حيث يجد الإنسان الاحترام والتقدير، يبدع ويُخرج أقصى طاقاته الدفينة للعلن. من هذا المنطلق فإن من واجب كل جهة عمل تطمح إلى الريادة، تأمين بيئة مهنية يشعر الموظف في ثناياها بالترحيب والدعم وبأنه فرد ذو قيمة، ضمن فريق عمل متعاون.
في كثير من المؤسسات حول العالم، تستتر ظاهرة التنمر في السر، لكنها في الوقت ذاته تتجلى من خلال السلوكيات والتصرفات السلبية التي يمارسها البعض تجاه زملائهم، خصوصاً أصحاب الخبرة ممن يغارون من كل وافد جديد، فيحاولون تثبيط عزيمته، حفاظاً على مكانتهم وخوفاً من يوم قد يتفوق فيه عليهم، فيسحب البساط الأحمر من تحت أقدامهم.
في الظاهر يبدو العمل، وكأنه يسير على خير ما يرام، والجميع يعملون بجد، ويبذلون قصارى جهودهم في سبيل تحقيق أهداف المؤسسة وتطلعاتها، بينما يمكن للمدير الذكي أن يقرأ ما يتوارى بين السطور من مشاعر الحسد والخوف التي تجيش في صدور فئة من موظفيه.
لكن هيهات أن تجد من بين 100 إداري، مديراً واحداً يعير اهتماماً كافياً لمن حوله. فالغالبية العظمى من المديرين يركزون على النتائج بدلاً من التركيز على صُنّاع النتائج؛ ألا وهم الموظفون، رأس المال الحقيقي للمؤسسة، والأصل الأكثر أهمية من بين جميع أصولها.
كم من موظف جديد يملك حافزاً كبيراً وحماسة شديدة للعمل والابتكار، يُحبط ويستسلم أمام واقع التنمر اليومي الممنهج، وكم من مبدع حقيقي انطفأ نوره قبل أن يلاحظ وجوده أحد، بسبب الضغط النفسي والاضطهاد الذي يتعرض له بصورة مستمرة ممن يفترض أن يكونوا أصدقاء عمل، يشاركونه فرحة الإنجاز!
يتساءل الكثيرون عن أهم الأسباب التي تؤدي إلى فشل عشرات المؤسسات، وإخفاق مئات المشاريع الجديدة، دون أن يدركوا حقيقة الأمر المتمثلة في أن النجاح مرهون بالإنسان، الذي خُلق ليبدع، حيث يشعر بالانتماء والتشجيع والصداقة. فنجاح العمل من نجاح القائمين عليه.
إن المدير المحنك فهو الذي يهتم بالعاملين تحت إشرافه، أكثر من اهتمامه بآلية سير المهام اليومية، فلا يفوته سلوك متنمر، أو تعليق جارح ولا حتى نظرة خبيثة تنسلّ من تحت الستار؛ ليتصدى على الفور لأي مكيدة تُنسج، ويضمن بيئة عادلة يحظى الكل فيها بالراحة والمساواة.
من أبسط حقوق الموظف أن يحظى بالاحترام والتشجيع، حيث يعمل. والإدارة الناجحة هي التي تضمن لموظفيها العمل في جو من الصداقة والتعاون المستمر، فتؤاخي بين الموظفين، وتبني جسور المحبة فيما بينهم، لتضمن بذلك نجاح كل فرد فيهم ونجاح المؤسسة ككل في نهاية المطاف.
https://tinyurl.com/32nums7c