ـ محمد كمال
تُعد المناطرة الرئاسية بين دونالد ترامب، وكامالا هاريس، حجر زاوية أساسي في سباق الانتخابات الأمريكية، إذ تأتي قبل ثمانية أسابيع على موعد الاقتراع، في ظل منافسة محتدمة، ومن ثم ينظر إليها على أنها لحظة عالية المخاطر للمتنافسين، فما هي أغرب وأهمّ اللحظات التي شهدتها المناظرات التي خاضاها عبر مشوارهما السياسي؟
وفي حين سيبحث الناخبون خلال المناظرة عن هاريس لتحديد سياساتها بوضوح، بعد حملة مكثفة، فإن ترامب سيواجه خصماً من المتوقع أن يكون أكثر قوة على مسرح المناظرة من منافسه الأخير، الرئيس جو بايدن.
ويتمتع ترامب بسجل حافل من الإدلاء بتعليقات توصف بالمضللة، والهجومية، وأحيانا الزائفة، ويستخدم في بعض الأحيان أسلوب الاستعراض والظهور أثناء المناظرات. أما هاريس فكثيراً ما تميل على المسرح إلى استخدام الفكاهة، والتصفيق، خصوصاً عندما تبدو غير مستقرة وهي تكافح للإجابة عن الأسئلة بوضوح، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.
ويعطي أداء كل من هاريس وترامب في المناظرات التي خاضاها خلال مشوارهما السياسي، دلالات على ما يمكن توقعه منهما خلال المناظرة الحاسمة.
ترامب لا يتراجع أمام النساء
من المشهور أن ترامب لا يتراجع عندما يتحدث عن، أو إلى النساء، وقد واجه انتقادات بسبب الطريقة التي تحدث بها عن النساء طوال حملة عام 2016، إذ اعتمدت منافسته، هيلاري كلينتون، على تحويل محور الاهتمام في حملتها إلى الجانب الاجتماعي.
وبعد أن سُئل ترامب عن كيفية وصفه للنساء خلال المناظرة الرئاسية للحزب الجمهوري في أغسطس/ آب 2015 من قبل مذيعة قناة فوكس نيوز آنذاك، ميجين كيلي، وصف السؤال بأنه «غير صحيح»، وقال إن كيلي «كان الدم ينزف من عينيها». وخلال تلك المناظرة، دافع ترامب عن تصريحاته السابقة حول النساء، ووصفها بأنها «ممتعة».
وفي عام 2016، دخل ترامب وكلينتون، مناظرة بعد تسريب أخبار عن مقطع فيديو يعود لعام 2005 يُظهر ترامب وهو يجري محادثة بذيئة حول النساء. وبعد الضغط عليه بشأن الشريط، اعتذر ترامب عن تعليقاته، لكنه وصفها عدة مرات بأنها «حديث في غرفة خلع الملابس».
كما اتخذ موقفاً هجومياً، حيث انتقد الرئيس السابق بيل كلينتون، بقوله إنه «أسوأ بكثير»، مضيفاً: «كلماتي هي كلمات». وأشار إلى عزل كلينتون، ومبلغ 850 ألف دولار الذي دفعه لإغلاق دعوى التحرش عام 1998.
وكانت المناظرة التي جرت في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2016 عبارة عن جلسة عامة، ما سمح للمرشحين بالتحرك. وفي بعض الأحيان كان ترامب يلوح في الأفق خلف كلينتون عندما كانت تجيب عن الأسئلة. والثلاثاء، سيُطلب منه وهاريس، الوقوف على المنصة، وسيتناقشان من دون حضور جماهيري.
هاريس لا تخشى المقاطعة
أظهرت هاريس، المدعية العامة منذ فترة طويلة، خلال المناقشات أنها لا تخشى استدعاء المعارضين الذين يقاطعونها بقوة. وعندما تدخّل نائب الرئيس مايك بنس، خلال مناظرتهما في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أجابت هاريس: «السيد. نائب الرئيس، أنا أتحدث. أنا أتحدث»، ثم تابعت قائلة: «إذا كنت لا تمانع في السماح لي بالانتهاء، فيمكننا بعد ذلك إجراء محادثة، حسناً؟».
وقد يكون مثل هذا الموقف نادراً، الثلاثاء. إذ بموجب قواعد المناظرة، سيتم كتم صوت الميكروفون الخاص بكل مرشح أثناء حديث الآخر.
وفي رحلتها هذا الصيف، أظهرت هاريس أنها لم تنس هذا التكتيك. وأعادت الطريقة التي استخدمتها ضد بنس في تجمع حاشد في ميشيغان، الشهر الماضي، عندما حاول المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين مقاطعة خطابها بالهتافات. فقالت: «أتعلم، إذا كنت تريد أن يفوز دونالد ترامب، فقل ذلك.. وإلا فأنا أتحدث».
هاريس تعرف وقت التراجع
وفي حين أن التبادلات الصريحة والمباشرة هي علامة على أسلوب حديث هاريس، فإنها تستخدم أيضاً الصمت، وتعبيرات الوجه في محاولة للظهور أكثر جدية، أو تركيزاً من خصومها، واختارت هاريس لحظات تجذب الانتباه لتوضح مدى اختلافها عن منافسيها. وخلال كلمتها في المؤتمر الوطني الديمقراطي، الشهر الماضي، وصفت هاريس ترامب بأنه «غير جاد». كما أجرت مقارنة مماثلة خلال مناقشة مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2016 ضد لوريتا سانشيز.
وأنهت سانشيز تصريحاتها بضربة على المنصة. فاتسعت عيون هاريس. وضغطت على شفتيها لبضع ثوان قبل أن تقول للجمهور: «إذن، هناك فرق واضح بين المرشحين في هذا السباق».
وقبل سنوات، استخدمت هاريس هذا التكتيك ضد الجمهوري، ستيف كولي، الذي كان آنذاك المدعي العام لمقاطعة لوس أنجلوس، وبينما كان الاثنان يتنافسان على منصب المدعي العام. وخلال مناظرة عام 2010، سأل أحد المشرفين كولي عما إذا كان سيأخذ معاش الخدمة العامة الخاص به إلى جانب راتب المدعي العام إذا تم انتخابه. وأجاب: «سأعتمد بالتأكيد على ذلك لتكملة الراتب المنخفض جداً والمنخفض بشكل لا يصدق الذي يُدفع للمحامي العام».
وعندما سئلت هاريس عما إذا كان لديها أي شيء تضيفه، رفعت ذراعها وقالت: «افعل ذلك يا ستيف.. وهي تضحك». ثم استخدمت حملتها لاحقاً مقطع المناظرة في إعلان ضد كولي، وانتقدته قائلة إن راتباً منخفضاً قدره 150 ألف دولار.
يتراجع ترامب أحياناً
قبل أن تصبح هاريس المرشحة الديمقراطية، ساعده ضبط النفس النسبي الذي أبداه ترامب خلال مناظرته الأخيرة ضد بايدن. إذ لم تكن إهاناته متواصلة، وبدت أقل إثارة للجدل عند مقارنتها بتعليقات الخصم الذي بدا مرتبكاً.
وأثناء حديثه عن التخفيضات الضريبية للأثرياء، بدا أن بايدن فقد سلسلة أفكاره. ثم تعثر وبدا مرتبكاً، لكن ترامب بقي ترامب صامتاً، ونظر إلى الرئيس عدة مرات، من دون أن يقول أي شيء على الفور.
وفي حالة أخرى، عندما واجه بايدن صعوبة أثناء الإجابة عن سؤال حول الهجرة، صرخ ترامب عليه عندما جاء دوره للتحدث. وقال: «لا أعرف حقاً ما قاله في نهاية تلك الجملة.. لا أعتقد أنه يعرف ما قاله أيضاً»، وأسفر أداء بايدن خلال تلك المناظرة إلى تسريع دعوات حلفائه للتنحي.
لكن ترامب لا يظهر ضبط النفس في كثير من الأحيان، وخلال المناظرة الرئاسية الأولى في عام 2020، دخل ترامب وبايدن في جدال ساخن حول الصفقة الخضراء الجديدة. تحدثا مع بعضهما بعضاً، بينما حاول الوسيط كريس والاس إقناعهما بالهدوء، وانحدرت المحادثة إلى اتهام ترامب لبايدن بإهانة الجيش، ونفى بايدن هذا الادعاء.
وأدى تاريخ ترامب الحافل بالتصريحات القاسية، والمسيئة في بعض الأحيان، إلى تقويض موقفه بين الناخبين، وتسبب بإحباط المعتدلين والمعارضين. وفي تلك المناظرة الأولى، سئم بايدن من مقاطعة ترامب، وسأله في النهاية: «هل تصمت يا رجل؟»، وهي العبارة التي أصبحت فيروسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ترامب الاستعراضي البارع
ترامب، الذي استضاف مسابقة تلفزيون الواقع «المتدرب» لسنوات، لديه ميل للذوق الدرامي، ولم يخجل من استخدام استراتيجيات غير نمطية. فقبل المناظرة الثانية ضد هيلاري كلينتون في عام 2016، عقد مؤتمراً صحفياً مع ثلاث نساء زعمن أن زوجها بيل كلينتون اعتدى عليهن، وخلال المناظرة، أشار ترامب إلى أن هؤلاء النساء كن من بين الحضور.
وبعد ما يقرب من ساعة من بدء المناظرة في عام 2016، رفع ترامب يديه بإشارة بذيئة.
كذلك فإن هاريس ليست غريبة على اللحظات التي تجذب الانتباه أيضاً، فأثناء ترشحها للرئاسة في عام 2020، فاجأت خصومها على مسرح المناظرة، بما في ذلك بايدن، عندما أصرت على معالجة قضية العرق باعتبارها «الشخص الأسود» الوحيد على هذا المسرح.
ومن خلال الثلاثين ثانية التي مُنحت لها، خلقت هاريس لحظة مميزة لنفسها، حيث واجهت بايدن بشأن معارضته لنقل الطلاب بالحافلات إلى المدارس غير العنصرية عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ. وقالت هاريس: «كانت هناك فتاة صغيرة في كاليفورنيا كانت جزءاً من الفصل الثاني لدمج المدارس العامة، وكانت تُنقل بالحافلة إلى المدرسة كل يوم.. وكانت تلك الفتاة الصغيرة أنا».
وقبل مناظرة، الثلاثاء، كانت هاريس تتدرب على مواجهة ترامب في إعدادات وهمية لاستوديو تلفزيوني. وبالمثل، تدرب ترامب على الرد على الانتقادات المتوقعة من هاريس بشأن شخصيته. كما أمضى أسابيع في مراجعة سياسات هاريس في جلسات في نادي الجولف الخاص به، في بيدمينستر، نيوجيرسي.
عادي
قبل مناظرة الحسم.. تحليل لأداء هاريس وترامب على مسرح المواجهات المحتدمة
10 سبتمبر 2024
17:37 مساء
قراءة
5
دقائق
https://tinyurl.com/mtu4mdhe