إيمان الهاشمي
«كُلٌّ يلحّن على ليلاه»!! مهلاً.. مهلاً فهذا ليس بخطأ إملائي مشين، حيث لا ضير في حرية التعبير ولا من حرية التلحين! لأن أخلاق النوتات كأخلاق الحروف تماماً وبلا استثناء، وذلك يظهر في مخاطبة العقول والقلوب على حد سواء، فالاستغلال الفكري أو الحسي للإنسان أخطر الأسلحة وأكثرها انحطاطاً، أما تطوير الفكر وتطهير الروح فيعد من أكثر الأساليب جمالاً ونشاطاً، «فالمبتدأ» في الجملة اللحنية هو الفكرة القادمة إلينا بحنية، و«الخبر» هو اختيار الآلات المتناسبة مع المزاج والنية، أما «الفاعل» سواء كان مستتراً أم لا فهو حتماً العازف وقبله الملحن، وأما «المفعول به» وإن كان ضميراً غائباً فهو بالطبع المستمع إلى اللحن، وهكذا تبقى الجمل الصحيحة أو الكاملة مرفوعة الرأس، أما الجمل الناقصة أو شبه الجملة فلا محل لها من الموسيقى، ولكن لا بأس، لأن بعض «الألحان» مبنية للمجهول وبعضها مبنية «للموهوب»!
بمعجزة ورحمة ربانية، جاء إلى الدنيا، يحمل الاسم (زكريا)، من أب مصري وأم تركية، بعد فقدانهما 21 طفلاً، فأتاهما هو ب22 أملاً، وبأكثر من 1000 مقطوعة، باتت بين الناس مسموعة، وقد لُقّب بشيخ الملحنين، من قِبَل جميع المصريين، ثم أيّدهم العالم كله، فقد كان (زكريا أحمد) مثالاً للتلميذ المشاكس، حتى أنه طُرد من أغلب المدارس، ومع ذلك حين اشتد ساعده وكبر، ونضج نموه الفكري ومضى للأمام وعَبر أصبح شخصاً هادئاً لا يغضب، وفناناً غزيراً لا ينضب، في جعبته كنوز التراث الشعبي، وفي قلبه أصالة اللحن العربي، صوت موسيقاه يتحدث بطلاقة، وصدى شعبيته يؤكد انطلاقه، تراكيبه مفعمة بالشرقية، بعيداً عن الصبغة الغربية، تأثّر بأمير الشّعر العامي (بيرم التونسي)، فلحّن كلماته وفقاً لواقعه الحسي، واتباعاً لوضعه النفسي، والجميل أنهما جسّدا معنى حقيقة الصداقة، وقيمة تكاثف الجهود واتحاد الطاقة، لإنتاج الجماليات الإبداعية والخلاقة، وأهم وأرقى الأعمال العملاقة، وذلك إلى موعد وفاتهما معاً في نفس العام، أي سنة 1961 بالتمام، فما أجمل الرفقة في تلك الأيام!
الجدير بالذكر أن أعماله اشتهرت في السينما والمسرح، وعلى وجه الخصوص مع سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وبالتالي ازداد صيته في كل مكان ومطرح، بل ازدهر اسمه يوماً بعد يوم، ومن أشهر مؤلفاته «أنا في انتظارك»، و«غنيلي شوي شوي»، و«الورد جميل»، و«يا صلاة الزين»، و«أهل الهوى».
الاسم: زكريا أحمد
النشاط: موسيقي
الجنسية: مصري
التاريخ:
1896 – 1961: 65 سنة
من أعماله: هو صحيح الهوى غلّاب
