تحقيق: عهود النقبي
تناول الأدوية بشكل غير منتظم، وعدم الالتزام بالوصفة الطبية من قبل الطبيب المختص، أو شراء الأدوية من جهات إلكترونية غير مرخصة بسبب انخفاض أسعارها، كلها عادات يلجأ إليها بعض أصحاب الأمراض المزمنة من ذوي الدخل المحدود، تترتب عليها عواقب صحية وخيمة، قد تؤدي إلى الوفاة، لذا شدد أطباء ومختصون في مجال الصيدلة على أهمية الالتزام بالوصفة الطبية، وقالوا ل«الخليج»: إنه يجب مراجعة الطبيب المختص عند رغبة المرضى في تغيير الأدوية أو وضع بدائل لها، تفادياً لأي عقبات صحية قد تواجههم في حياتهم اليومية.
تؤكد منظمة الصحة العالمية، أن الالتزام بالأدوية يرتبط بِمدى اقتراب المريض من مُقدّم الرعاية الصحيّة، ما يعكس ضرورة التواصل الجيّد بينهما، كما يتم تعريف عدم الالتزام بالعلاج، بمدى تناول المريض أدويته بطريقة مختلفة عن تلك التي تم وصفها له، وهي متعلقة بأربع نقاط رئيسية، تناول الدواء الصحيح، تناوله بالموعد الصحيح، تناوله بالجرعة المحددة، وتناوله في المدة المحددة.
الأمراض المزمنة
تحذر الدكتورة إلهام أزاد، أخصائية طب أسرة في مستشفى ميدكير، من أن تأخير تناول الأدوية للأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري واضطرابات الدهون في الدم، يشكل مخاطر كبيرة، وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والإصابة القلبية النقلية والسكتة الدماغية ومشاكل الأعصاب والكلى، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية.
وأوضحت أن التأخير في العلاج يمكن أن يزيد من تفاقم الحالة ويقصر من عمر الإنسان ويؤثر على الصحة النفسية، ما يترتب عليه أهمية الالتزام بجدول تناول الأدوية الموصوفة وهو أمر بالغ الأهمية لتقليل هذه المخاطر والحفاظ على صحة المرضى.
ونصحت باتباع بعض الإرشادات الرئيسية، كالالتزام بتناول الأدوية والجرعات الموصوفة، ومراقبة والإبلاغ عن أي آثار جانبية بانتظام، خاصة في بداية العلاج، إضافة إلى فهم كيفية عمل الأدوية وآثارها الجانبية وأي تفاعلات، ودمج اختيارات نمط حياة صحية في الروتين اليومي، والالتزام بجدول ثابت لتناول الأدوية، والتخطيط المسبق للسفر والأنشطة اليومية وحالات الطوارئ، وعدم التوقف أو تغيير جرعات الأدوية بدون استشارة الطبيب، لافتة إلى أن هذه الممارسات تضمن نتائج صحية أفضل وتعزز جودة الحياة، كما أن الفحص والوقاية دائماً أفضل من العلاج، والتشخيص والإدارة المبكرة أفضل من تأخير العلاج.
جهات غير مرخصة
أكد الصيدلاني خالد إسماعيل آدم، أن هناك عواقب تترتب على مدى تأخر المريض بتناول أدويته، أو التغيير على الوصفة الطبية وعدم الالتزام بها، وعلى سبيل المثال مرضى السكر، فالذي لم يتمكن من صرف أدويته، قد يصاب بغيبوبة، وإذا لم يتم إسعافه في الوقت المناسب فقد يؤدي إلى الوفاة، كذلك ممن يعانون من الأمراض النفسية، مجرد تأخر بسيط في تناوله لدواء قد يعرضه ويعرض حياة من حوله للخطر، كذلك عدم التزام أصحاب الأمراض المعدية والبكتيرية بوصفة الطبيب أو صرف جزء من الدواء قد يشكل خطورة في نقل العدوى إلى الآخرين.
وشدد على ضرورة توفير التأمين الصحي الذي يقي المرضى وبالأخص كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمعدية، حيث سيقلل ذلك من تكلفة العلاج وصرف الأدوية، إضافة إلى أن أصحاب الأمراض المزمنة بحاجة إلى الفحوصات الدورية، كما وجه لمن هم بحاجة إلى تناول المكملات الغذائية، وهي تفوق الأدوية سعراً، ألا يثقوا في بعض الجهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تباع بتكلفة أقل، وباختلاف في التركيبة والتركيز، كما أنها لا توضح الآثار الجانبية التي قد تترتب على تناولها، والخطورة الكبرى أنها لا تحمل ترخيصاً قانونياً من الجهات المختصة، فيتوجب العودة إلى الطبيب واستشارته.
عدم الالتزام بالمراجعات
أكد الدكتور مبارك الكندري، استشاري طب العائلة، أن هناك عدداً كبيراً من المرضى من يشتكي في المراجعات الطبية بارتفاع السكر في الدم أو يكتشف من خلال الفحوصات الطبية أن الضغط غير منتظم أو يجد أن نسبة الكوليسترول مرتفعة، وذلك بسبب الفترات المتباعدة للمراجعات، الأمر الذي يزيد الأمور تعقيدًا يوصلنا إلى الخطأ الأكبر وهو عدم التزام المريض بالوصفة الطبية، أو صرف الدواء بوقت يخالف الموعد الذي حدده الطبيب، وفي هذه اللحظة يعي المريض أن هذا التصرف خاطئ، وتسبب بتفاقم خطورة الحالة الطبية، فخلال هذه الفترة تتأثر شرايين المريض وقد يصاب بجلطات دماغية أو قلبية أو شرايين الشبكية أو الكليتان والأعصاب.
ونصح بالالتزام بالعلاج الموصوف ومناقشة الطبيب قبل مغادرة العيادة حتى يتسنى له شرح خطورة ذلك في حال كان المريض غير مقتنع، ولفت إلى أنه إذا كان التأمين لا يغطي الدواء وسعره مرتفع، يجب عدم التهاون والإهمال ومراجعة الطبيب لتحديد العلاج البديل، تفادياً لأية عقبات صحية
مروة مشاري: ضرورة تثقيف المريض صحياً
أكدت الصيدلانية مروة مشاري، أن رسم الخطط العلاجية لأصحاب الأمراض المزمنة هي الخطوة الأخيرة التي يعرّف بها الطبيب طبيعة المرض الذي يعاني منه المريض، بعد فحوصات دقيقة وتشخيص طبي يتناسب مع حالته الصحية، وكل الخطوات التي تسبق خطوة كتابة الوصفة الطبية والأدوية المناسبة، هي ذات طبيعة مكلفة لذوي الدخل المحدود ولمن لا يحمل التأمين الصحي، لذلك لابد أن يكون المريض على ثقافة ودراية بأهمية الالتزام بالوصفة الطبية، أو العودة لطبيب المختص في حال تعثره في شراء الأدوية بسبب غلاء أسعارها.
وأضافت: إنه لا يوجد بدائل أفضل من تلك التي قد يعيد صياغتها الطبيب بما يتناسب مع إمكانيات المريض المادية، ولفتت إلى أن عدم التزامه بتناول الأدوية التي وصفت من قبل الطبيب وفق الحالة الصحية من حيث المؤشرات والتحاليل ونوع المرض، يؤدي إلى مشاكل صحية وآثار جانبية خطيرة، مثل القيء والصداع واحمرار الجلد وصعوبة التنفس ونزيف الجهاز الهضمي، أو حدوث ردة فعل غير متوقعة من الجسم.