على الحائط الذي يلي ظهر مكتبي في الجريدة، تعّودت أن أثّبت بعض الصور المقصوصة من صحف أو مجلّات، وأغلبها بالأبيض والأسود، لأنتبه أمس، إلى أن الحائط تحوّل إلى ما يشبه المعرض، وغالبية صوره هي صور شاعرات من العالم.
خمس شاعرات على الجدار ورائي، كما لو أنهن اجتمعن فجأة على طاولة واحدة، وأخذن يتحدثن ويضحكن، وإذ أدقق في صور النساء الشاعرات، سألاحظ أنهن متشابهات في قسمات الوجوه، ومتشابهات أيضاً في طريقة جلوسهن في بيوتهن، مع ملاحظة أخرى مشتركة وهي: الأناقة، والرقة، وذلك الجمال الهادئ المبتسم دائماً، ثم ذلك النحول غير المبالغ فيه.
هل تتشابه النساء هكذا عادةً، أم أنها خصيصة جمالية (تشكيلية) تمتاز بها الشاعرات فقط؟ هذا ما لا أعرفه، ولكن في محاذاة هذا السؤال ثمة تساؤل: هل يتشابه شعر النساء كما تتشابه وجوههن أو أجسادهن؟ بالطبع لا، فكل شعر في حدّ ذاته هو شخصية لغوية جمالية تعود إلى مرجعيات حضارية ودينية وعقائدية تختلف من مكان إلى آخر.
من صور الحائط الشاعرة الأمريكية ليندا باستان التي تصف الحزن بأنه سلّم حلزوني، وتقول: أتعلّم التخلّي عن العالم قبل أن يتخلّى عني. وفي قصيدة أخرى تقول: «حين ساق الله النور/ لم يطرد الظلام/بل أتى بالأبنوس والشامة الصغيرة على خدّك الأيسر». ترجمة: ضي رحمي.
الشاعرة الإيرانية ناهيد كبيري تقول: «يرحل الخوف حينما تكون معي/ وتصير النجمة قمراً أرميه من نافذتي/نحوك أهبه للرياح كي تتجوّل في أزقة المدينة». ويقول الكاتب محمد أمين الذي نقل جزءاً من شعرها إلى العربية إنها الصوت النسوي الأكثر أهمية بعد فروغ فرخزاد.
الشاعرة الأمريكية (كالبنانسغ – شيتنس) من أصل هندي قرأت لها قصيدة جميلة منها هذا المقطع: «بعيني المملوءتين بالدموع/ الأكثر ملوحة من بحري الهندي/هل من الظلم أن أقول ذلك؟؟/إن منفاي هو جزيرة آمنة/لا تزال ترتعش بالأمل».
حياة فروغ فرخزاد قصيدة قصيرة مكتوبة من الألف إلى الياء بالدموع، ومع ذلك تبدو صورتها وكأنها تبتسم أو على وشك الضحك، الضحك من كل هذه القصيدة القصيرة.
تقول فرخزاد: «أبداً ما تمنّيت أن أكون نجمة في سراب السماء، أبداً لم أكن منفصلة عن الأرض لم أتعرف إلى النجمة على التراب وقفت/بقامتي مثل ساق نبتة/تمتص الهواء والماء والشمس. أنا لست سوى إيقاع أغنية».
أبداً لا تتشابه القصائد، وإن تشابهت أرواح النساء، وتشابه شَعْرَهن المتطاير في الرياح.
[email protected]
https://tinyurl.com/5n7zrwxn