لبنان- أ.ف.ب
منذ بدء التصعيد على الحدود مع إسرائيل، اعتاد إيلي رميح سماع دوي القصف في بلدته في جنوب لبنان، لكنه يقول: إنه عاش رعباً غير مسبوق ليل الثلاثاء، مع ضرب الجيش الإسرائيلي بشكل متزامن مئات الأهداف التابعة لـ«حزب الله»، إذ كانت حمم الصواريخ تحدث دوياً هائلاً ومتتابعاً.
ويوضح رميح (45 عاماً) وهو صاحب متجر ألبسة في بلدة مرجعيون، القريبة من الحدود مع إسرائيل، «كنا في المنزل وخلد الأطفال إلى النوم. كان كل شيء عادياً إلى أن بدأت الغارات ليلاً»، مضيفاً: «أحصيت أكثر من خمسين غارة وكدت أن أفقد صوابي».
مشهد مرعب
ويضيف: «كان المشهد مرعباً ولا يشبه ما عشناه منذ بدء التصعيد. أصوات لم نسمع لها مثيلاً». وأظهرت صور ومقاطع فيديو في مناطق عدة في جنوب لبنان ليل الثلاثاء، كتل نار ضخمة اندلعت بعد غارات جوية كثيفة طالت محيط بلدات عدة وأحدثت دوياً هائلاً تردد صداه في المناطق الحدودية وتلك المجاورة لها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان ليل الثلاثاء، شنّ غارات جوية على «المئات من منصات إطلاق الصواريخ» التابعة لـ«حزب الله»، قال: إنها كانت مجهزة للإطلاق باتجاه إسرائيل، إضافة إلى «نحو 100 قاذفة ومواقع بنى تحتية إضافية للإرهاب».
ويصف رميح حالة الهلع التي اعترته بعد عشرات الغارات المتلاحقة التي أحدثت دوياً هائلاً عصف بأرجاء منزله الواقع على تلة مشرفة على نقاط طالها القصف.
ويقول: «حملت أطفالي وتوجهنا إلى منزل أحد أصدقائنا داخل البلدة.. كنا في حالة رعب وخوف».
على غرار كثر من سكان جنوب لبنان، المقيمين في مناطق قريبة من الحدود لكنها بقيت بمنأى إلى حد كبير عن الضربات الإسرائيلية، يعيش رميح منذ 11 شهراً على إيقاع التصعيد المستمر بين «حزب الله» وإسرائيل.
ويقول بيأس يغلب على نبرة صوته: «بتنا نعيش في قلق دائم، سواء قبل تفجير أجهزة الاتصال أو بعدها. نعيش خوفاً من توسع الحرب، لا نعرف إلى أين سنذهب وبات الأمل بعيداً جداً عنا في لبنان».
منذ بدء الحرب في غزة، يستهدف «حزب الله» مواقع عسكرية وتجمعات جنود إسرائيليين. ويقول: إن هجماته تأتي «إسناداً» لقطاع غزة. وترد إسرائيل بقصف ما تصفه بأهداف و«بنى عسكرية» تابعة للحزب.
الحرب «مخيفة»
وارتفع منسوب التوتر هذا الأسبوع مع تفجير أجهزة اتصالات يستخدمها عناصر «حزب الله»، بشكل متزامن في مناطق عدة وعلى دفعتين، ما أسفر عن مقتل 37 شخصاً أغلبيتهم من عناصر «الحزب» وإصابة نحو ثلاثة آلاف آخرين.
وفاقم تفجير أجهزة الاتصالات مخاوف اللبنانيين من حرب واسعة.
وللوهلة الأولى، ظنّت نهى عبدو (62 سنة)، ربة المنزل المقيمة مع عائلتها في مرجعيون، أن وتيرة الغارات الكثيفة مقدمة لاتساع نطاق التصعيد.
وتقول: «لم نعرف ماذا يحصل، كنا نسمع صوت الطيران وإطلاق الصواريخ من دون توقف».
وتشرح: «خفت كثيراً، خصوصاً على أحفادي. كنا ننقلهم من غرفة إلى أخرى» قبل أن تضيف بتأثر ارتسم على ملامح وجهها «الحرب مخيفة».
وفي بلدة زوطر الشرقية، الواقعة على بعد أقل من عشرة كيلومترات عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل، يروي سكان تفاصيل الليلة «المرعبة» بعدما استهدفت إسرائيل مواقع عدة قريبة بالغارات.
وتوضح زينة حرب (30 عاماً) المدرّسة التي لم تترك بلدتها منذ بدء التصعيد رغم قربها من مناطق الاشتباك: «كانت الغارات غريبة لناحية الكثافة والألوان أو الدخان» الذي انبعث منها وغطى أجواء المنطقة بأكملها.
وتقول: «حاولنا أن نستجمع قوتنا ونصبر ونتحمل هذه العاصفة من القصف والرعب».
ومنذ 11 شهراً، شهدت زينة حرب موجات عدة من التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل.
وتوضح: «نحاول أن نحافظ على أعصابنا رغم القلق الكبير الذي عشناه مع توارد الأخبار والتحذير من انفجار الهواتف وتداول الشائعات، الذي خلق لدينا حالة من الهلع، فاقمها القصف الهمجي ليلاً».
وبعدما تصمت لبرهة، تضيف: «أتمنى ألا تتوسع الحرب وأن تنتهي بأسرع وقت، رغم قلقنا الدائم من أن تتدحرج الأمور وتخرج عن السيطرة».