ال «بيتكوين» والبدائل

22:57 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *

مقابل سهولة التبادل عبر النقد الرقمي، هناك خطورة تقلباته التي يمكن أن تنزف المشاركين أي ادخاراتهم وأرباح الشركات وبالتالي تسبب الإفلاس. كما يمكن أن يحصل العكس أي الربح الكبير والسريع كحال أسواق الأصول الخطرة. الدخول في الأسواق الرقمية والمشفرة يشبه من يريد تبديل محرك الطائرة في الفضاء، وهذا يمكن أن يحصل لكن إمكانية النجاح متدنية. مع الوقت سترتفع فاعلية وسرعة وسلامة التبادل الرقمي والمشفر، لكن هذا يتطلب استثمارات في التكنولوجيا المعقدة، كما تحديث القوانين الراعية.
ماذا يحصل اليوم ضمن الأوضاع الاقتصادية العالمية الخطرة والمتقلبة؟ رفعت المصارف المركزية الفوائد لمحاربة التضخم، وتحول المستثمرون إلى الأصول الأقل خطورة كالذهب، وبالتالي تنخفض أسعار الأصول المشفرة. لذا لا يمكن اعتبار «البيتكون» ملاذاً آمناً خلال فترات التضخم. لا ننكر أن الاستثمار في البيتكوين وغيرها من الأصول المشفرة ارتفع خلال وباء كورونا لأن المستثمرين رأوا فيها منفذاً آمناً بعد فترات طويلة من الانفلاش النقدي التضخمي. كما أن عرض البيتكوين محدود ولا يمكن أن يتعدى 21 مليون وحدة إضافة إلى أنه لا سلطة عليه من أي حكومة أو مصرف مركزي. ارتفاع الفساد وسرقة المواطن وضعف الرقابة عالمياً، جميعها جعلت المواطن يفقد الثقة في النظام المصرفي الرسمي ويتحول إلى البيتكوين كنقد مشفر حر يخضع لتكنولوجيا متطورة سليمة.
دولة السلفادور اعتمدت البيتكوين كنقد رسمي كما الدولار الأمريكي، لكن حقيقة لم ينجح البيتكوين بعد كنقد لأن سعره يتقلب كثيراً وبالتالي ينظر إليه أكثر كأداة استثمارية منه كنقد.
يعتقد صندوق النقد أن الفوائد ستعود إلى مستواها المنخفض، حالما تنجح محاربة التضخم. هناك أسباب إنسانية تصب في صالح الاستقرار، منها ارتفاع نسبة المسنين في المجتمعات التي تتجنب المخاطر. انخفاض نسبة تحسن إنتاجية عوامل الإنتاج يصب أيضاً في صالح السلامة المالية والاقتصادية. عندما يستقر الاقتصاد الدولي، يمكن عندها للمصارف المركزية أن تدخل النقد المشفر رسمياً وتلغي النقد الورقي العادي. تصبح عندها السياسة النقدية الجديدة أسهل بكثير أي تحت السيطرة الكلية للمصارف المركزية. لن يتم هذا بسرعة إذ على المواطن أن يعتاد فكرياً على هذا التغيير.
يمر الاقتصاد الدولي حالياً في ظروف عدم استقرار يختلط فيه التقلب السياسي بالاقتصادي والمالي. ليست هناك مصلحة مالية لضرب النظام كلياً والانتقال إلى نظام آخر. كل محاولات الانتقال السابقة إلى أنظمة أخرى أخذت وقتاً طويلاً حتى استقرت. استقرار المنطقة صعب لأنها تعتمد على النفط والغاز وبالتالي كل الجهود التي بذلت حتى اليوم لم تعط كل النتائج. من ناحية أخرى لا يمكن إهمال أفضلية المصرف المركزي الأمريكي الذي يحارب من أجل قوة أمريكا ونفوذها. يفضل المصرف المركزي الأمريكي الإبقاء على الدولار النقدي وإدخال الرقمي والمشفر معه وليس استبداله بهما. ربما يكون هذا الحل العالمي المنطقي يراعي ظروف الداخل والخارج. كما أن اعتماد الحل المزدوج يؤدي إلى تسهيل التحصيل الضرائبي ومحاربة التهرب المالي.
* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3xp76t82

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"