تحقيق: مها عادل
أصبحت سياحة الترانزيت خياراً ميسراً لزيارة العديد من الدول، واستكشاف معالمها خلال رحلة السفر مهما كانت طويلة، وقد توفر للسائح قيمة مضافة لرحلته وفرصة لاقتناص لحظات من المتعة والراحة وكسر روتين رحلات السفر الطويلة.
ورغم اعتقاد بعضهم أن رحلة السفر غير المباشرة لبلد ما قد تكون مملة أو مرهقة في بعض الأحيان، ينصح الخبراء بضرورة الاستفادة من هذا الوقت المستقطع من الرحلة بشكل مثالي، سواء داخل المطار أو من خلال جولة سياحية خارجية في بعض المناطق السياحية القريبة من المطار، فالمحطات التي نغير فيها الطائرة قد تكون نقطة فارقة بين إجازة سعيدة وسفر مريح وإجازة مرهقة وسفر مزعج.
تقول مريم حسواني، سيدة أعمال في العين: «علمتني خبرة السفر الكثير أن محطات الترانزيت تكون في غاية الأهمية عند التخطيط لرحلات طويلة، خصوصاً عند السفر إلى أمريكا أو كندا أو أستراليا أو البرازيل، والمفارقة أن أفراد عائلتي متفرقون بين هذه المناطق الجغرافية التي تفصلها مسافات شاسعة، وهكذا يكون السؤال في كل موسم للإجازات إلى أين نتجه هذه المرة؟».
وتتابع: «أطفالي يتحمسون كثيراً لهذه الرحلات التي يقابلون فيها أقارب يعيشون في دول مختلفة، ولكنني في كل مرة أخطط لرحلات طويلة أضع في اعتباري مسار الرحلة ومحطات الترانزيت، معظم الناس تنظر لكلفة تذاكر السفر فقط، وهي تجري الحجز، خصوصاً أن المسافات الطويلة تكون مكلفة، كما أنني أحجز لعائلتي التي تتكون من زوجي وأبنائي الثلاثة وبالتالي، فأي توفير في سعر التذكرة يكون مضاعفاً خمس مرات».
وتستدرك: «لكنني في الحقيقة لا أنظر فقط لثمن التذكرة، وإنما أهتم في الأساس بمحطات الترانزيت التي نتوقف بها عندما نمر في مطارات أوروبية وأمريكية، فبعض هذه المطارات تحيل رحلاتنا إلى متعة متناهية وراحة وسعادة بتوافر خدماتها وسبل الراحة والترفيه بها وأخرى قد يحولها لذكرى سيئة، إذا أخطأنا في الاختيار، فنضطر إلى الانتظار لساعات طويلة في ظروف سيئة أو عدم وجود مطاعم وأماكن انتظار ومرافق جيدة».
وتشير إلى أن «الأسوأ من ذلك أن نكتشف عند وصولنا إلى المحطة النهائية ضياع الحقائب في محطة الترانزيت، فبعض المطارات في أمريكا وأوروبا تزيد فيها معدلات خلط مسارات الحقائب أكثر من غيرها، لهذا فالبحث الجيد عن أماكن الانتظار وعدد الساعات وخطة الاستفادة منها حولت العديد من سياحة الترانزيت إلى متعة وترفيه وثقافة واستثمار مثالي للوقت المستقطع من للرحلة، خصوصاً عندما نمدد وقت الترانزيت لنقضي ساعات قد تصل إلى يومين أو ثلاثة في إحدى العواصم بالطريق لاستكشاف معالمها وتذوق أطباقها، ما يثري رحلتنا ويزيدها مرحاً». وتضيف مريم: «رحلتي هذا العام مع أسرتي تتضمن رحلة سفر طويلة جداً لزيارة أخي وعائلته في لوس أنجلوس، لذلك خططت لأن تتضمن رحلتنا عدة محطات ترانزيت، الأولى في مطار شارل ديجول في باريس والأخرى في نيويورك، وأخيراً إلى لوس أنجلوس. وقد اخترت أن تكون محطات الترانزيت في مطارات كبيرة فيها قاعات انتظار مريحة، ونحمل تأشيرات زيارتها في حال أردنا التوقف بهذه المدن لبعض الوقت».
مفاجآت مزعجة
تروي سميرة عمر، ربة بيت بالشارقة، مفاجآت الترانزيت المزعجة التي تحدث أحياناً بسبب عدم الخبرة، وتقول: «كنت أزور شقيقتي التي تعيش في مدينة كالجاري في كندا، وكانت خطة السفر تتضمن الترانزيت في مطار مونتريال 8 ساعات، لم أعتقد أنها ستكون مشكلة كبيرة، فأنا أحب التجول في المطارات، وأحمل معي بطاقات ائتمان تتيح لي الدخول إلى لاونج درجة رجال الأعمال مجاناً، حتى لو كانت تذكرتي اقتصادية، ولكنني عندما وصلت إلى مطار مونتريال كانت الساعة 11 مساء وبعد قليل وجدت اللاونج وجميع الكافيهات في المطار تغلق أبوابها، واكتشفت أنهم لا يعملون 24 ساعة، مثل المطارات في بلادنا، وإنما يغلقون، ويبقى فقط الأماكن العامة، حيث مقاعد الانتظار التي يجلس عليها المسافرون، فيحاولون القراءة على الأجهزة اللوحية، أو يحاولون النوم، وإذا أراد أحدهم أن يشرب أو يأكل، فعليه أن يستخدم ماكينات الشراء التي يوجد بها خيارات محدودة جداً، كانت ليلة سيئة ومملة أمضيتها في المطار».
وتابعت: «عندما جاء النهار أخيراً، وتوجهت إلى طائرتي، لم أكن قد نمت أو أكلت أو شربت، ورويت الموقف لشقيقتي عندما وصلت إليها فضحكت، وأخبرتني أن هذا أمر معتاد في كثير من مطارات كندا وأمريكا، حيث لا تفتح المحال والمطاعم في الليل ليتجنب مالكوها دفع أجور مناوبة الليل، لأن كلفة العمالة في هذه الحالة أعلى من المردود المتوقع لقلة عدد الطائرات التي تتحرك ليلاً في هذه المطارات».
ويقول ضياء حانوت، موظف في دبي: «علمني أحد أصدقائي من هواة السفر آليات تحويل محطات الترانزيت إلى وقت ممتع ورحلة خاطفة مرحة على الطريق، فقد أصبحت أختار المحطة كخطوة أولى منذ بداية التخطيط لرحلتي، أن تكون في دولة يمكنني دخولها بسهولة ولا تتطلب تأشيرة مسبقة، وهناك العديد من الدول التي تتيح دخول مقيمي دولة الإمارات إلى أراضيها بسهولة بتأشيرة للسياحة أو الزيارة».
ويضيف: «هكذا أستطيع أن أكسب يومين على الطريق، ولهذا خططت أن تتضمن رحلتي إلى المجر لزيارة ابنتي التي تدرس هناك، محطة ترانزيت في إسطنبول بتركيا، وفتحت مدة الترانزيت إلى 48 ساعة حتى أستطيع أنا وزوجتي قضاء وقت ممتع في التعرف إلى ملامح هذه الدولة السياحية بامتياز، وممارسة هواية التسوق وزيارة أهم معالمها، وتناول بعض الأطباق التركية الشهيرة المشهود لها بالمذاق المميز هناك، ولتصبح رحلتنا أكثر متعة وتنوعاً، وتضيف لحالتنا المزاجية ولرصيد ذكرياتنا المزيد من الصور التذكارية الجميلة».
تجربة صعبة
تحدثنا حنان شعراوي، موظفة بدبي، عن تجربتها الصعبة مع خوض سياحة الترانزيت دون تخطيط جيد، وتقول: «المرة الأولى التي قمت فيها بالتوقف في محطة ترانزيت كانت في رحلة عودتي إلى دبي من أمريكا بمفردي دون عائلتي، وواجهت بها الكثير من الصعوبات، كانت تتضمن التوقف في مطار فرانكفورت، كان للرحلة سعرٌ مغرٍ، فالتذكرة كانت أرخص بنحو 40% من معدلات التذاكر الأخرى، ولم أدرك حينها أن سبب ذلك كان أن زمن الترانزيت لم يتجاوز ساعة ونصف، ما اعتبرته ميزة في البداية».
وأضاف: «عندما نزلت إلى مطار فرانكفورت اكتشفت أنه شاسع المساحة ومتعدد المباني، وأنني يجب أن أركض لاهثة من البوابة التي نزلت عندها إلى البوابة الأخرى التي يُفترض أن أستقل منها طائرتي المتجهة إلى دبي، والتي تقع في مبنى مختلف بالمطار، وتطلّب الأمر ركوب حافلة داخلية والانتظار في طابور طويل، ثم الوقوف بمنطقة تفتيش أمني مزدحمة، وعندما وصلت إلى الطائرة كانت الأبواب أغلقت ولم أستطع اللحاق بها للأسف الشديد، واضطروا بالمطار لتوفير مكان لي بالطائرة التي تليها، وتطلب الأمر المبيت على مقاعد الانتظار عند البوابة، وسافرت فجر اليوم التالي، وزاد من معاناتي أيضاً الزحام الشديد الذي وجدته بأماكن الطعام والكافيتريا، وبذلت جهداً كبيراً للحصول فقط على كوب من القهوة وقطعة من المخبوزات، وهذه كانت أول وآخر تجاربي مع الترانزيت، وبعد عودتي لمطار دبي سجدت شاكرة لما وجدته من تنظيم ونظافة وراحة بالمطار وخدمات متوفرة وتمنيت لو كان وقت الترانزيت الخاص بي أمضيته بمطار مثل مطار دبي، المجهز تماماً لاستضافة سائح الترانزيت بكفاءة».
قيمة مضافة
يقدم د. أيمن عبد القادر، خبير سياحي، مجموعة من النصائح التي تجعل من سياحة الترانزيت قيمة مضافة إلى رحلة السفر بدلاً من أن تكون تجربة مزعجة أو مرهقة، ويقول: «من المهم عند حجز تذاكر السفر أن نهتم بمعرفة عدة معلومات نرتب على أساسها الرحلة، مثل: الزمن وحجم المطار الذي ننزل فيه».
وأضاف: «من خبرتي، فإن أفضل زمن للترانزيت هو من ساعتين إلى 4 ساعات فهو زمن يكفي لكي يتحرك المسافر بطريقة هادئة من دون أن يشعر بالضغط كما يضع في الحسبان احتمالات أن تتأخر الطائرة بضعة أجزاء من الساعة عند الوصول إلى محطة الترانزيت، وإذا زاد الوقت عن ذلك، فالأفضل أن يكون المسافر حاملاً معه بطاقات تسهل له فترة انتظاره بالمطارات، مثل كريدت كارد مناسب أو بطاقات الولاء الخاصة بشركات الطيران، وهي تتيح للمسافر أن يدخل إلى «لاونج» أو استراحة درجة رجال الأعمال، حيث سيجد الفرصة لأن يأكل أو يشرب أو يسترخي أو حتى يستحم ويغير ثيابه وينام إذا كانت الرحلة طويلة، وبذلك يقلل من تأثير أعراض «الجيت لاج» أو اضطراب مواعيد النوم الذي يحدث للمسافرين نتيجة اختلاف التوقيت من منطقة زمنية لأخرى».
وتابع: «من المعلومات المهمة أيضاً استكشاف طبيعة وإمكانات المطار والتعرف إلى ظروف المطار الذي سيقضي الترانزيت فيه، هل هو مطار ضخم به عدد كبير من صالات الوصول أو هو مطار متوسط أو صغير؟ وهل يعمل 24 ساعة بكفاءة كاملة أم يغلق خدماته بوقت مبكر؟ كما يجب أن يعرف المسافر إذا كان بإمكانه أن يحصل على تأشيرة دخول إلى البلد الذي سيقضي فيه فترة الترانزيت بسهولة في حالة تأجيل طائرته مثلاً، لأن ذلك يمكن أن يجعله يمدد فترة الترانزيت لتصل إلى أكثر من 15 أو عشرين ساعة أو حتى يوم أو يومين».
وأشار إلى أن ذلك «يوفر له فرصة الاستمتاع برحلة سريعة إلى أهم معالم المدينة التي نزل إليها، وفي هذه الحالة يفضل أن يكون مستعداً، وأن تكون حقيبته التي يحملها على الطائرة بها اللوازم الضرورية وملابس إضافية للمبيت تناسب الطقس الذي سيجده في هذه المدينة، كل هذه التفاصيل سوف تساعد المسافر على أن يستفيد من محطات الترانزيت، ويجعلها رحلة جديدة ممتعة على الطريق».