انطلقت مساء الثلاثاء المناظرة الرئاسية الأولى بين مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا.
شهدت المناظرة توتراً كبيراً، حيث كشفت عن تباينات عميقة في السياسات والأولويات بين المرشحين. المناظرة، التي بثت على قناة ABC، قدمت عرضاً مثيراً للتفاصيل حول الرؤى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكلا المرشحين، وكشفت عن كيفية تعامل كل منهما مع القضايا الأساسية التي تهم الناخبين الأمريكيين.
القضايا الاقتصادية
افتتحت المناظرة بتصريحات حادة حول القضايا الاقتصادية، التي شكلت محوراً رئيسياً في النقاش. بدأت هاريس حديثها بتوضيح خطتها لبناء «اقتصاد الفرص»، مشيرة إلى أنها تعتزم تخفيض تكاليف الإسكان ودعم الأسر والأعمال التجارية الصغيرة. وأكدت أن ترامب ترك «أسوأ حالة بطالة منذ الكساد الأعظم»، ووصفت خطة ترامب الاقتصادية بأنها «خطرة» وتهدد بزيادة التضخم وإحداث ركود اقتصادي.
في المقابل، دافع ترامب عن سجله الاقتصادي قائلاً: إنه «خلق واحداً من أعظم اقتصادات البلاد»، ووعد بالعودة إلى سياساته السابقة لتعزيز النمو الاقتصادي. كما تعهد بفرض رسوم جمركية على دول أخرى، خاصة الصين، وادعى أن الحكومة جمعت «مليارات» من خلال الرسوم الجمركية، وهي سياسة قال: إنها ستسهم في تعزيز الاقتصاد الأمريكي.
الإجهاض
تطرق النقاش إلى قضية الإجهاض، التي تعد من القضايا المثيرة للجدل في الانتخابات الأمريكية. حيث زعم ترامب أن الديمقراطيين يسعون للسماح بالإجهاض في «الشهر التاسع»، وأكد أنه ساعد على إعادة القضية إلى الولايات، مع تأييده للاستثناءات في حالات الاغتصاب وزنا المحارم. من جانبه، نفت هاريس وجود قوانين تسمح بقتل الأطفال بعد الولادة، وهاجمت ترامب لدوره في تعيين قضاة المحكمة العليا الذين ألغوا الحق الفيدرالي في الإجهاض. دافعت هاريس عن إعادة قانون «رو ضد وايد»، الذي يوفر حماية واسعة للحقوق الإنجابية.
الهجرة
وفيما يتعلق بقضايا الهجرة وأمن الحدود، ألقت هاريس اللوم على ترامب لإفشاله مشروع قانون أمن الحدود الذي كانت تدعمه، وروّجت لعملها في ملاحقة المهربين على الحدود. أما ترامب، فقد اتهم الديمقراطيين بالسماح لملايين المهاجرين بالدخول، وادعى أن المهاجرين رفعوا نسبة الجرائم، بل زعم أن المهاجرين «أكلوا الحيوانات الأليفة» في بعض المناطق.
أحداث الكابيتول
ونفى ترامب مسؤوليته عن الهجوم على مبنى الكابيتول، مدعياً أنه دعا للتظاهر سلمياً ووجه اللوم إلى نانسي بيلوسي لعدم توفير أمن كافٍ. من جهتها، هاجمت هاريس ترامب بسبب تاريخه «الإجرامي» والقضايا القانونية التي يواجهها، مشيرة إلى أن القضايا المرفوعة ضد ترامب كانت نتيجة لـ«خطاب الديمقراطيين» وأنه يواجه «محاولة اغتيال» سياسية.
ملفات دولية
تناولت المناظرة أيضاً الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث سُئل ترامب عن موقفه من فوز كييف في صراعها ضد موسكو. لم يرد ترامب بشكل مباشر، لكنه أكد رغبته في وقف الحرب، وركز على كلفتها للولايات المتحدة. في المقابل، انتقدت هاريس موقف ترامب تجاه روسيا وأكدت دعمها لحلفاء الناتو، مشيرة إلى أن دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا كان سبباً في بقاء الدولة مستقلة، مبدية قلقها من أن بوتين كان سيصل إلى كييف لو كان ترامب رئيساً.
وفيما يخص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أعربت هاريس عن دعمها لحل الدولتين ودعت إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة فوراً. أما ترامب، فقد تهرب من الإجابة المباشرة عن سؤاله حول الصراع، وكرر ادعاءه بأن هاريس والديمقراطيين «يكرهون إسرائيل»، مشيراً إلى أنه كان سيمنع اندلاع الصراعات تحت إدارته.
أما في موضوع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، فقد أيدت هاريس قرار الانسحاب ولكنها انتقدت اتفاقية ترامب مع طالبان التي حددت الأول من مايو 2021 كموعد نهائي للانسحاب. انتقدت هاريس الطريقة التي تم بها تنفيذ الانسحاب، والذي شهد فوضى أدت إلى مقتل 13 عنصراً من القوات الأمريكية في تفجير انتحاري بمطار كابول الدولي. من جانبه، زعم ترامب أنه كان سينسحب بشكل أفضل دون خسائر.
الرعاية الصحية
أخيراً، تطرق النقاش إلى موضوع التأمين الصحي، حيث انتقد ترامب قانون أوباما كير ووعد باستبداله، متهماً الديمقراطيين بعدم التعاون في تغييره. من جهتها، دافعت هاريس عن قانون الرعاية الصحية الميسرة، الذي يعد جزءاً أساسياً من برنامجها الصحي.
المناظرة، التي أثارت اهتماماً واسعاً من المشاهدين داخل الولايات المتحدة وخارجها، سلطت الضوء على الفجوات العميقة بين هاريس وترامب في معالجة القضايا الأساسية، ما يوضح كيف ستشكل هذه الاختلافات ملامح الانتخابات الرئاسية المقبلة.