لن يصوّت غير الأمريكيين في الانتخابات المنتظرة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، غير أن الانشغال بكل ما يسبقها ويلحقها لا يخصهم وحدهم، فالعالم كله متفرغ لمتابعة تفاصيلها، وينتظر تحديد هوية ساكن البيت الأبيض الجديد.
نتيجة الانتخابات الأمريكية تنعكس على ملفات لا حصر لها في العالم، وإن كانت طريقة التعامل مع هذه الملفات لا تنطوي على فروق كثيرة، سواء كان الفائز جمهورياً أو ديمقراطياً، فالمشتركات بين الحزبين الرئيسيين في ما يخص تحديداً السياسات الخارجية أكثر من نقاط الاختلاف التي تتركز في الفرعيات، لا التوجهات الرئيسية.
البابا فرنسيس وجد قاسماً آخر بين دونالد ترامب، المرشح الجمهوري، ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس، وهو أنهما «ضد الحياة».. خلص البابا إلى هذا منطلقاً من قناعاته الدينية والأخلاقية، ومستنداً إلى موقفين للمرشحين المتنافسين يرى فيهما معاداة لمسيرة الحياة البشرية، وهما مناهضة ترامب للهجرة، وسعي كامالا هاريس لاستعادة حق الإجهاض.
معروف أن دونالد ترامب يتخذ من الهجوم على المهاجرين غير الشرعيين، وعددهم نحو 15 مليوناً، والوعد بترحيلهم حال فوزه، محوراً رئيسياً في حملته الانتخابية، وتوعّد بإخراجهم جميعاً حين يعود إلى البيت الأبيض فيما ينتظر أن يكون، حال فوزه وتنفيذ ما وعد به، أكبر عملية ترحيل في الولايات المتحدة الأمريكية.
ليس ذلك جديداً على سياسة ترامب، ففي ولايته الأولى شدد القيود على استقبال المهاجرين بتأشيرات، أو لجوءاً، ولا يكف عن الوعد بمواصلة هذا النهج إذا فاز بولاية ثانية، وقبل نحو عام خصّ بنواياه المتشددة القادمين من قطاع غزة وليبيا والصومال وسوريا واليمن وأي مكان آخر «يهدد أمن الولايات المتحدة».
يتخذ البابا فرنسيس موقفاً مغايراً من المهاجرين، وطالب غير مرة بعدم اعتبارهم غزاة، وحث الأوروبيين على التسامح معهم، معتبراً صدّهم «خطيئة كبرى» تترك نهباً للموت في البحر المتوسط.
وفي حين ترى كامالا هاريس في الإجهاض حقاً للأمريكيات، وضع ترامب عراقيل كثيرة أمامه تعهدت بإزالتها، يصفه البابا بجريمة قتل متعمد لا يمكن لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية السماح به.
من هذه الزاوية المتعلقة بحق البشر في الحياة عبر إتاحة الهجرة وحظر الإجهاض، يرى البابا في ترامب وكامالا هاريس شرّين على الأمريكيين اختيار أقلهما، وبوسع أيّنا أن يعدد زوايا الشر في الممارسات الأمريكية بعيداً عن هذين الملفين اللذين يتعامل معهما رمز الكنيسة الكاثوليكية بمنظور ديني.
ورغم أننا، مثل البابا، لا نملك حق الانتخاب، فإننا يمكن أن ننظر في مسألة أي المرشحين أهون شراً في تعامله مع ما يتصل بنا، عرباً ومسلمين، من قضايا.
لسنا معنيين بقدر ما يفعل البابا بمسألتي الهجرة والإجهاض، لكننا يمكن أن نناقش أثر عودة ترامب أو صعود كامالا هاريس على سياسات إسرائيل وإيران وبقية ملفات المنطقة، وما يعنيها من أزمات في العالم، وأن نتساءل من باب التحسب: أيهما أقل شراً؟
[email protected]
https://tinyurl.com/yvt9afhy