في هذا العالم المتسارع، يصبح من السهل أن نغرق في دوامة العمل، نركض من مهمة إلى أخرى، من دون أن ندرك أننا نخسر لحظات لا تقدر بثمن مع من نحب، لكن الحقيقة البسيطة هي أن الحياة قصيرة، وأن كل لحظة تمر من دون أن نكون مع من نهتم بهم، هي لحظة لن تعود على مستوى الحياة الزوجية، تحديداً، تظهر الحاجة للتوازن، لتجنب المحاصرة بين متطلبات العمل وضغوطه من جهة، وبين الرغبة في قضاء وقت ثمين مع العائلة من جهة أخرى.
والحقيقة أن التحديات التي تواجه الأزواج، في هذا السياق، ليست مجرد جداول مزدحمة، أو مهام غير منتهية، بل شعور دائم بالتمزق بين ما يحتاج إليه المرء من وقت ليكون ناجحاً في عمله، وما يحتاج إليه ليكون حاضراً ومشاركاً في حياة عائلته، قد يجد الزوجان نفسيهما في بعض الأحيان مشغولين جداً لدرجة لا تسمح لهما بتبادل كلمة حب أو احتضان طفلهما قبل النوم، وهنا يكمن الخطر الحقيقي، فالعمل يمكن أن يستهلكنا، لكنه لن يعيد لنا تلك اللحظات التي نحتاج إليها لتعزيز الروابط الأسرية.
لذا، من المهم أن نتعلم كيف نكون حاضرين فعلاً في كل جانب من جوانب حياتنا، يجب أن نتذكر أن العائلة تحتاج إلى اهتمامنا بقدر ما يحتاج إليه عملنا، وربما أكثر، يمكن للأزواج البدء بتحديد الأولويات التي تهمهم فعلاً، بالسؤال: ما الذي لا يمكننا العيش بدونه؟ وما الذي يمكن أن نتركه قليلاً لنمنح وقتاً أكثر لأحبائنا؟
من المهم أيضاً أن نتعلم فن إدارة الوقت بحكمة، ليس كل لحظة في العمل تستحق أن تسرق منا لحظة في البيت، يمكن أن يكون التخطيط المسبق للأنشطة الأسرية بنفس أهمية التخطيط لمشاريع العمل الكبيرة. يجب أن يكون هناك وقت محدد مخصص للعائلة، وقت لا تقتحمه رسائل البريد الإلكتروني أو مكالمات العمل، في تلك اللحظات، يجب أن نكون موجودين بأجسادنا وأرواحنا، نشارك الضحك واللعب والحديث مع من نحب.
التوازن لا يعني أن نعطي كل شيء بالتساوي، بل أن نعرف متى نحتاج إلى أن نكون في مكان أكثر من الآخر، إنه الاعتراف بأن العمل سيظل موجوداً، لكن فرص مشاركة الوقت مع العائلة يمكن أن تكون محدودة، هذا الوعي يجعلنا نقدر الوقت الذي نقضيه مع أحبابنا أكثر، ويجعلنا أكثر استعداداً لتقديم التضحيات الصغيرة التي تحافظ على وحدة الأسرة.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
https://tinyurl.com/34fzhh8p