شهر بالتمام والكمال انقضى على بدء العام الدراسي الجديد 2024-2025، تمكنت خلاله الإدارات المدرسية من تذليل العقبات التي واجهت بعضها من نقص في الكتب والزي والمدرسين. وما إن ركنت لتلتقط أنفاسها، إلا وجدت نفسها أمام مشكلة أكبر من كل ما تعاملت معه، مستنجدة بالأسر لحلها، قبل أن تتخذ إجراءات صارمة قد تصل إلى الفصل.
إنها مشكلة التنمُّر، التي تعتبر الأكثر خطراً بين الطلبة، كون تبعاتها غير محمودة، سواء على الطالب المتنمّر الذي قد لا تفلح السنوات في تقويم سلوكه على اعتبار أن «من شبّ على شيء شاب عليه»، أو المتنمَّر عليه الذي يجب عليه الاختيار بين أمرين، إما رد الفعل، أو السكوت على مضض، متحملاً تبعات ذلك على شخصيته ونفسيته.
مما لا شك فيه أن التنمّر في المدارس يمثل إحدى الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي تهدد البيئة التعليمية وتؤثر سلباً في حياة الطلاب، ورغم المحاولات المستمرة للحد من انتشاره، إلا أنه مازال يشكل تحدياً كبيراً يواجه المدارس، والخطير في الأمر أنه في عصر التكنولوجيا الحديثة لم يعد يقتصر على السلوك العدواني الجسدي فقط، بل ظهر بأشكال متعددة مثل التنمّر اللفظي والاجتماعي والإلكتروني.
غالباً ما يترك التنمّر آثاراً نفسية عميقة على الضحية قد تستمر لسنوات، حيث يشعر بمشاعر الاكتئاب والقلق، ويعاني تراجعاً في الثقة بالنفس، مما يؤدي إلى انعزاله أو حتى إصابته باضطرابات نفسية، كما يتأثر الضحية دراسياً، فيفقد التركيز والحماس للمشاركة في الأنشطة المدرسية أو الحضور بشكل منتظم، بالإضافة إلى التأثير النفسي.
والخطير في الأمر أن التنمّر لا يؤثر فقط في الضحية، بل يؤثر أيضاً في المتنمّر نفسه، فالسلوك العدواني الذي يتّبعه يمكن أن يعزز لديه مشاعر الغضب والعدوانية بشكل أكبر، مما قد يؤدي إلى عواقب سلبية في المستقبل، بما في ذلك مشاكل قانونية واجتماعية، ومع مرور الوقت، قد يجد المتنمّر نفسه معزولاً عن المجتمع المدرسي وحتى من أصدقائه بسبب سلوكه السيئ.
وزارة التربية والتعليم التي تحرص سنوياً على إطلاق «حملة الأسبوع الوطني للوقاية من التنمّر في البيئة المدرسية»، تعمل جاهدة لحماية حقوق الطالب وتعزيز رفاهيته وسلامته، إلا أنها لن تفلح في مسعاها ما لم تتضافر جهود المدرسة والأسرة لمحاربة التنمّر ورفضه وخلق بيئة تعليمية صحية وآمنة.
التوعية المستمرة وتعزيز قيم الاحترام والاهتمام بالصحة النفسية للطلاب هي مفاتيح القضاء على هذه الظاهرة السلبية وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
[email protected]
https://tinyurl.com/mc7knzey