بعيداً عن منصّات التواصل لبرهة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل نحو أسبوع تحدثنا عن حاجة الإنسان، ولو بين حين وآخر، إلى خلوة مع النفس بعيداً عما حوله من ضجيج، وأشرنا إلى أن هذا الضجيج لم يعد منحصراً في محيطنا الحياتي المباشر، بل إن وسائل التواصل الاجتماعي باتت باعثاً أكبر له. يومها وصلتني تعقيبات على هذا المقال من أصدقاء وصديقات من أهل الثقافة والفن، أغنت الفكرة، فالدكتورة هناء مروة من لبنان قالت: «أن يكون الإنسان، مهما علا شأنُه إنسانياً واجتماعياً وثقافياً، في خلوة اختارها لفترة، فهي نعمة، شرط أن يكونَ لديه ما يكفيه من سلالم الثقافةِ والتألّقِ والسموّ إلى ما يليق بإنسانيته ورسالته اللائقة في مجمل شؤونِ الحياةِ البشرية»، فيما رأت الدكتورة سونا قصّار من سوريا أن «الخلوة الحقيقية ليست في المكان، وإنما في القدرة على تهدئة الصخب «الداخلي»، فالهدوء الخارجي لا يضمن لنا الراحة من ضجيج أفكارنا».
الشاعر السوري المخضرم المقيم في أبوظبي علي كنعان قال في تعليقه على المقال: «جميل أن يخلو كل منا بنفسه، ولو يوماً في الأسبوع، بعض أصدقائي وصديقاتي يواظبون على الصوم كل اثنين، وأحياناً كل خميس واثنين. وأنا أجرب أحياناً أن أكتفي بتناول المتة صباحاً وأتابع الصوم مرة في الأسبوع.. وقد شعرت بنشاط غير عادي».
أما الفنان المصري مصطفى رحمة، فقد أورد عبارة لهنري ميل تصبّ في السياق ذاته: «أن تصمُت اليوم بأكملِهِ، بدون أن تقرأ أي صَحيفة، ولا تستمع إلى أي إذاعةٍ في الراديو، ولا تُشارك أو تستمع إلى أي ثرثرة أو نميمة فارغة، وأن تكون كسولاً تماماً، ولا تهتم إطلاقاً إلى أين يذهب العالم، فذلك كُله هو أفضل دواء يُمكن للإنسان أن يمنحه لنفسه».
جميل ما قاله الأصدقاء والصديقات، وليس بعيداً عنه نقرأ أن دراسة حديثة أجرتها جامعة «يورك» الكندية كشفت عن أن التوقف عن استخدام منصات التواصل الاجتماعي لأسبوع، قد أدى إلى تعزيز الثقة بالنفس، حيث قام الباحثون بتقسيم 66 طالبة إلى مجموعتين، حيث استمرت المشاركات في المجموعة الأولى في تصفح منصات التواصل الاجتماعي كالمعتاد، بينما توقفت الفتيات ضمن المجموعة الأخرى عن ذلك، وفي نهاية التجربة أفادت الفتيات في المجموعة الثانية اللاتي امتنعن عن استخدام منصات التواصل الاجتماعي لأسبوع، بتحسن صورتهن أمام أنفسهن.
عزا الباحثون التحسن الذي طرأ على المشاركات في المجموعة الثانية، ليس فقط إلى حقيقة أنهن ابتعدن عن وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما أيضاً إلى حقيقة أخرى، هي قيامهن باستبدال وقت تصفح منصات التواصل بتبني سلوكيات أكثر صحة، مثل قضاء وقت أطول مع الأصدقاء أو ممارسة الرياضة أو قضاء بعض الوقت في الهواء الطلق.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2m8b74n9

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"