عادي

عذب الكلام

22:58 مساء
قراءة دقيقتين

إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
في رحاب أمّ اللغات
أبدع كثيرٌ من الشعراء، بوصف مشاعرهم الصادقة، بحبّ العربية، منهم سليمان العيسى، الذي يقول على لسانها:
أنـا مـا بَرِحْتُ.. تألُّقـاً وسَـنا
لُغَـةُ العُروبــةِ والبَقَـاءِ أنَا
في بُـرْدِيَ التّـاريخُ.. أنْسُــجُهُ
شِـعْراً ونَثْـراً.. أبْهَـرُ الزَّمَنـا
أطْوِي العُصُورَ.. وما شـكَوْتُ بِها
في بُنْيَتِـي ضَـعْفاً ولا وَهَنــا
وصبري شمّاس، الذي يقول:
أوْدَعْتُ فيكِ حَشاشَتي ومَشاعِري
ولَأنْتِ أمّي والدي وكِياني
لُغَةٌ حَباها اللهُ حَرْفاً خالداً
فَتَوضَّعَتْ عَبَـقاً على الأكْوانِ
وتَلألأتْ بالضَّادِ تَشْمَخُ عِـزَّةً
وتَسيلُ شَهْداً في فَمِ الأزْمانِ
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
جَمالَكَ أَيُّها القَلبُ
أبو ذؤيب الهذلي
(بحر الوافر)
جَمالَكَ أَيُّها القَلْبُ القَريحُ
سَتَلْقى مَن تُحِبُّ فَتَستَريحُ
نَهَيْتُكَ عَن طِلابِكَ أُمَّ عَمرٍ
بِعاقِبَةٍ وأَنتَ إِذٍ صَحيحُ
فَقُلتُ تَجَنَّبَنْ سُخْطَ ابْنِ عَمٍّ
ومَطْلَبَ شُلَّةٍ ونَوىً طَروحُ
وما إِنْ فَضْلَةٌ مِن أَذْرِعاتٍ
كَعَيْنِ الدّيكِ أَحصَنَها الصُّروحُ
مُصَفَّقَةٌ مُصَفّاةٌ عُقارٌ
شَآمِيَةٌ إِذا جُلِيَت مَروحُ
إِذا فُضَّتْ خَواتِمُها وفُكَّت
يُقالُ لَها دَمُ الوَدَجِ الذَّبيحُ
ولا مُتَحَيِّـرٌ باتَت عَلَيهِ
بِبَلقَعَةٍ يَمانِيَةٌ تَفوحُ
خِلافَ مَصابِ بارِقَةٍ هَطولٍ
مُخالِطِ مائِها خَصَرٌ وَريحُ
بِأَطيَبَ مِن مُقَبَّلِها إِذا ما
دَنا العَيّوقُ واكْتَتَمَ النُّبوحُ
من أسرار العربية
الفرق بين الرّجْس والرِّجْز: الرِّجْسُ: القَذَرُ، وقيل: الشيء القَذِرُ. ورَجُسَ الشيءُ يَرْجُسُ رَجاسَةً، وإِنه لَرِجْسٌ مَرْجُوس، وكلُّ قَذَر رِجْسٌ. والرَّجْسُ، بالفتح: الصوتُ الشديد من الرّعد.
أمّا الرِّجْزُ، فهو العذاب والعمل الذي يؤدي إِلى العذاب. والرَّجَزُ(بفتحتين) نوع من أوزان الشِّعر، و«الأُرْجُوزَةُ» القصيدة من الرجز. بين سرى وسار: سارَ: مشى نهاراً وسرَى: مشى ليلاً. والسارية: السحابة تُمْطِر ليلاً، من السُّـرى سَيرِ الليلِ، ؛ ومنه قول كعب بن زهير:
تَنْفي الرّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَه
من صَوْبِ ساريةٍ بيضٌ يَعالِيلُ
هفوة وتصويب
يستخدم كثُر هذه العبارة «وقد اقْتَبَسَ الكاتب عَنْ مَرجعٍ آخر..» وهي خطأ، والصواب «اقْتَبَسَ من...»؛ ففي صحيح اللغة «القَبَس: الشُّعْلة من النّار».. ويقال «اقْتَبَسْتُ مِنْهُ عِلماً». وفي الحديث الشريف «من اقْتَبَس عِلْماً من النُّجوم اقْتَبَس شُعْبةً من السِّحْر».
ويخطئ آخرون في استخدام كلمتي «كِلا»، و«كِلْتا»، فيقولون «كِلا الرَّجُلَيْن ذَهَبا» و«كِلْتا المَرْأَتيْن قامتا»، والصواب عدم تثنية الفعل بعدهما، فنقول «كِلا الرَّجُلَيْن ذَهبَ» و«كِلْتا المَرْأَتيْن قامَت». لأنّهما اسمان مفردان، ووضعا للتأكيد. قال الأَعشى:
كِلا أَبَوَيْكُمْ كانَ فَرْعاً دِعامةً
ولكنّهم زادوا وأصْبَحتُ ناقصا
يريد كلّ واحد منهما كان فرعاً.
وقال حسّان بن ثابت:
إِنَّ الَّتي ناوَلتَني فَرَدَدتُها
قُتِلَتْ قُتِلْتَ فَهاتِها لَم تُقتَلِ
كِلتاهُما حَلَبُ العَصيرِ فَعاطِني
بِزُجاجَةٍ أَرخاهُما لِلمَفصِلِ
من حكم العرب
لَقَد زادَني تيهاً عَلى الناسِ أَنَّني
أَرانِيَ أَغناهُم وإِن كُنْتُ ذا فَقرِ
فَوَاللَهِ لا يُبدي لِساني لَجاجَةً
إِلى أَحَدٍ حَتّى أُغَيَّبَ في القَبرِ
البيتان لأبي نواس، يقول فيهما، إنّ الإنسان العاقل هو الذي يسعى بنفسه لعيش كريم، ولا يضطر إلى اللجوء إلى الآخرين.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"