عادي

اتفاقية عدم الإفصاح.. كيف تحمي سرية معلومات شركتك؟

23:15 مساء
قراءة 4 دقائق
إعداد: أحمد البشير

في عالم الأعمال، الأفكار ليست مجرد خطوات نحو النجاح، بل هي أصول ثمينة، قد تساوي قيمتها ملايين الدولارات. وعلى نفس القدر من الأهمية، تأتي المعلومات الاستراتيجية التي تحتفظ بها الشركات الكبرى، والتي قد يؤدي تسريبها إلى كارثة للشركة بأكملها. في هذا السياق، تعتبر اتفاقية عدم الإفصاح (NDA) من الأدوات الحاسمة، التي تلجأ إليها الشركات لحماية هذه المعلومات من التسرب. ولكن ما هي هذه الاتفاقية؟ ولماذا تعتبر بهذه الأهمية؟

  • ما هي اتفاقية عدم الإفصاح؟

اتفاقية عدم الإفصاح (Non-Disclosure Agreement)، هي وثيقة قانونية تُبرم بين طرفين أو أكثر، بهدف حماية المعلومات السرية المتبادلة بينهما. وتضمن هذه الاتفاقية عدم إفشاء المعلومات إلى أطراف خارجية، ما يتيح للأطراف المتعاقدة تبادل البيانات بسرية تامة. وتعتبر هذه الاتفاقية أساسية في بيئات العمل، التي تتطلب مشاركة معلومات حساسة أو استراتيجية بين الأطراف، سواء كانت شركات، موظفين، أو شركاء أعمال. وتُعرف هذه الاتفاقية أيضاً بأسماء أخرى مثل «اتفاقية سرية المعلومات» أو «عقد المحافظة على السرية».

  • متى تُستخدم الاتفاقية؟

يتم اللجوء إلى اتفاقية عدم الإفصاح في حالات عديدة، تشمل التعاون بين الشركات التي تخطط للعمل معاً، أو بين شركة ناشئة وموظفيها الذين يمتلكون حق الوصول إلى معلومات حساسة تتعلق بالشركة. تهدف الاتفاقية إلى حماية هذه المعلومات من الوصول غير المصرح به، من خلال فرض عقوبات قانونية ومالية على من ينتهك شروط السرية.

  • أنواع الاتفاقية

نظراً لتنوع الحالات التي قد تتطلب استخدام اتفاقية عدم الإفصاح، تختلف أنواع هذه الاتفاقية لتناسب الظروف المختلفة. تنقسم اتفاقيات عدم الإفصاح إلى نوعين رئيسيين:

  1. اتفاقية عدم الإفصاح المتبادلة: تُبرم بين طرفين يتبادلان معلومات سرية، حيث يلتزم كل طرف بحفظ سرية المعلومات التي يتلقاها من الطرف الآخر. تضمن الاتفاقية حماية حقوق الطرفين بالتساوي، وتنص على عقوبات متساوية، في حال إفشاء أي طرف للمعلومات.
  2. اتفاقية عدم الإفصاح غير المتبادلة: تُستخدم هذه الاتفاقية عادةً في الحالات التي يتلقى فيها طرف واحد معلومات سرية من طرف آخر، مثل الشركات التي تعين موظفين جدداً، وتمنحهم حق الوصول إلى بيانات سرية. هنا، يلتزم الموظف الجديد بحفظ سرية المعلومات التي يتلقاها، بينما لا يتبادل الطرف الآخر أي معلومات سرية.

مزايا

تتمتع اتفاقية عدم الإفصاح بالعديد من المزايا التي تجعلها أداة قانونية قيّمة، ومن أبرز مزايا هذه الاتفاقية:
 

أ- المرونة: تتميز اتفاقية عدم الإفصاح بإمكانية تخصيص بنودها، لتتناسب مع احتياجات الأطراف المتعاقدة. ويمكن تعديل نص الاتفاقية لتحديد الأسرار التي يجب الحفاظ عليها والمعلومات المستثناة، ما يجعلها وثيقة قابلة للتكيّف مع مختلف الظروف.
ب- الوضوح والعملية: توفر اتفاقية عدم الإفصاح وضوحاً، حول ما يُعتبر معلومات سرية وما لا يُعتبر كذلك. وتساعد هذه الشفافية في تجنب أي سوء تفاهم بين الأطراف، وتتيح لهم التعامل مع الاتفاقية بثقة أكبر. كما أنها عادة ما تكون منخفضة التكلفة، مما يجعلها خياراً عملياً للشركات من جميع الأحجام.
ج- الأمان، بتحديد العقوبات الواضحة للمخالفين: تمنح اتفاقية عدم الإفصاح الأطراف شعوراً بالأمان، ما يشجع على تبادل المعلومات بثقة. هذه العقوبات قد تشمل غرامات مالية، أو إنهاء العقود، أو حتى إجراءات قانونية.

عيوب

أ- انعدام الثقة: تعكس اتفاقية عدم الإفصاح في جوهرها نقص الثقة بين الأطراف، ما قد يؤدي إلى تردد بعض الشركات في الدخول في شراكات أو تعاونات. قد يشعر الموظفون الجدد بالقلق من هذه الاتفاقية، ما يؤثر على انخراطهم في بيئة العمل.
ب- صعوبة تحديد مدة الاتفاقية: يمكن أن تكون المعلومات السرية ذات طبيعة مختلفة، بعضها يتعلق بفترة التعاون فقط، بينما يستمر البعض الآخر لفترة أطول بكثير. وقد يكون من الصعب تحديد المدة الزمنية، التي يجب خلالها الحفاظ على سرية المعلومات، خاصةً إذا كانت تتعلق بأسرار تجارية.

تفاصيل

تتضمن اتفاقية عدم الإفصاح عادةً مجموعة من العناصر الأساسية التي يجب تضمينها لحماية المعلومات السرية. إليك أبرز ما يجب تضمينه في أي اتفاقية:

أ- أطراف الاتفاقية: يجب ذكر أسماء الأطراف المشاركة في الاتفاقية بوضوح، سواء كانت هذه الأطراف شركات أو أفراداً.
ب- مالك المعلومات والمتلقي: من الضروري تحديد من هو المالك الفعلي للمعلومات السرية، ومن هو الطرف الذي سيستلم هذه المعلومات.
ج- المعلومات السرية: يجب تحديد ما يُعتبر معلومات سرية ضمن الاتفاقية. قد تشمل هذه المعلومات خطط العمل، البيانات المالية، التصاميم، أو حتى تفاصيل العملاء والمنتجات.
د- مدة الاتفاقية: يُفضل تحديد المدة الزمنية التي ستظل فيها المعلومات سرية. عادةً ما تكون هذه المدة من 5 إلى 10 سنوات، ولكن قد تحتاج بعض المعلومات إلى حماية غير محددة بمدة زمنية.
ه- العقوبات: يجب تحديد العقوبات، التي ستُفرض على أي طرف ينتهك شروط الاتفاقية. هذه العقوبات قد تشمل غرامات مالية أو إنهاء التعاون.
و- القوانين القضائية: من المهم تحديد القانون الذي سيُعتمد في تفسير الاتفاقية، بناءً على الدولة أو الولاية التي تم فيها توقيع الاتفاقية.

  • لماذا تحتاج شركتك للاتفاقية؟

تعدّ اتفاقية عدم الإفصاح أداة ضرورية لحماية أسرار شركتك في عدة سيناريوهات:

  1. الاتفاقيات المتبادلة: عند التعاون مع مؤسسة أخرى، تضمن الاتفاقية حماية معلومات الطرفين، ما يعزز من الثقة ويُسهم في نجاح التعاون.
  2. إعداد سياسات العمل: تُستخدم الاتفاقية لتحديد سياسات الشركة بشأن تداول المعلومات خارج حدود المؤسسة، وهو أمر بالغ الأهمية، خاصةً في الشركات التي تعمل عن بُعد.
  3. التعامل مع الموظفين: تضمن الاتفاقية عدم إفشاء الموظفين لأي معلومات سرية تتعلق بالشركة، مما يساعد في حماية مصالح المؤسسة على المدى الطويل.

في النهاية، تعتبر اتفاقية عدم الإفصاح أداة قانونية فعالة لحماية معلومات شركتك السرية. وسواء كنت تدير شركة ناشئة أو مؤسسة كبرى، فإن هذه الاتفاقية توفّر لك الحماية اللازمة، لضمان أن تظل أفكارك وخططك التجارية محميّة من التسريب. ومع ذلك، من المهم صياغة الاتفاقية بعناية، وتجنب الثغرات التي قد تسمح بانتهاك سرية المعلومات. لضمان سلامة هذه الوثيقة، يُنصح بالاستعانة بخبير قانوني لضمان شمولية ودقة الاتفاقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2yva632s

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"