الصحة النفسية مرتبطة بشكل حيوي وقوي مع العلاقات الأسرية، فكلما كان الفرد متمتعاً بصحة نفسية وعلاقات أسرية مستقرة، كانت طبيعة الحياة التي يعيشها أكثر سعادة وإنتاجية، والعكس صحيح عندما يحدث خلل في أي من هذين الجانبين، فتدهور العلاقات الأسرية له مؤثرات كبيرة على الاستقرار العاطفي، وعلى الطمأنينة والسلام والهدوء. والحال نفسه عندما يعاني أحدهم من توترات أو قلق، فالكآبة ستتلبسه، وهو ما يعني الدخول في المرض النفسي.
يتضح الرابط بين العارض النفسي وقوة العلاقة الأسرية في كثير من الدراسات والبحوث العلمية، التي وصلت إلى نتائج مفادها ترابط هذين الجانبين وتأثير كل واحد منهما على الآخر. على سبيل المثال، في دراسة قادها الدكتور جيمس كوين، من جامعة شيكاغو عام 2015، تم فحص العلاقة بين الصحة النفسية وجودة العلاقات الأسرية. وقد شملت الدراسة أكثر من 1000 عائلة من مختلف الخلفيات الثقافية والاجتماعية، وخلصت إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو اضطراب القلق العام كانوا أكثر عرضة للتوترات العائلية والنزاعات الزوجية. وقد نشرت هذه الدراسة في Journal of Family Psychology وأكدت أن تحسين الصحة النفسية للأفراد يؤدي إلى تقليل النزاعات الأسرية ويعزز الروابط بين أفراد الأسرة. وأشارت الدراسة إلى أن التدخلات العلاجية والنفسية للأفراد الذين يعانون من مشكلات نفسية كان لها تأثير إيجابي على حياتهم الأسرية.
لذا، من الأهمية تقوية التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، لأن هذا يعزز ويقوي تماسك الأسرة، ويقاوم العوارض النفسية المختلفة. وهذا يتطلب أن يدعم أفراد الأسرة بعضهم البعض في الأوقات الصعبة، أو في تلك اللحظات العصيبة والمصيرية التي يمر بها البعض خلال مسيرتهم الحياتية. ولا ننسى السعي للحصول على الاستشارة النفسية والاجتماعية من المختصين في هذا المجال، عند وجود مشكلات تؤثر على مسيرة الحياة وتسبب إما توتراً أو قلقاً، أو نحوهما من العوارض النفسية، وأيضاً تسبب تباعداً أسرياً أو تنافراً. ولنتذكر أن هناك علاقة قوية وواضحة بين الصحة النفسية والعلاقة الأسرية، وهي علاقة متشابكة ومتداخلة، وأن تعزيز الصحة النفسية والتنبه لسلامتها يؤديان، دون شك، إلى تحسن في العلاقات الأسرية، وإدراك هذه العلاقة والتنبه لها يعد المفتاح الأول والأهم في سياق السعي نحو المحافظة على الصحة النفسية والمحافظة على روابط الأسرة وتماسكها في مواجهة تقلبات الحياة والصعوبات المحتملة.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
https://tinyurl.com/499rmvxj