قتل 40 شخصاً، وأصيب 60 آخرون بجروح، فجر امس الثلاثاء، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مواصي خان يونس التي حددتها إسرائيل «منطقة إنسانية» في جنوب قطاع غزة، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنّه استهدف مركز قيادة لحماس التي نفت تواجد عناصرها في المكان.
ولجأ عشرات آلاف النازحين إلى المواصي بناء على أوامر وتوجيهات من الجيش الإسرائيلي، على مدى أشهر من الحرب.
وقال مدير إدارة الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني محمد المغير لوكالة الصحافة الفرنسية «تمّ انتشال 40 قتيلاً، و60 مصاباً ونقلهم» إلى المستشفيات القريبة بعد الغارة على المواصي، مشيراً إلى العمل «للعثور على 15 مفقوداً نتيجة استهداف خيم النازحين في مواصي خان يونس».
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، إن النازحين في المخيم لم يتلقوا تحذيرا بشأن الضربة، مضيفاً أن نقص المعدات يعيق عمليات الإنقاذ.
وأضاف أنّ المنطقة التي طالها القصف «مملوءة بخيم النازحين. هناك أكثر من 200 خيمة، وقد تضرّر من 20 إلى 40 منها بشكل كامل. هناك ثلاث حفر عميقة في المكان». وأضاف «هناك عائلات كاملة اختفت في مجزرة مواصي خان يونس بين الرمال في حفر عميقة».
وذكر سكان ومسعفون أن الخيام استُهدفت بخمسة، أو ستة صواريخ، أو قنابل. وأظهر فيديو من المكان أكثر من حفرة رملية ضخمة بعمق أمتار عدة، وخيماً مدمّرة بالكامل، بينما عمل أشخاص على رفع حاجيات من تحت التراب، منها أحذية.
من جهته، قال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن هجمات إسرائيل على خيام النازحين الفلسطينيين أظهرت مجددا الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار، وأكد أن «أي دواء لا يمكن أن يكون فعالا في بيئة يقتل فيها الناس».وذكر غيبريسوس في منشور على منصة «إكس»، أمس الثلاثاء، أن الهجمات الإسرائيلية تكررت على مناطق من المفترض أن تكون «آمنة» ويقيم فيها سكان غزة المهجرون مرارا وتكرارا.وقال إن «الهجمات الإسرائيلية على خيام المدنيين النازحين في مدينة خان يونس، أظهرت مرة أخرى الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار».وشدد على أنه «لا يمكن لأي لقاح أو دواء أن يكون فعالا في بيئة يقتل فيها الناس ويجبرون على العيش في هذه الظروف السيئة».
وهذه ليست المرّة الأولى التي تستهدف فيها منطقة المواصي ومحيطها بالقصف، ففي يوليو/ تموز، قصفتها إسرائيل، وزعمت إنها قتلت قائد الجناح العسكري في حركة حماس محمد الضيف. وأعلنت وزارة الصحة في غزة في حينه أن الضربة أودت بأكثر من 90 شخصاً. ولـــم تؤكد حـماس مقتل الضيــــف، وقال مســــــؤولون في الحركــــة إنـــه «بخيــــر».
ونددت أطراف دولية بالغارات الدامية. وقال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند «أدين بشدة الغارات الجوية المميتة التي شنتها إسرائيل على منطقة مكتظة... حيث كان النازحون يحتمون». وأضاف «يجب الالتزام بمبادئ التفريق (بين المسلحين والمدنيين)، و(استخدام قوة) متكافئة مع اتخاذ الاحتياطيات اللازمة في الهجمات. أكرر دعوتي لطرفي الصراع بالتوصل فوراً، إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار. يجب أن تتوقف آلة قتل المدنيين، وأن تنتهي هذه الحرب المروعة».
واعتبر الأمين العام لمجلس التعــــاون الخليجــــي، جاســــم محمـــــــــد البديــــوي، الاعتداءات المستمرة والوحشية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية ضد المدنيين العزل في غزة، وبقية الأراضي الفلسطينية، لا يمكن وصفها إلا بجرائم حرب متعمدة، تكشف عن نهج إجرامي فاضح وممنهج يعكس استهتاراً تاماً بالقوانين والمعاهدات الدولية والإنسانية، مضيفاً نها تمثل كذلك ازدراء صارخاً لكل القيم القانونية، والأخلاقية، والإنسانية.
ورأت وزارة الخارجية السعودية في القصف «اعتداء جديداً يضاف إلى سلسلة متكررة من الانتهاكات لآلة الحرب الإسرائيلية على المدنيين العزّل».
ونددت الخارجية التركية بـ«جريمة حرب» تتحمّل مسؤوليتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، في مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، إن «الوفيات الصادمة في خان يونس صباح هذا اليوم(امس الثلاثاء) تعزز الحاجة الماسة» لوقف إطلاق النار.
وفي بداية الحرب، أعلن الجيش الاسرائيلي أن لديه خطة للنازحين. وبينما أمر بإخلاء شمال القطاع بالكامل، وزّع خرائط تشمل مناطق مرقّمة تغطي القطاع برمتــــه، وأعلن «منطقة إنســـانية» في المواصي. وقلّص الجيش مســـاحة «المنطقة الإنسانية» في مواصي خان يونس بين 22 يوليو/ تموز، و21 أغسطس/ آب من 50 إلى 41 كيلومتراً مربعاً، وفق الأمم المتحدة.
وتقول المنظمة إن أغلبية سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، نزحوا مرة واحدة على الأقل خلال الحرب.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 41020 شخصاً، على الأقل، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، التي أشارت إلى أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة أسفرت كذلك عن إصابة 94925 شخصاً. وتفيد مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بأن أغلبية القتلى من النساء، والأطفال.(وكالات)