تعقيدات الهجمات على العربيّة

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

هل صارت علوم اللغات فوضى لا سراة لها؟ من أين لغير العارفين أن يميزوا الطيّب من الخبيث؟ على علماء اللغة أن يتدخلوا لحسم الأمور، أو أن يدلّوا الشعوب على الجهة أو الجهات الأقدر على مواجهة الهجمات التي تستهدف القرآن الكريم واللغة العربية معاً.
المشكلة عسيرة ومعقّدة من جميع وجوهها. لقد كثرت في وسائط التواصل، الأيدي المشبوهة. الغاية واضحة: إيهام العرب بأنهم ليسوا عرباً، وأن العربية ليست عربية، بل آرامية، سريانية. هكذا تفاقمت التعقيدات؛ لأن القضية لا تتمثل في مسائل يمكن طرحها وتناولها وبحثها وتحليلها في نطاق العربية فقط، لقد صرنا في حاجة إلى علماء لغة عرب متبحرين في اللغات السامية: العربية، الآرامية، العبرية والحبشية. تضاف إليها علوم القرآن، تاريخاً وتفسيراً وتعمّقاً في جذور الدخيل معجميّاً.
جلال الدين السيوطي له كتاب عنوانه «المتوكلي»، صنّف فيه الدخيل إلى إحدى عشرة لغةً يمكن اختصارها في اللغات الساميّة واللغات الأفروآسيوية. لن نتوقع أن يكون لكل اللغويين توسّع بهذا التنوع. بل إنه من غير المتصوّر وجود مرجع مطبوع أو موقع شبكي، يفصّل المعلومات في هذا الشأن. المهزلة التي تفشت من وسائط التواصل، هي أن مرتزقتها لا علاقة لهم لا بعلوم العربية ولا بعلوم اللغات الساميّة والأفروآسيوية. لكنهم موهوبون في انعدام الحياء، إلى حدّ أن أحدهم يعترف بأنه ليس من أهل اللغة أو اللغات، ولكنه أنشأ الموقع ليدعو إليه أشخاصاً، يتحاورون في هذه القضايا. أحد ضيوفه اعترف بأنه حديث عهد بالسريانية، ومع هذا يتطفل على أمور يمكن أن تغدو كما يقول الشاعر: «قد يبعث الأمر العظيم صغيرهُ».
عجيب أن تركن المجامع اللغوية والمؤسسات الدينية الكبرى، إلى تنسيق الجهود لوضع حدّ لهذه الألاعيب التي نعرف جيداً مصدرها ومراميها. عبارة تنسيق الجهود ألطف من لسع «العمل العربي المشترك». الشعوب يئست من الدفاع المشترك، فهل من دفاع علمي أكاديمي عن لساننا وإمام بياننا وشمس إيماننا؟ مشعلو الفتن لا يستهدفون المفكرين العارفين، ففرائسهم هم ضحايا الأمية. أفلم يروا كيف انهارت البلدان على رؤوس شعوبها جرّاء الدسائس؟ أفلم يفهموا حتى الساعة أن شعارات التحرير ونشر الديمقراطية التهمت الملايين وتقول هل من مزيد؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستشرافية: إذا نام أهل الشأن، فسوف ينطبق المثل التونسي: «اتركها وهي بيض، وحاول الإمساك بها وقد صارت نسوراً».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/36863w57

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"